15 مارس,2021
احمد صبري
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في شهر تشرين أول ـ أكتوبر القادم، يرتفع منسوب الخلافات حول قانون الانتخابات بين الأحزاب والكيانات التي تسعى ليكون القانون على مقاسها، وغلق الأبواب أمام دعوات الكشف عن تمويلها في وقت بلغت أعداد الأحزاب والكيانات التي وافقت عليها مفوضية الانتخابات أكثر من 300 حزب.وشرع قانون الأحزاب العراقي يوم 27 آب ـ أغسطس 2015 بوصفه قانونا مكملا للدستور ينظم الحياة السياسية. لكنه لم ينشر بالجريدة الرسمية ليكون قانونا ملزما للتطبيق ونافذا. وقبل ذلك التاريخ كانت الكيانات السياسية في العراق قد شاركت في الانتخابات التشريعية لأعوام 2005 و2010 و2014. وكانت معظم الكتل السياسية العراقية ترفض تشريع قانون الأحزاب لأسباب كثيرة أبرزها الخشية من كشف هُويتها ومصادر تمويلها، كما أنها تتخوف من قيام الحكومة بتمويل الأحزاب المرخصة كما ينص قانونها، الأمر الذي قد يضعها تحت هيمنتها وتأثيرها أو بروز أحزاب جديدة منافسة كانت بحاجة إلى التمويل.وتحت ضغط الرأي العام اضطر مجلس النواب إلى إقرار قانون الأحزاب بنسخة تحمل (61) مادة قانونية، أثارت الكثير من الجدل حتى حول المواد التي توصف بالإيجابية والتي يرى مراقبون أن بعضها غير قابل للتطبيق على أرض الواقع.ومن أبرز تلك المواد هي المادة الخامسة من القانون التي نصت على أن “يؤسس الحزب أو التنظيم السياسي على أساس المواطنة وبما لا يتعارض مع أحكام الدستور، ولا يجوز تأسيس الحزب أو التنظيم السياسي على أساس العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التعصب الطائفي أو العرقي أو القومي”.فكما هو معروف أن أغلب الكتل والأحزاب السياسية في العراق منذ احتلال العراق عام 2003 وحتى الآن هي أحزاب تابعة للمكونات العراقية أو قومية، وتعتبر هذه المادة ضرورية للحدِّ من التمييز والعنصرية في العراق في حال طبقت بالشكل السليم، لكن هذه المادة تفتقر إلى تعريف العنصرية أو الطائفة والجهة المسؤولة عن وصف الحزب وتحديد هويته.المادة الثامنة من الفقرة رابعا نصت على “أن لا يكون تأسيس الحزب وعمله متخذا شكلا التنظيمات العسكرية أو شبه العسكرية، كما لا يجوز الارتباط بأي قوة مسلحة”، للحفاظ على سلمية النشاط السياسي، وهو شرط أساسي من شروط الديمقراطية، فلا يمكن الحديث عن تهديد أو ردع يفرض إرادات.ولعل أبرز نقاط الضعف الأخرى في القانون هي المادة (2) التي تنص على تأسيس “دائرة الأحزاب” وربطها بمجلس مفوضية الانتخابات والذي يخضع بدوره لهيمنة الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات فقط، وكان من الأفضل ربطها بسلطة قضائية مستقلة أو وزارة العدل أو كما هو معمول في أغلب دول المنطقة بوزارة الداخلية على أقل تقدير.ولعل أبرز المشكلات والأهم هو عدم تحقيق الهدف الأكبر من القانون، وهو الكشف عن تمويل الأحزاب وتحييد المال السياسي، إذ يبقى تصنيف الأحزاب على أنها تابعة لمكون اجتماعي أو عنصرية أو حظرها رهنا بأهواء القائمين على تطبيق القانون..كما أن العدد المطلوب لتشكيل حزب هو 2000 عضو فقط، وهذا عدد قليل جدا، إذ بالإمكان جمع هذا العدد، وكان من اللازم أن يقرر المشرع زيادة ذلك العدد بحيث يكون العدد على الأقل 100000 شخص قياسا على أن كل نائب في البرلمان يمثل هذا العدد من العراقيين، ولكي يضمن الحزب على الأقل الحصول على مقعد.