أثار القصف التركي لمخيم للاجئين في شمال العراق ومقتل جنود من قوات البيشمركة الكردية في كمين نصبه «حزب العمال الكردستاني» المعارض لأنقرة، غضب الأوساط السياسية والشعبية في بغداد، وصدرت دعوات عدة لوضع حد للانتهاكات التركية للأراضي العراقية، ومطالبات بالتصدي لنشاطات «العمال الكردستاني» في شمال البلاد.
وأدان المتحدث العسكري باسم رئاسة الوزراء اللواء يحيى رسول في بيان «الاعتداء الإرهابي الجبان الذي تعرضت له وحدة عسكرية عراقية ضمن قوات البيشمركة في الطريق إلى جبل متين في محافظة دهوك على يد مجموعات مسلحة غير عراقية».
وقال الناطق باسم الرئاسة العراقية في بيان إنها «تتابع التطورات المقلقة في إقليم كردستان، وتدين الهجوم الذي تعرضت له قوة من البيشمركة في محافظة دهوك والذي راح ضحيته عدد من الشهداء والمصابين». وشدد على «ضرورة توقف مثل هذه الأحداث المؤسفة»، معتبرا أن «الوجود العسكري لحزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية، بما في ذلك إقليم كردستان، غير قانوني ويجب العمل على وضع حدٍّ لهذه التجاوزات المخلة باستقرار العراق وأمن مواطنيه، حيث إن الدستور العراقي لا يسمح باستخدام الأراضي العراقية منطلقاً لتهديد أمن الجيران».
وشدد البيان الرئاسي في الوقت نفسه على «أهمية منع انتهاك السيادة العراقية، وسحب القوات التركية الموجودة في مناطق الإقليم والموصل، والتي تعد انتهاكاً لمبدأ حسن الجوار، ومخالفة للأعراف والمواثيق الدولية». وأضاف أن «الهجوم الأخير على مناطق مخيم مخمور تصعيدٌ خطير يعرّض حياة المواطنين للخطر، بما فيهم اللاجئون، ويتنافى مع القانون الدولي والإنساني».
ودعا إلى «تعزيز العلاقات مع الجارة تركيا على أساس المصالح المشتركة وحل المشاكل الحدودية والملفات الأمنية عبر التعاون والتنسيق، ورفض الممارسات الأحادية الجانب في معالجة القضايا العالقة».
وأعلنت وزارة البيشمركة الكردية، أول من أمس، مقتل خمسة من عناصرها وجرح آخرين في هجوم نفذه «حزب العمال الكردستاني» المعارض لتركيا في مدينة العمادية بمحافظة دهوك. أما خلية الإعلامي الأمني الرسمية، فقالت في بيان إنها «لن تسمح بتكرار الهجوم الذي طال عناصر من قوات البيشمركة» التي وصفها بأنها «قوة وطنية وسند قوي للقوات المسلحة التي هي درع الوطن الحصين ضد أعدائه».
وأدانت وزارة الدفاع العراقية «الاعتداء الإرهابي الجبان»، وقالت إن «قوات البيشمركة هي جزء لا يتجزأ من قواتنا المسلحة، وأي اعتداء على هذه القوات مرفوض وغير مقبول».
وتنفذ أنقرة منذ سنوات هجمات برية وجوية داخل الأراضي العراقية بذريعة محاربة «العمال الكردستاني» وتحتفظ بقواعد عسكرية دائمة في إقليم كردستان ونينوى، وزاد نشاطها العسكري داخل الأراضي العراقية مؤخراً. وبررت قتل 3 أشخاص بطائرة مسيّرة في مخيم للنازحين بمنطقة مخمور، أول من أمس، بوجود عناصر الحزب داخل المخيمات.
وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها من هجوم القوات التركية على المخيم، وشنت هجوماً لاذعاً على أنقرة، واتهمتها بانتهاك حقوق الإنسان. وقال السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، بحسب «رويترز»، إنها أوضحت للمسؤولين الأتراك «أن أي هجوم يستهدف المدنيين في مخيم مخمور للاجئين سيكون انتهاكاً للقانون الدولي والإنساني».
وفي مواجهة ردود الفعل الغاضبة، زعم وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن بلاده تحترم وحدة أراضي جيرانها، وأن هدفها هو «مكافحة الإرهابيين الذين يشكلون تهديداً لأمنها ولأمن المنطقة برمتها». وقال أكار في كلمة خلال حضوره ليل السبت – الأحد جانبا من المناورات البحرية التركية «ذئب البحر 2021» التي تجرى في شرق المتوسط وبحر إيجة، إن قواته «تقوم بما يلزم لحماية مصالح البلاد وحدودها وأمن مواطنيها».
وجاء قصف المخيم بعد أيام من تهديد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في مقابلة تلفزيونية، الثلاثاء الماضي، بـ«تطهير» المخيم من عناصر «العمال الكردستاني» ما لم تقم الأمم المتحدة بذلك. وقال إن «مخمور بات حاضنة لجبال قنديل (مقر قيادة الحزب في شمال العراق). إذا لم نتدخل، فستواصل تلك الحاضنة إنتاج الإرهابيين. نتحدّث مع جميع اللاعبين… إذا لم تقم الأمم المتحدة بتطهير هذا المكان، فسنتولى نحن تلك المهمة بصفتنا أعضاء في الأمم المتحدة».
واعتبرت وزارة الدفاع التركية أن «العمال الكردستاني» بهجومه على البيشمركة «كشف عن وجهه الحقيقي مرة أخرى». وأضافت أن عناصر الحزب «استهدفوا العاملين من أجل توفير السلام والأمن للقاطنين في قراهم، وأظهر هذا الهجوم مرة أخرى أن (العمال الكردستاني) منظمة إرهابية، وأن هدفها لم يكن حماية الأكراد أبداً». وشددت على «أهمية قطع الدول الصديقة والحليفة دعمها» للحزب.
غضب عراقي من تركيا و«العمال الكردستاني»
التعليقات معطلة.