تقرير”الوكالة الدولية للطاقة الذرية” بشأن مراقبة برنامج إيران النووي يشير إلى آثار أعمال تخريب إسرائيلية مشتبه بها
بواسطة سايمون هندرسون١ يونيو ٢٠٢١
عن المؤلفين
سايمون هندرسونسايمون هندرسون هو زميل بيكر في معهد واشنطن ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في المعهد، ومتخصص في شؤون الطاقة والدول العربية المحافظة في الخليج الفارسي.تحليل موجز
تراجعت قدرة “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”على مراقبة بعض نواحي برنامج إيران النووي بعد أن توقفت طهران عن التعاون جزئياً. وأنتجت إيران ما يقرب من 5 أرطال من المواد المخصبة بنسبة 60%، حيث يمكن الحصول على اليورانيوم المستخدم في صنع القنابل (90%) من خلال المزيد من أعمال التخصيب. ويُعزى انقطاع التيار الكهربائي في المفاعلات النووية الإيرانية إلى التخريب الإسرائيلي.
رغم أنه لن يتمّ رفع تقرير المراقبة ربع السنوي الأخير الصادر عن “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” بشأن إيران إلى مجلس محافظي “الوكالة” قبل نهاية الأسبوع الحالي، إلّا أنه قد تمّ توزيع نسخ منه على الصحفيين، وهكذا بدأت نتائجه تتكشف بعض الشيء. غير أن تفاصيله قد تتضح بالكامل قريباً لأن مداولات “الوكالة” تتزامن مع العديد من التواريخ والتطورات الهامة.
وفي إسرائيل، صادف الأول من حزيران/ يونيو تقاعد رئيس جهاز الاستخبارات “الموساد” يوسي كوهين، الذي حذر مؤخراً، “يجب تصعيد النشاط ضد النظام الإيراني لكي يفهم أن خطوط العبور ستكلف أضراراً جسيمة”. واستخدم الرئيس الجديد لـ جهاز الاستخبارات – ديفيد بارنيع، الذي هو من أحد القادة القدامى في “الموساد” والذي قيل أنه لعب دوراً مركزياً في العمليات ضد إيران – لهجة مماثلة عندما تولى منصبه الجديد، قائلاً: “بالأكاذيب والإخفاء، تحرز إيران تقدماً مستمراً نحو برنامج أسلحة الدمار الشامل”.
وفي غضون ذلك، يصادف السابع من حزيران/يونيو الذكرى الأربعين للهجوم الجوي الإسرائيلي الناجح على برنامج صدام حسين النووي الناشئ خارج بغداد. وكانت تلك العملية مثالاً قاطعاً على مبدأ بيغن الذي لا يزال سارياً، والذي ينص على أن الدول التي تتخذ إجراءات عدائية ضد إسرائيل وتدعو إلى تدميرها يجب ألا يُسمح لها بتطوير أسلحة نووية بأي ثمن.
إذاً، ما الذي تحمله المؤشرات الأولية المرتبطة باستنتاجات “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” حول حالة برنامج إيران النووي؟ الإجابة متباينة. فمن جهة، من المحتمل أن تتأثر أطر مناقشات مجلس إدارة “الوكالة” في فيينا بما صرّح به المدير العام رافائيل غروسي لصحيفة “فايننشال تايمز” الأسبوع الماضي بشأن انتهاكات إيران المقلقة لقيود التخصيب في “الاتفاق النووي” لعام 2015: “إن إقدام بلد ما بتخصيب [اليورانيوم] بنسبة 60 في المائة أمر خطير للغاية – حيث لا تصل إلى هذا المستوى سوى الدول التي تصنّع القنابل… إنها درجة تتطلب الحذر واليقظة”. وبشكل منفصل، قال لصحيفة “الغارديان” إن عدم وجود تفسيرات موثوقة لليورانيوم المتواجد في موقعيْن غير مًعْلنيْن [في إيران] يمثل “مشكلة كبيرة”.
ولا شكّ في أن مخاوف غروسي تفاقمت بسبب تراجع قدرة “الوكالة” على مراقبة بعض نواحي البرنامج بعد أن توقفت طهران عن التعاون جزئياً. فمن دون تواجد معدات مراقبة مناسبة، لا يسع “الوكالة” سوى تقدير حجم المخزون النووي للبلاد. فوفقاً لأحدث تقديرات وكالة “أسوشيتد بريس”، تملك إيران 7145 رطلاً من اليورانيوم المنخفض التخصيب في الأساس، بزيادة قدرها حوالي 600 رطل عن التقرير الفصلي السابق. والأمر الأكثر إثارة للقلق، أن إيران أنتجت ما يقرب من 5 أرطال من المواد المخصبة بنسبة 60 في المائة، وهو رقم مهم لأنه يمكن الحصول على اليورانيوم المستخدم في صنع القنابل (90 في المائة) من خلال المزيد من أعمال التخصيب. وفي النهاية، ستحتاج البلاد إلى حوالي 33 رطلاً من المواد المخصبة بنسبة 90 بالمائة [لإنتاج] سلاح حقيقي. (لمزيد من المعلومات حول هذه الأمور التقنية، راجع المقال التمهيدي للمؤلف عن الاختراق النووي وقائمة المصطلحات النووية الإيرانية لمعهد واشنطن).
ومن ناحية أخرى، فإن 600 رطل من اليورانيوم المخصب التي أفادت بعض التقارير أن إيران أضافتها إلى إجمالي الربع الحالي من هذا العام لا تمثل سوى نصف الكمية التي أضافتها في الربع السابق. ويشير ذلك إلى أنها تقوم بتشغيل عدد أقل من أجهزة الطرد المركزي (عادة ما يتم ترتيبها في مجموعات تسمى سلاسل). وفي الواقع، أفادت وكالة “رويترز” أنه في أواخر أيار/مايو، كان الفنيون في “نطنز” – منشأة التخصيب الرئيسية تحت الأرض في إيران – يقومون بتشبيع “سادس فلوريد اليورانيوم” الغازي في عشرين سلسلة – وهو انخفاض من 35-37 سلسلة قيل إنها كانت قيد التشغيل قبل 11 نيسان/أبريل، عندما عانى المصنع من مشكلة كبرى. ويُعزى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع إلى التخريب الإسرائيلي. ويمكن أن يكون لانقطاع التيار الكهربائي آثار كارثية على سلاسل أجهزة الطرد المركزي عالية السرعة.
كما اشتُبِهَ في تورط إسرائيل في انفجار وقع في تموز/يوليو 2020 في “نطنز”، والذي أدى إلى انتكاسة في قدرة إيران على استخدام أجهزة الطرد المركزي لعدة أشهر. وقد يكون البرنامج قد تعافى تماماً من ذلك الحادث عندما حدث تعتيم 11 نيسان/أبريل. وحدثت انتكاسة كبيرة أخرى في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عندما قُتل المسؤول النووي البارز محسن فخري زاده في كمين استهدف موكبه.
ومن غير الواضح إلى أي مدى ستؤثر هذه الأخبار المتباينة ومداولات “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” على المحادثات المهمة الأخرى في فيينا – أي المفاوضات المنفصلة التي تهدف إلى إحياء «خطة العمل الشاملة المشتركة»، والتي انتهكها نشاط التخصيب الإيراني مراراً وتكراراً وانسحبت منها إدارة ترامب في عام 2018. لكن يُفترض أن كافة المسؤولين النوويين على علم بنقطة مرجعية إضافية تكشفت معالمها في 28 أيار/مايو، وهي: الذكرى 23 للاختبار النووي الأول الذي أجرته باكستان، واستخدمت فيه يورانيوم عالي التخصيب أنتجته أجهزة طرد مركزي تمّ نقل تصميمها لاحقاً إلى إيران. وبالنظر من خلال هذه العدسة، قد تكون المداولات على المدى القريب في فيينا حاسمة بالنسبة لمستقبل الشرق الأوسط بأكمله، خاصة مع مرور إسرائيل بمرحلة انتقالية في القيادة قبل نهاية هذا الأسبوع وإجراء إيران انتخابات رئاسية في وقت لاحق من هذا الشهر.
سايمون هندرسون هو زميل “بيكر” ومدير “برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة” في معهد واشنطن. عرض / طباعة ملف “پي. دي. إف.”شارك على مواقع التواصل الاجتماعي