دعوات للإفطار في رمضان تثير جدلاً

1

 
 
«لا أنتظر فتوى من أحد بشأن رمضان، فأنا أدرى بما ينفعني»… بهذا ردَّ أحمد بوزيان؛ الستيني المتقاعد من الجامعة ويقيم بولاية البليدة الجزائرية، وهي بؤرة «كوفيد19»، على جدل كبير أثاره وزير التجارة سابقاً؛ الكاتب الكبير في شؤون الحضارات نور الدين بوكروح، الذي نشر مقالاً طويلاً «نصح» فيه المسلمين بالإفطار في شهر الصيام، لـ«تقوية جهاز المناعة حتى يمكنهم التصدي للوباء».
يفكر غالبية الجزائريين مثل أحمد بوزيان، ومنهم من يعانون من أمراض مزمنة تجعلهم أكثر عرضة لخطر الموت في حال انتقال العدوى إليهم، ولكن لا مجال للحديث عن «إفطار رمضان» تماماً. كما أن حظر التجول الذي يبدأ من الثالثة مساء، لم يمنعهم من التبضّع لتوفير الحاجيات التي يقتضيها الشهر الفضيل، فالمساحات التجارية الكبيرة والصغيرة والأسواق العشوائية، استقطبت إليها عدداً كبيراً من المتسوقين، كما لو أن البلاد لا تعيش طارئاً صحياً ووضعاً خطيراً.
غير أن الفارق هذا العام؛ قياساً بالعام الماضي، هو أن الجزائريين سيفتقدون «مطاعم الرحمة» التي تستقبل آلاف الفقراء والمسافرين الذين يدركهم وقت الإفطار وهم في الطريق، كما أن المساجد لن تشهد أفواج المصلين الذين يؤدون صلاة التراويح بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي، التي تنفذ بصرامة. وكان كثيرون يأملون في أن تفتح قاعة الصلاة الفسيحة بـ«جامع الجزائر الأعظم»، الذي انتهت الأشغال بأغلب أجنحته، وقد جاءت الجائحة الصحية لتعطي للمؤسسة المكلفة الأشغال فسحة لإتمام المشروع الذي يرمز لفترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان يعدّه «من أهم إنجازاته»، وقد استقال من دون أن يحقق حلمه في أن يدشّنه بنفسه.
وتابع المنشغلون بتداعيات الوباء على الصوم، باهتمام المواجهة عن بُعد بين «المجلس الإسلامي الأعلى»، بصفته جهة رسمية مسؤولة عن الفتوى الدينية، والكاتب بوكروح الذي شجع على الإفطار هذا العام. ودعا «المجلسُ»، من دون ذكر الوزير الأسبق بالاسم، إلى «تجنب التشويش على عقل المواطن واستقراره»، وإلى أن تبقى الفتوى في النوازل من اختصاص «هيئة الفتوى» التابعة له، على أساس أنها هي من يضطلع بها فقهاً وقانوناً.
وقال أعضاء الهيئة الدينية: «إذا كان لبعض العلماء آراء في الموضوع (إفطار رمضان بسبب كورونا) فالواجب يقتضي منهم أن يتواصلوا مع هيئة الفتوى، بهدف جمع الكلمة المطلوبة شرعاً وحكمة». وهاجم «المُتَجَرِّئين على الفتوى»، داعيا إلى «الالتزام بحدود الحياء، ويسلموا لرأي الجماعة»، مندداً بـ«ابتداع ضلالات تشكك المسلمين في صلاح دينهم، وأصالة حضارتهم. وما النصر إلا من عند الله».
وكان بوكروح دعا، في مقاله «فيروس كورونا والحضارات»، المسلمين إلى «تأجيل صوم رمضان ريثما يخترع لهم الغرب المصل المضاد لوباء (كورونا)». وعدّ «حفظ الأرواح مقدّم على العبادات»، وأن «الإفطار يحمي أجسام المسلمين من الوباء». وقال وزير الدولة سابقاً، الإسلامي أبو جرة سلطاني في مقال ردّاً على زميله سابقاً في الحكومة، إن «أخطر ما جاء في مقاله، ليس دعوته المسلمين إلى تأجيل صوم رمضان في العالم الإسلامي، في انتظار ما ستكشف عنه جهود البحث المخبري لدى العالم المتحضّر، وإنما تشكيكه في جدوى التضرّع إلى الله بالدعاء ليرفع الغمّة عن البشرية».

التعليقات معطلة.