لقمان عبدالرحيم الفيلي
العاصفة المثالية هي حدث تجتمع فيه مجموعة نادرة من الظروف تؤدي الى تفاقم العاصفة بشكل كبير ومدمر.
وهذا المصطلح يستخدم في علم الأرصدة الجوية في قياسهم لنوع العاصفة الشديدة المتميزة والذي نتج عن مجموعة نادرة من الظواهر.
ومصطلح “العاصفة المثالية” مرادف تقريبًا لـ “السيناريو الأسوأ”، على الرغم من أن هذا الأخير يحمل أكثر من دلالة افتراضية.
في الحالة العراقية لدينا الآن اجتماع عدة عناصر سلبية مهمة تنذر بقرب حدوث عاصفة مثالية عراقية:
أولا – تفشي وباء كورونا عالمياً وليس وطنيًا فحسب، هذا الوباء سيؤدي الى انكماش الاقتصاد العالمي والدخول في مسار كوني غير واضحة معالمه ونتائجه بعد.
ثانيا – تظاهرات واضطرابات او انتفاضات شبابية ومجتمعية أدت إلى استقالة حكومة عراقية عمرها عام واحد فقط، تبعها حراك ساخن ومحاولات عديدة لترشيح وتشكيل كابينة وزارية جديدة، والتي زادت من إِضعاف الدولة في بسط سيطرتها على مختلف مرافق الحياة.
ثالثًا – انخفاض سريع لأسعار عصب العراق الاقتصادي والمالي “النفط”، والذي سيؤدي قريبا إلى اختناقات اقتصادية ومالية متعددة.
رابعا – صراع جيوسياسي ساخن بين ايران والولايات المتحدة على الأرض العراقية والذي واكب رغبة أطراف عراقية مهمة في اخراج القوات الاميركية والأجنبية من البلاد وبأي طريقة وبأسرع وقت.
بعض من العوامل أعلاه خارجية وقد لا يكون لنا قدرة كبيرة على تغييرها، والبعض الآخر محلية ووطنية والذي يعني ان بيدنا كعراقيين القدرة على التأثير عليها وتغييرها باتجاه إيجابي.
ولعل البلدان المستقرة تحشد وتستنفر كل امكانياتها لإدارة مخاطر او تبعات احدى العناصر (فضلاً عن اجتماعها) أعلاه، وتعلن ان معالجتها تحتاج إلى اعتبار هذه العناصر خطرا كبيرا على أمنها القومي/ الوطني.
تحديد الأولوية سيكون هو المقدمة الأساسية لانجاح فرص تقليل تداعيات هذه العاصفة المثالية، علما بأن هذه الأولوية من الضروري ان تشمل السعي إلى استقرار سياسي يفضي الى تشكيل كابينة حكومية فعالة وقوية قادرة على حسن ادارة هذا التعقيد وإدارة الأزمات في اقرب وقت. وتحدد هذه الكابينة آلية معالجة تداعيات عناصر العاصفة المثالية وكيفية حلها مع إعطاء رسائل طمأنة للمجتمع بأن ربان وكادر السفينة قادران على تجاوز المرحلة بأقل الخسائر.
ولعل من أخطر السيناريوهات هو في مواجهة سفينة “العراق” غير المستقر وسط عاصفة مثالية في بحر هائج يؤدي الى كارثة إنسانية ومجتمعية كبيرة، لا سمح الله، والتي ستؤدي إلى انهيار مقومات الحياة لبناء التنمية والسلم المجتمعي.
حفظ الله العراق وأهله من كل مكروه
للمشهد بقية..