تابعت نقابة المحامين العراقيين باهتمام بالغ حركة الاحتجاج السلمية الشعبية الواسعة التي اندلعت في الفاتح من تشرين الأول الماضي، والتي ما تزال مستمرة بزخم وحيوية وشمولية لمختلف الشرائح الاجتماعية والنقابات والاتحادات والجمعيات المختلفة، وانشغلت منذ بدايتها بإدارة حوار متنوّع مع الفاعليات والأنشطة الفكرية والسياسية والحقوقية الرسمية وغير الرسمية، بهدف تلبية مطالبها العادلة والمشروعة ،كما حذّرت من احتمال دخول البلاد في صراع مفتوح وفوضى لا تحمد عقباها، وسعت بما تملكه من إرث تاريخي ودور نقابي ومهني ومسؤولية وطنية في الدفاع عن العدالة والحقوق لتأمين الوصول إلى حلول سلمية للأزمة المستعصية، تلك التي اتسمت بانسداد الآفاق والتي عكست ضعف، بل وانعدام الثقة بنظام المحاصصة الطائفي – الإثني، الذي وصل إلى طريق مسدود.
ولأن البلاد تعيش في أوضاع استثنائية تهدد بالمزيد من التشظي والتشتت والتنازع، فلا بدّ من وضع حلول ومعالجات استثنائية طبقاً للمبدأ الفقهي الذي يقول إن للضرورة أحكام، ولأننا كرجال قانون نفترض الاحتكام إلى قواعده من جهة وإلى اللجوء إلى الحلول السلمية والواقعية والإنسانية من جهة أخرى لتجنب المزيد من الخسائر في الأرواح والأموال والممتلكات، فضلاً عن الحفاظ على الأمن والنظام العام وحماية مؤسسات الدولة تمهيداً لإصلاحات ممكنة وواقعية ومتدرّجة، فان نقابة المحامين العراقيين ندعو لتلبية المطالب العادلة والمشروعة بصورة عاجلة وسريعة وتحديد سقوف زمنية لذلك :
ان التظاهرات والاحتجاجات المستمرة والمتصاعدة وعلى امتداد العراق , تشكل ثورة شعبية عارمة رغم التفنن بوسائل القتل والخطف والاعتقال والاعداد الهائلة من الشهداء والجرحى والمصابين , ولابد من الاستجابه الفورية لمطالبها التي تشكل البوابة الحقيقية نحو معالجة الإرث الخطير والمتراكم للعملية السياسية في العراق منذ احتلاله سنة 2003 , لانها تمثل ارادة جميع العراقيين وعلى امتداد الوطن , ولامناص الا الاقرار والاعتراف بها بعد ان اكتسبت شرعيتها من انها مؤيدة من اغلب أبناء شعب العراق , مما يتطلب .
اولاً : حل مجلس النواب بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه , بناء على طلب من ثلث أعضائه طبقاً للمادة (64) من الدستور , كآلية وارده فيه ((على الرغم من تحفظنا على الكثير من العيوب والمثالب الوارده في الدستور والالغام العديدة التي احتواها)):
1- تكليف رئيس الجمهورية شخصية وطنية عراقية تتوفر فيه كافة الشروط والمواصفات والمعايير لرئاسة مجلس الوزراء لتشكيل الوزارة الانتقالية , طبقاً لما هو معلن ومكتوب من ساحات الانتفاض والاعتصام .
2- تحديد مفردات البرنامج والبيان الوزاري كمهمات اساسية تضطلع بها الوزارة الانتقالية وتكون ملزمة بتنفيذها خلال المدد الزمنية القصيرة اللازمة للتنفيذ .
3- على ان يتم ماتقدم عبر عملية سلسة يراعى بنظر الاعتبار مطالب حركة الاحتجاج والانتفاض الشعبي .
ثانياً : الاتفاق على وضع دستور جديد أو تعديل الدستور الحالي مع مراعاة القيم والمبادئ الديمقراطية ودون المساس بحقوق الإنسان والحريات، وبما يعزز المساواة والشراكة والعدالة، ولاسيّما الاجتماعية، يشارك فيها خبراء ومختصون وأكاديميون مشهود لهم بالاستقامة والمهنية، ويمكن للنقابة أن ترشح عدداً منهم ممن لهم باع طويل في العمل الحقوقي والفكري وفي القوانين والحقوق الدستورية.
ثالثاً : تشكيل لجنة من المختصين وأصحاب الخبرة لإعداد قانون انتخابات جديد يشارك فيها محامون وأكاديميون وحقوقيون ممن يتمتعون بالنزاهة والوطنية، مستفيدين من معالجة النواقص والثغرات والعيوب التي احتوتها القوانين السابقة.
رابعاً : إعادة النظر بالهيئات المستقلة وإبعاد المواقع الأساسية والحسّاسة عن كل ما له علاقة بالتقاسم الوظيفي المذهبي والطائفي، في إطار مشروع مستقبلي لتحريم الطائفية وتعزيز المواطنة في العراق ويمكن أن يتم التعاون بين مجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين والنقابات والاتحادات المهنية الأخرى.
خامساً : كشف الحقيقة، ما الذي حصل؟ ولماذا حصل؟ وتحديد المسؤولية طبقاً لقواعد العدالة الانتقالية والهدف هو جبر الضرر وتعويض الضحايا وإصلاح الأنظمة القانونية والقضائية والأمنية، لكي لا تتكرر مثل تلك الانتهاكات ، ولا بدّ من وضع أسس معالجة وطنية عامة وشاملة وقانونية ومجتمعية، بعيداً عن الإقصاء والإلغاء والتهميش.
سادساً : تحريك ملفّات الفساد وملاحقة الفاسدين والعمل على تفعيل دور القضاء واتخاذ الإجراءات اللازمة لكي يستطيع العمل بحيدة ونزاهة واستقلالية ومهنية، إضافة إلى تفعيل أجهزة الرقابة الأخرى.
سابعاً: تتحمل الحكومة الجديدة مسؤولية إجراء انتخابات جديدة لمجلس النواب وفقاً للدستور الجديد وقانون الانتخابات الجديد والهيئة المستقلة للانتخابات، خلال عام واحد غير قابل للتمديد، على أن يتعهّد أعضاؤها عدم الترشح فيها وعدم قبول أي منصب إداري في الحكومة التي تنبثق عن الانتخابات الجديدة.
ثامناً : يقع على عاتق الحكومة الجديدة وضع خطط التنمية المستدامة بجميع جوانبها موضع التطبيق، لاسيّما في مجال إيجاد فرص عمل وتقليص البطالة وتحسين مستوى المعيشة، وإيجاد نظام جديد للرواتب بتقليص الفوارق بين الحد الأعلى والأدنى بما فيها رواتب المتقاعدين، وتوفير المستلزمات الضرورية للخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي، ووضع الخطط المناسبة لمعالجة مشاكل السكن والبيئة والبلدية وغيرها.
تاسعاً : تشكيل مجلس مستشارين بموازاة الحكومة الجديدة ويقدم لها الاستشارات الضرورية بما فيها مشاريع بعض القوانين التي تتطلبها خلال العام 2020، على أن لا يرشح أي عضو من أعضائه الـ100 لأي منصب نيابي أو وزاري أو إداري. ويمكن للمجلس أن يطلب من الأمم المتحدة المساعدة في تقديم خبراتها في المجالات التي يحتاجها.