في اليوم العالمي لحقوق الإنسان … فليكن شعارنا الحرية وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني

1

د. فوزي علي السمهوري

يحتفل العالم في 10/12 بمرور 72 عاما على صدور الإعلان  العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 الذي بقي إلى حد كبير إطارا نظريا يخضع للتوظيف السياسي من دول كبرى.

مكانة الإعلان العالمي:

يحتل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مكانة كبيرة في النظام العالمي سواء من حيث توقيت إصداره بعد الحرب العالمية الثانية، وما شابها من جرائم وأفعال همجية آذت ضمير الإنسانية، أو من حيث أحكامه ومقاصده بالرغم من أنه لا زال بعيدا عن الاحترام والتطبيق بل يشهد انتهاكات صارخة حتى في أكثر الدول الداعية إلى احترامه والنهوض بواقع حقوق الإنسان على المستوى العالمي.

فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان يشكل:

– المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه الشعوب والأمم كافة ويتعين حمايتها عالميا.

– يمثل إقراره واتخاذه مرجعا قياسيا اعترافا دوليا بأن احترام وكفالة حقوق الإنسان هي أساس الحرية والعدالة والسلام.

– بعد المصادقة الواسعة لدول العالم اكتسبت لائحة الحقوق الدولية “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”  قوة القانون الدولي.

انتهاكات صارخة لحقوق شعب … فلسطين نموذجا:

مثلت القضية الفلسطينية نموذجا حيا على أعظم إنتهاك صارخ في ظل صمت دولي تعرضت وتتعرض له فلسطين وطنا وارضا وشعبا:

– خلافا لمبادئ  وأهداف الأمم المتحدة .

– لأحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهود والمواثيق الدولية.

هذا الانتهاك الصارخ المستمر منذ سبع عقود والممتد منذ فرض بريطانيا إنتدابها واحتلالها العسكري لفلسطين في اوائل القرن العشرين وحتى الإعلان عن إنهاء انتدابها بعد تمكين العصابات الصهيونية العنصرية المسلحة من:

• إعلان دولة مصطنعة طارئة على ارض فلسطين.

•  ارتكاب سلسلة من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم  تطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني أسفرت عن  طرد مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني بقوة السلاح خارج وطنهم التاريخي والمطلق عليهم سياسيا “لاجئين”.

•  احتلال باقي أرض دولة فلسطين إثر عدوان حزيران عام  1967 وما أسفرت عن نتائج أثرت سلبا على طبيعة وشكل ومستوى وأمن وحياة الشعب الفلسطيني من مظاهر  سلب لحريته وتهديد مستمر بحقه في الحياة الآمنة وقتل وحصار وتدمير منازل بل وبانتهاك لكافة الحقوق المكفولة في لائحة الحقوق الدولية.

• تمكين سلطات الاحتلال الاستعماري الإحلالي العنصري الإفلات من المساءلة والعقاب على جرائمه وانتهاكاته ولضربه عرض الحائط بل التبجح بعدم الإعتراف الفعلي والعملي  بالالتزام بميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، ما حدا بقادة الكيان الصهيوني المضي قدما في ظل غياب رادع دولي بارتكاب كافة أشكال الجرائم وأعمال الاضطهاد والهمجية بحق الشعب الفلسطيني في مسعى لترسيخ وتأبيد احتلاله الذي “يجسد أخطر وأعظم إنتهاك لحقوق الإنسان” لأراضي الدولة الفلسطينية “تحت الاحتلال”.

ما تقدم لا يمثل إلا القليل من سلسلة لعناوين مليئة بالتفاصيل من السياسات القائمة على الانتهاكات التي مارستها ولم تزل تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي الاستعمارية بعنصريتها وهمجيتها تحت نظر الدول الكبرى التي تقع عليها مسؤولية التصدي وحماية مبادئ وأهداف الأمم المتحدة ومبادئ حقوق الإنسان حال تعرضها للانتهاكات الممنهجة.

هذه الانتهاكات الصارخة الممتدة منذ ما يزيد عن 72 عاما  بحق الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح  تستدعي من المجتمع الدولي الذي يحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان أن يترجم التزاماته التي جسدها عبر المصادقة على العهود والمواثيق الدولية وإيمانه بكفالة وسمو حقوق الإنسان على ما عداها من اعتبارات أن تبادر إلى اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة الداعمة لحقوق  الشعب الفلسطيني المحروم من التمتع بها وذلك بإلزام سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحت طائلة المساءلة على:

▪ إنهاء كافة أشكال الانتهاكات الواقعة والمحيقة بالشعب الفلسطيني وعلى رأسها إنهاء الإحتلال لأراضي الدولة الفلسطينية التاريخية.

▪ إرغام سلطات الاحتلال الصهيوني العدواني والعنصري على وقف ارتكاب جرائمه وانتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان بعقد فلسطين أرضا وشعبا ووطنا.

▪ العمل على ضمان احترام وكفالة حقوق الإنسان الفلسطيني المكفولة بالإعلان العالمي لحقوق الانسان أفرادا وشعبا.

سمو حقوق الإنسان:

تمثل الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان الفلسطيني فردا وشعبا تحديا كبيرا لإرادة المجتمع الدولي “في فرض احترام مبادئ حقوق الإنسان”، وخاصة للدول دائمة العضوية بمجلس الأمن وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية “التي انقلبت في عهد ترامب على مبادئ لائحة الحقوق الدولية بانحيازها الأعمى لنتنياهو ومعسكره بما يمثله من تطرف وعنصرية وعداء للإنسانية وللشرعة الدولية” ولدول الاتحاد الأوروبي التي تمثل راعية وداعية لترسيخ حقوق الإنسان عالميا.

بناءً على ما تقدم ولتعزيز المصداقية والثقة بأهمية وضرورة تجسيد حقوق الإنسان عمليا على أرض الواقع دون ازدواجية ودون توظيف سياسي، فالشعب الفلسطيني ومن منطلق إيمانه بسمو حقوق الإنسان (وهذا ما تضمنه القانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية” دولة فلسطين تحت الاحتلال”) وبعدالة قضيته الوطنية يناشد المجتمع الدولي أن تتضافر جهوده بدعم نضال الشعب الفلسطيني للتحرر والحرية من نير الاستعمار الصهيوني تنفيذا للقرارات الدولية من جهة وكفالة لحقه التمتع بكافة الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومنها:

أولا: حقه بممارسة تقرير المصير والتصرف الحر بثرواته وسيادته على وطنه تنفيذا للمادة الأولى لكل من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ثانيا: حماية الشعب الفلسطيني من الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي والتي تصنف في العديد منها كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ثالثا: حماية حق الإنسان الفلسطيني بالحياة وعدم تعريض حياته للخطر حيث لا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا عملا بالمادة 6 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

رابعا: حماية الإنسان الفلسطيني فردا وشعبا من تعرضه على يد سلطات الاحتلال الصهيوني للتعذيب ولا للعقوبات ولا للمعاملات القاسية والوحشية أو الحاطة بالكرامة عملا بالمادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

خامسا: حماية الشعب الفلسطيني من جرائم سلطات وقوات الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاتها الصارخة الهادفة إلى هدم الحقوق والحريات الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان خلافا  لنص المادة 30 منه “ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات”.

الشعب الفلسطيني إذ يشارك شعوب العالم احتفالها باليوم العالمي لحقوق الإنسان ليتطلع إلى اضطلاع أحرار العالم وإلى المنظمات الدولية الناشطة برصد انتهاكات حقوق الإنسان على الساحة العالمية أن تخصص جهودها وهدفها المركزي خلال العام الثالث والسبعون لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لحشد جبهة دولية عريضة ضاغطة على دولة الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء إحتلالها واستعمارها لأرض الدولة الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته العربية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة وفق القرارات الدولية ذات الصلة.

نعم لسمو حقوق الإنسان..لا لمكافأة مرتكبي الانتهاكات بحقها والذي يمثل الاحتلال الإسرائيلي أعظمها..فلننتصر للشعب الفلسطيني وحقه بتقرير المصير وبحمايته من تعسف وجرائم سلطات الاحتلال الإسرائيلي الإستعمارية.

التعليقات معطلة.