روى أحد المخبرين أنه كان يخفي شريحة هاتفه المحمول في وحدة تنقية المياه لتجنب اكتشاف رجال تنظيم الدولة الإسلامية لها. وكان آخر يخبئ شريحة هاتفه في جوال من الأرز وكان يتصل بالضباط العراقيين الذين يتعامل معهم من الدور السفلي في بيته.
وقال مسؤولون عسكريون عراقيون ومسؤولو مخابرات كورد إن هؤلاء كانوا من بين عدة مئات من سكان الموصل الذين قدموا معلومات عن أهداف الدولة الإسلامية خلال المعركة التي استمرت تسعة أشهر وانتهت بتحرير الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية.
وكان من بين هؤلاء سائقو سيارات أجرة وجنود عراقيون وبعض المنشقين على الدولة الإسلامية.
ويقول المسؤولون إنه لولا ما قدمه هؤلاء من مساعدة لاستمرت الاشتباكات لفترة أطول في أزقة الموصل الضيقة.
وقال علاء عبد الله الرقيب السابق بالجيش البالغ من العمر 30 عاما والذي كان واحدا من هؤلاء المخبرين وظل في الموصل بعد سقوطها في أيدي مقاتلي التنظيم عام 2014 ”كنت خائفا طول الوقت. لأنك تدفع الثمن بدمك. تدفع الثمن بحياتك إذا أمسكوا بك“.
وأضاف مستخدما اسما شائعا للتنظيم ”كانت أمي تقول لي أنت لا تزال صغيرا. لكني كنت أقول لها في كل مرة أرى فيها مقاتلا من داعش كانت تشيب لي شعرة. ويمكنك أن ترى كل شعري الأشيب الآن. من كل تلك الكراهية والخوف“.
وتحررت المدينة التي كان عدد سكانها قبل الحرب حوالي مليوني نسمة في يوليو تموز الماضي. وكانت الهزيمة التي مني بها التنظيم تبدو مستبعدة في يونيو حزيران عام 2014 عندما اجتاح مقاتلوه الموصل.
ورحب كثيرون من المسلمين السنة الذين يشكلون أغلبية سكان المدينة بالتنظيم إذ كانوا يشكون من مظالم عايشوها على أيدي الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة. واستسلم الجيش العراقي وفر جنوده وتركوا أسلحتهم خلفهم.
وكانت الموصل أبرز مغانم الدولة الإسلامية في العراق وأصبحت جزءا من دولة الخلافة التي أعلنها التنظيم وامتدت داخل الأراضي السورية. ومن الجامع الكبير في الموصل أعلن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي نفسه خليفة على المسلمين في يوليو تموز 2014.
إلا أنه بحلول الوقت الذي شنت فيه القوات العراقية هجومها البري الكبير لاستعادة الموصل في أكتوبر تشرين الأول عام 2016 بدعم من مقاتلين كورد وفصائل شيعية والقوة الجوية الأمريكية كان كثيرون من سكان المدينة قد انقلبوا على التنظيم الذي استخدم أساليب وحشية في فرض سيطرته. وكان التنظيم يقتل خصومه بالرصاص أو يقطع رؤوسهم.
وقال بعض السكان إن تصرفات مثل تدخين سيجارة كان عقابها 40 جلدة.
وفي مقابلات مع رويترز روى تسعة مسؤولين عسكريين من العراقيين والكورد ومخبرون وأقاربهم تفاصيل الإعداد لمعركة تحرير الموصل.
فبينما كان قادة الجيش العراقي والمستشارون الأمريكيون يعدون للهجوم البري كان ضباط المخابرات يجندون المخبرين ويقيمون تحالفات مع العشائر السنية في المنطقة ويخترقون الدائرة المقربة من البغدادي.
وكانت المخابرات العراقية قد اختبرت استخدام المخبرين في العملية الناجحة التي انتهت باستعادة معقل آخر للدولة الإسلامية في مدينة الفلوجة في يونيو حزيران عام 2016.
والآن حان وقت تطبيق ذلك الأسلوب على نطاق أوسع في الموصل.
ولم تستطع رويترز التحقق من مصدر مستقل من كل تفاصيل روايات المخبرين. لكن العناصر الرئيسية فيما قدمه هؤلاء المخبرون الذين لم يكن أي منهم يعرف الآخر كانت متسقة.
وقال لاهور طالباني مسؤول مكافحة الإرهاب في اقليم كوردستان لرويترز ”كنا نعمل بجد لاختراق الشبكات وإقامة الاتصالات التي ستظهر فائدتها بمجرد أن تبدأ المرحلة العسكرية. وأتى ذلك بالنتيجة المرجوة. فقد استطعنا التواصل مع بعض المقربين بدرجة كافية لمعاونتنا في جهودنا“.
وقال طالباني إن كثيرين أصبحوا مخبرين لأنهم ”آمنوا فعلا بقضية القضاء على الدولة الإسلامية“.
كان دافع قلة من هؤلاء مجرد الحصول على المال من أجل توفير الطعام. وانشق مقاتلون من التنظيم عليه عندما رأوا بأعينهم أن سقوطه ”محتم ووشيك“.
وأشار سكان الموصل الذين التقت بهم رويترز إلى تحديات مستقبلية. وقالوا إنه ربما يكون أهل المدينة قد رفضوا الدولة الإسلامية لكن ذلك لا يعني قبولهم حكم بغداد.
والارتياب في حكومة العراق برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي عميق بين السنة في الموصل. ويحسد البعض الكورد على ما أخذوه من خطوات في شمال العراق من أجل إعلان دولتهم المستقلة.
* رجال صدام
قال مسؤولون عراقيون إن المخابرات العسكرية العراقية بدأت منذ أوائل 2016 التواصل مع المخبرين المحتملين وحلفائها عبر وسطاء.
وفي البداية لجأ ضباط المخابرات إلى العشائر السنية التي كان لها دور حاسم في طرد تنظيم القاعدة في عامي 2006 و2007.
غير أن المقدم صلاح الكناني ضابط المخابرات العسكرية قال إن الخوف من الدولة الإسلامية كان يلجم العشائر. فقد أراد أحد رجال العشائر ضمانا بأن مقاتلي التنظيم لن يحرقوه حيا إذا ما أمسكوا به.
وفي أغسطس آب 2016 حدثت انفراجة.
فقد اتصل الكناني ورجاله بأحد المساعدين المقربين للبغدادي وهو علي الجبوري المعروف أيضا باسم أبو عمر الجبوري وهو ضابط سابق بالحرس الجمهوري في عهد صدام حسين انضم للدولة الإسلامية عندما اجتاحت الموصل عام 2014.
كان الضباط من عهد صدام عنصرا فعالا في صعود الدولة الإسلامية وكانوا مدفوعين في الأغلب بالكراهية المشتركة للحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد.
غير أن بعض هؤلاء الضباط ومنهم الجبوري أصيبوا بخيبة أمل من الوسائل الوحشية التي يستخدمها التنظيم والنفوذ المتنامي للمقاتلين الأجانب الذين تدفقوا على الموصل.
وقال الكناني إن ضابط مخابرات عراقيا بدأ يتفاوض مع الجبوري من خلال عشيرة الجبوري. وبعد التردد في البداية وافق الجبوري على قيادة 60 رجلا في التمرد على التنظيم بما يتزامن مع بداية الهجوم البري في أكتوبر تشرين الأول 2016. وتولى الجيش العراقي تزويد الجبوري بالسلاح والذخيرة. وقدم الجيش تطمينات للجبوري ورجاله مؤكدا أنهم لن يقدموا للمحاكمة عن أي جرائم سابقة.
غير أن هذه الخطة فشلت.
وبدأ رجال التنظيم يرتابون في مقاتل من الموالين للجبوري حسبما قال الكناني واستولوا على هاتفه المحمول الذي كشف عن تفاصيل الخطة لتسليم أسلحة وذخائر إلى بيوت داخل الموصل. واعترف الجندي بكل شيء تحت التعذيب.
وقال الكناني ”نجحت داعش في اختراق مجموعة الجبوري وقامت بإعدامه مع كل رجاله فقط بعد مرور شهرين“. وقال مسؤولون إن الدولة الإسلامية كانت تعذب الأسرى في كثير من الأحيان لأسابيع أو أشهر لانتزاع المعلومات منهم. وكانت محاكم التنظيم تصدر أحكام الإعدام.
* لوحات السيارات ومصانع القنابل
بينما كان مسؤولو المخابرات يتواصلون مع الجبوري بدأوا أيضا استمالة مدنيين في الموصل ممن سقط أقاربهم قتلى على أيدي التنظيم. وقدر المسؤولون أن الرغبة في الانتقام قد تسهل تجنيدهم.
وكان سائق سيارة أجرة يدعى محمود مخبرا. وقال لرويترز إن الدولة الإسلامية سجنت شقيقه وابن عمه في يوليو تموز 2014 لأنهم قدموا معلومات للجيش العراق عن تحركات التنظيم في الموصل. وأضاف أنه لم ير أيا منهما بعد ذلك.
وقال محمود الذي طلب من رويترز حجب اسمه الكامل ”بعد أن أخذوا أخي أردت أن انتقم منهم“.
كان يتنصت في سيارته الأجرة على محادثات المتشددين. وكان يتصل بضابط أمن عراقي من الدور السفلي في بيته وقدم معلومات عن المباني التي يحتلها المتشددون ومواقع السيارات الملغومة ومصانع المتفجرات.
وقال محمود ”اعتدت أخذ الشريحة من هاتفي وإخفاءها في السكرية أو في جوال الأرز“.
أما علاء عبد الله الرقيب في الجيش الذي تحول إلى مخبر فقال إنه اختفى عن الأنظار عندما سيطر التنظيم على الموصل عام 2014 ونادرا ما كان ينام في مكان واحد ليلتين.
وباعتباره مترجما سابقا لدى القوات الأمريكية خلال الاحتلال الأمريكي كان يعتقد أنه هدف للمتشددين. كما أمضى وقتا في تدريب مجندين في الجنوب الشيعي وكان يخشى أن يتهمه المتشددون السنة بالكفر.
وخبأ عبد الله هاتفه في وحدة تنقية المياه. أما شقيقه فكان يعمل سائقا لسيارة أجرة مثل محمود وكان مصدرا غنيا للمعلومات.
وقال عبد الله ”مقاتلو داعش كانوا يركبون السيارة ويحكون لي ما سمعوه“. وعمل عبد الله مع ضابط بمخابرات الشرطة يدعى عايد جاسم لتجميع شبكة من 30 مخبرا في المدن والقرى القريبة من الموصل.
وأكد جاسم الذي كان يقيم في بلدة القيارة جنوبي الموصل تلك الرواية. وقال إن المخبرين كانوا يقدمون التفاصيل عن تحركات المتشددين وأرقام لوحات سياراتهم وأماكن التقائهم.
وقال جاسم إنه نتيجة لذلك قتلت هجمات جوية شنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ما يصل إلى 50 متشددا في بعض الأسابيع.
وأضاف جاسم أنه فقد 27 فردا من عائلته على أيدي الدولة الإسلامية وقال ”نجاح المخبرين خلق جوا من الريبة في داعش“.
وقال مسؤول أمريكي إن التنظيم ”أمهر في اكتساب أعداء له من الاستيلاء على الأراضي“.
واعترافا بالخطر الذي يمثله المخبرون جعل التنظيم ممن يمسك بهم من الجواسيس أمثولة.
فعندما ضبط التنظيم إبراهيم وإدريس ناصر ينتهكان حظرا على استخدام المحمول اكتشف أن الرجلين على اتصال بقوات الأمن العراقية وذلك بإعادة طلب آخر رقم اتصلا به وذلك حسبما قال ابن عمهما نوفل يوسف. وقتل كل من الاثنين برصاصة في الرأس.
وقال يوسف ”علقوهما … في شارع رئيسي عشرة أيام. وعلقوا على صدر كل منهما ورقة“ كتب عليها ما معناه أن هذا الرجل خائن وتحذير من المصير نفسه لمن يتعاون مع قوات الأمن العراقية.
* التقدم يجلب الانشقاق
قال مسؤولون عراقيون إن انتزاع السيطرة على الفلوجة، التي كانت معقلا للدولة الإسلامية وتبعد 60 كيلومترا غربي بغداد، في يونيو حزيران من عام 2016 كان حاسما في الحرب ضد المتشددين. وكانت الفلوجة أول مدينة تقع تحت سيطرة الدولة الإسلامية في يناير كانون الثاني 2014. ومع استعادتها نما شعور لدى العراقيين بإمكانية دحر التنظيم. وسبق نشوب المعركة تمهيد استمر عدة شهور. وقاد جهاز مكافحة الإرهاب الهجوم ودعمت الضربات الجوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تقدم قوات الجهاز كما لعبت فصائل شيعية مسلحة دورا بارزا.
وقال اللواء نجم الجبوري وهو قائد بارز في الحملة على الموصل لرويترز إن تقدم الجيش العراقي في ميدان المعركة خلال عام 2016 شجع عددا متزايدا من أعضاء الدولة الإسلامية على خداع قادتهم. كما مثلت استعادة بلدة القيارة، وكذلك قاعدة القيارة الجوية، الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترا جنوبي الموصل في يوليو تموز 2016 لحظة فارقة.
وقال ضابط بالجيش كان يتعامل مع متشدد مسؤول عن اتصالات الدولة الإسلامية، إن المتشدد تواصل مع الجيش عبر وسيط لعرض خدماته. وجرى توعية المتشدد بسبل تفادي كشفه. وكان المتشدد يتواصل مع الضابط عبر اسم مستعار وينقل له تفاصيل عن زعماء الدولة الإسلامية وأرقام الهواتف التي يستخدمها المتشددون. وقال الضابط إن معلومات المخابرات التي وفرها هذا المتشدد ساعدت الجيش في استعادة عدة بلدات وقادته إلى مقبرة جماعية في تلعفر غربي الموصل.
وقال مسؤولون في الجيش العراقي إن فتح جبهة جديدة شمال غربي الموصل في مايو أيار 2017 أدى إلى مزيد من الانشقاق. فقد وفر متشددون معلومات مقابل حصولهم على عفو. ووفر هذا الأمر معلومات حيوية عن زعماء الدولة الإسلامية واتصالاتهم ومخازن ذخيرتهم.
وقال اللواء الجبوري إن ذلك ساهم في أن تسير المعركة بوتيرة أسرع إذ كان المخبرون يبلغون الجيش بمواقع السيارات الملغومة فيستهدفها قبل أن يجري استهداف قواته. وأضاف أن تلك المعلومات قدمت عونا كبيرا للجيش العراقي وخصوصا فيما يتعلق بتحديد هوية وأماكن وجود قادة التنظيم المتشدد.
وبمجرد دخولهم الموصل طهرت قوات جهاز مكافحة الإرهاب المتشددين من الشوارع الضيقة في حين التقطت الطائرات الحربية الأمريكية أهدافها من أعلى.
*انتصار غير مؤكد
ويعترف بعض المسؤولين العراقيين بأن أسئلة لا تزال عالقة بشأن قدرة الجيش العراقي في الاحتفاظ على الأمد الطويل بالسيطرة على الأراضي التي استعادها بمساعدة الطائرات الأمريكية والفصائل الشيعية والمقاتلين الكورد. ومقارنة بجنود جهاز مكافحة الإرهاب الذين دربتهم الولايات المتحدة يفتقر معظم أفراد الجيش العراقي للتجهيزات والانضباط.
وقال الكناني، ضابط المخابرات العسكرية، إن جندي قوات مكافحة الإرهاب لديه أحدث الأسلحة الأمريكية ومعدات تصل كلفتها إلى 16 ألف دولار بينما الجندي العادي يحصل على زي عسكري وسترة بتكلفة لا تتجاوز 100 دولار فحسب.
وقال ”لديهم أفضل الأسلحة الأمريكية المتطورة والتجهيزات التي يصل سعرها إلى 16000 دولار… بالنسبة للجندي العادي نحن نجهزهم ببدلة وصدرية مضادة للرصاص تصل تكلفتها إلى 100 دولار فقط“.
وقال الشيخ طالب الشمري من قبيلة شمر، وهي قبيلة سنية شاركت بمقاتلين وتوفير معلومات المخابرات في الحرب ضد الدولة الإسلامية، إنه رغم النصر فإن حكومة بغداد التي يقودها الشيعة ليس بإمكانها الاعتماد على ولاء سكان الموصل ذات الأغلبية السنية. وأضاف أن السنة في الموصل يريدون حكما ذاتيا.
وحذر قائلا ”أهل الموصل يجب أن يكون لديهم الدور في كيفية إدارة مدينتهم دون أن يتم معاملتهم على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية. لن نقبل مطلقا أن تقوم بغداد مرة ثانية للعودة لإدارة الموصل من قبل قوات عسكرية. سوف نقاوم ونجد مليون طريقة للمطالبة بإدارة مستقلة خاصة بنا“.
وقال زهير الشلبي وهو مستشار حكومي إن الحديث عن حكم ذاتي يمثل ”لغة الخاسر. الموصل تفتخر بهويتها العراقية الأصيلة ولن يقبل أي أحد بهذا المنطق“.
والموصل ليست منفردة في تحدي سلطة الحكومة المركزية في بغداد.
ففي شمال البلاد يسعى كورد العراق إلى بناء دولتهم المستقلة. فقد صوتوا بغالبية كاسحة من أجل الاستقلال في استفتاء أجري في 25 سبتمبر أيلول. وتقول بغداد إن هذه الإجراءات غير دستورية. وتصر حكومة العبادي على أن تركز جهودها على إنهاء الفتنة الطائفية.
وتخشى الولايات المتحدة من أن يؤدي تقسيم العراق لزيادة زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. وإيران الشيعية قلقة من أن يضعف التقسيم نفوذها. ولإيران تأثير على حكومة بغداد وعلى الفصائل الشيعية العراقية.
وبالنسبة لبعض سكان الموصل يمثل اقتصاد العراق المدمر والفساد المتفشي أهم المشكلات الملحة. وحل العراق في المرتبة 166 من إجمالي 176 دولة على مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية.
وشكك أحد المخبرين، وهو طالب اسمه المستعار صلاح العراقي، في أن يعود الرخاء إلى مدينته.
وقال، بينما كان واقفا قرب جسر بين شرق الموصل وغربها، إن العراق سيكون أفضل كثيرا إذا ما جرى التخلص من قادته وأحزابه السياسية مضيفا أن مجمل النظام ينبغي إصلاحه.
وبدا طالب ومخبر آخر، يدعى أبو حسن، محبطا كذلك. واستغل عمله كسائق سيارة أجرة لجمع المعلومات لصالح الجيش العراقي. ويقول إن الضباط المسؤولين عنه وعدوه باستعادة عمله القديم في الجيش براتب شهري قدره ألف دولار عند تحرير الموصل. وأضاف أنه عندما ذهب إلى بغداد للمطالبة بوظيفته عاد خالي الوفاض.
وهذه الأيام يشعر أبو حسن بالمرارة. فهو يكسب سبعة دولارات في اليوم من عمله كسائق. ورفضت وزارة الدفاع العراقية شكاواه.
وقال المقدم مهدي الأمير ”كان يتوجب عليه فعل ذلك من أجل مساعدة بلده وليس من أجل الحصول على وظيفة. هذا هو الفرق بين الجنود الحقيقيين والمرتزقة“.