السلطات ترجح استكمال المتطلبات والتحضيرات لإجراء عملية الاقتراع خلال أشهر
يبدو أن تأكيدات الحكومة العراقية والكتل والزعامات السياسية في العراق على ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في موعدها المحدد في يونيو (حزيران) المقبل، لم تتحول إلى دافع لتذليل العقبات القانونية والمالية التي لا تزال تمثل عقبة حقيقية أمام تنظيمها. فعلى الرغم من تلقي مفوضية الانتخابات 427 طلباً لتأسيس أحزاب للمشاركة في الانتخابات، تمت الموافقة على 231 منها ورُفض نحو 99 والبقية قيد المراجعة والتدقيق من قبل المفوضية، إلا أن المشكلة الحقيقية التي قد ترحّل الانتخابات إلى موعد جديد تتمثل بعدم تأمين تمويل لها وإقرار قانون جديد للمحكمة الاتحادية أو تعديل المعمول به لضمان المصادقة على النتائج.
ويدور الخلاف بشأن قانون المحكمة حول عدد من الفقرات أهمها دور رجال الدين في اتخاذ القرارات داخل المحكمة في ما يتعلق بالشرعية الإسلامية، وكيفية ترشيحهم وحصة كل مكوّن، فضلاً عن آلية اختيار أعضاء المحكمة والجهة التي تصادق على اختيارهم ليمارسوا عملهم من دون عقبات قانونية.
وربما يُضاف إلى هذه العوامل المعرقلة، الأزمة الاقتصادية الخانقة في البلاد، خصوصاً بعد خفض قيمة الدينار العراقي، والتي من المرجح أن تدفع الكثير من العراقيين إلى عدم المشاركة في الانتخابات المقبلة، بالتالي تجعل نتائجها غير ممثلة للشارع العراقي كما حصل في انتخابات مايو (أيار) 2018، التي أدخلت البلاد في سلسلة أزمات معقدة.
ستقام بنسبة كبيرة
لكن على الرغم من هذه المؤشرات غير الإيجابية، تمضي الحكومة العراقية في الاستعداد لإجراء الانتخابات خلال موعدها المحدد.
وأكد حسين الهنداوي، مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في يونيو المقبل. وأضاف الهنداوي أن “الفترة الزمنية المحددة هي السادس من يونيو”، وأن “فترة ستة أشهر كافية لإكمال جميع الأمور اللوجستية لإجراء العملية الانتخابية بموعدها المقرر”. وزاد أن “قانون الانتخابات تم إقراره ومفوضية الانتخابات موجودة وتعمل بشكل حثيث. أما بشأن الأموال فتم تشريع قانون لتوفير الأموال للعملية الانتخابية، فضلاً عن وجود إرادة شعبية واسعة لإجراء انتخابات حرة عادلة مبكرة وكل الأمور تسير بالاتجاه الصحيح. وبذلك فإن العملية مخرج للأزمات الحالية”.
وسُجل نحو 65 في المئة من الذين يحق الاشتراك في الانتخابات البالغ عددهم 26 مليوناً و500 ألف شخص في سجل الناخبين، بحسب الهنداوي، الذي بيّن أن عملية التسجيل تسير بصورة جيدة.
ودعا الهنداوي البرلمان إلى حل مشكلة تشريع قانون المحكمة الاتحادية كونه الأساس في إنجاح العملية والمصادقة على نتائجها، متحدثاً عن وعود وتعهدات من قبل البرلمان لحل المشكلة سريعاً.
الخلاف مستمر
ويمثل تشريع قانون المحكمة الاتحادية أبرز العقبات التي تعطي رسالة إيجابية عن إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المحدد. وتحدث عضو اللجنة القانونية حسين العقابي عن وجود مقترحات متعلقة بتشريع قانون المحكمة الاتحادية، مبيناً أن “الخلاف يتركز حول استبدال جميع الأعضاء أم بعض الأعضاء الغائبين”.
وقال العقابي إن “قانون المحكمة الاتحادية النافذ رقم 30 لعام 2005 يشير إلى أن المحكمة تعقد جلساتها بكامل أعضائها وإذا غاب عضو لا تُعقد المحكمة”، لافتاً الى أن “غياب عضوين من أعضاء المحكمة الاتحادية حالياً لا يتطلب تعديل القانون، والنقاشات تتركز حول ما إذا كان سيتم استبدال كل الأعضاء أم بعضهم”.
ويطالب نواب بالتوسع في التعديل ليشمل قضايا أخرى لا تزال محل خلاف تتعلق بعمر الأعضاء ومدة العضوية والقرارات التي تُتخَذ داخل المحكمة الخاصة بالأقاليم، هل تكون بثلثَي الأعضاء أم بالغالبية، بحسب العقابي.
تحديات كبيرة
وتواجه الانتخابات العراقية تحديات كبيرة تجعل من تنظيمها في الموعد المحدد أمراً مستبعداً بحسب أعضاء سابقين في مفوضية الانتخابات.
ورأى عضو المفوضية السابق سعيد كاكائي أن “تحديات عدة تقف أمام المفوضية تجعل إجراء الانتخابات في يونيو المقبل، أمراً غير ممكن، في حين يمكن إجراؤها في الخريف المقبل”. وأضاف كاكائي أن “التحديات كبيرة وعلى الرغم من أن السلطة التنفيذية تؤكد إمكانية إجرائها في يونيو المقبل، إلا أن هذا التاريخ غير ممكن من الناحية العملية نظراً إلى عدم تخصيص مالٍ كافٍ وعدم تشريع قانون المحكمة الاتحادية، فضلاً عن عدم اكتمال النواقص اللوجستية من قبل مفوضية الانتخابات”.
وتحتاج عملية تنظيم الانتخابات إلى جيش هائل من القدرة البشرية التي ستتولى تسيير العملية في مراكز الاقتراع، وهي تحتاج إلى التعاقد معهم بحسب كاكائي، الذي بيّن حاجة المفوضية إلى أجهزة إلكترونية خاصة كانت احترقت في الانتخابات السابقة، وهناك حاجة إلى تعويضها وبالتالي إلى مخصصات مالية.
وأوضح كاكائي أن “البطاقة الإلكترونية لم تكتمل لحد الآن وهي بحاجة إلى مبالغ، والمفوضية لا تستطيع أن تكمل إجراء الانتخابات المبكرة في موعدها المقرر”.
احتمال التأجيل
بدوره استبعد المحلل السياسي حيدر البرزنجي إجراء الانتخابات بموعدها لعدم توافر متطلبات أساسية، مرجحاً تأجيلها إلى أكتوبر (تشرين الأول) 2021 “بسبب غياب الأمور اللوجستية الفنية والوضع الاقتصادي السيء الذي يعيشه البلد، وعدم وجود قانون للمحكمة الاتحادية، فضلاً عن وجود إرادة سياسية لتأجيل الانتخابات حتى نهاية العام المقبل”.
واعتبر أن “تعطيل تشريع المحكمة الاتحادية يصب لمصلحة بعض الجهات التنفيذية، لا سيما أن من بين مهمات المحكمة، تقويم الخلل في القوانين الصادرة من السلطة التشريعية، فضلاً عن وجود أطراف سياسية تعمل على تعطيل تشريع القانون”.