استنكر رئيس البرلمان التونسي وزعيم حزب النهضة، راشد الغنوشي، وقادة أحزاب آخرون قرارات الرئيس قيس سعيّد ووصفوها بأنها انقلاب.
ترجمة وتحرير نون بوست
اتهم رئيس البرلمان التونسي المُجمّد دولة الإمارات العربية المتحدة بدعم استحواذ الرئيس قيس سعيد على السلطة من خلال تعليق عمل البرلمان وتشديد قبضته على البلاد أكثر.
قال راشد الغنوشي (80 سنة) رئيس أكبر حزب في البرلمان، حزب حركة النهضة الإسلامي، لصحيفة “ذا تايمز” إن الإمارات مصممة على “إنهاء” الربيع العربي الذي اندلعت شرارته الأولى في تونس في أعقاب الإطاحة بنظام بن علي في سنة 2011. وأضاف الغنوشي أن الإمارات تعتبِر الإسلاميين الديمقراطيين تهديدا لنفوذها، قائلا: “لقد أخذت على نفسها عهدا بأن الربيع العربي ولد في تونس ويجب أن يموت في تونس”.
في الواقع، كانت الإمارات من أقوى الداعمين للرئيس السيسي في مصر، وزير الدفاع السابق الذي أطاح برئيس الإخوان المسلمين محمد مرسي في سنة 2013. ومنذ ذلك الحين، سُجن الآلاف من أنصار الإخوان، وحُكم على بعضهم بالإعدام، وتوفي مرسي في قاعة المحكمة أثناء محاكمته.
أورد الغنوشي أنه لا يمكن السماح بحدوث انقلاب عسكري مماثل في تونس، مشيرا إلى أن “تونس ليست مصر بالنظر إلى وجود علاقة مختلفة بين الجيش والحكومة. ومنذ اندلاع الثورة في تونس، قام الجيش بحماية الحريات وصناديق الاقتراع”.
لكنه حذر في المقابل من احتمال اندلاع احتجاجات في الشوارع في حال لم يقرر الرئيس استئناف عمل البرلمان التونسي. من جانبه، قال الرئيس التونسي سعيّد (63 سنة) إن القرارات التي اتخذها يوم الأحد الماضي جاءت ردا على الاحتجاجات ضد فشل الحكومة في التعامل مع أزمة فيروس كورونا المتنامية. وتقول منظمة الصحة العالمية إن البلاد سجلت أعلى معدل للعدوى على مستوى القارة الإفريقية، ولم يتم تطعيم سوى خُمس السكان فقط.
أشار الغنوشي إلى الاهتمام الكبير الذي توليه وسائل الإعلام الإماراتية لما يحدث في تونس
يقول منتقدو الحكومة إن ما يحدث يعتبر انعكاسا لعجز أوسع للأحزاب السياسية، التي لا يتمتع أي منها بالأغلبية، والتي تناور للبقاء في السلطة بدلا من اتخاذ إجراءات حاسمة لحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. وكل السياسيين بشكل عام متهمون بالفساد.
شجب الغنوشي وقادة أحزاب آخرون قرارات سعيّد واعتبروها بمثابة انقلاب. كما سلطوا الضوء على أوجه التشابه بين الاحتجاجات التي سبقت قرارات سعيّد وتلك التي سبقت استيلاء السيسي على الحكم في مصر، قائلين إن دول الخليج قد نسّقت حملات على منصات التواصل الاجتماعي لإثارة هذه الاحتجاجات.
أشار الغنوشي إلى الاهتمام الكبير الذي توليه وسائل الإعلام الإماراتية لما يحدث في تونس، وتساءل قائلا: “الإمارات بعيدة عنا ولا يوجد تضارب في المصالح بيننا، فلماذا تفعل هذا؟”. وقال إن الإمارات قلقة من أن يؤدي التوصل إلى اتفاق سلام في ليبيا، حيث دعمت المُنشق المناهض للإسلاميين خليفة حفتر في الحرب الأهلية، إلى تنظيم انتخابات. وأضاف أنهم “خائفون من أن تمتد التحولات الديمقراطية إلى بقية المنطقة العربية”.
لم تعلق الإمارات على مزاعم دعمها لسعيّد، بينما أرسلت المملكة العربية السعودية رسالة أعربت فيها عن دعمها لقرارات سعيّد
اعتُقل أمس أول نائب منذ تجميد سعيّد عمل البرلمان ورفعه الحصانة عن نوابه، وهو ياسين العياري الذي يعد من أشد منتقدي الرئيس. وقد قالت زوجته للصحافيين إنه اعتُقل في منزله أمام عائلته، على أيدي مجموعة مكونة من 20 رجلا يرتدون ملابس مدنيّة، قالوا إنهم أعضاء في وحدة الأمن الرئاسي. ويُذكر أن ياسين العياري قد أُدين من قبل المحكمة العسكرية في وقت سابق بتهمة التشهير بالجيش.
في وقت لاحق، أُعلن أن الشرطة كانت “تحقق” مع أربعة من أعضاء حركة النهضة لتورطهم في اضطرابات خارج البرلمان. وفي أعقاب إعلان التجميد، توجه الغنوشي إلى البرلمان وحاول الدخول لكن الجيش منعه. وقال الغنوشي إن الهدف من رفع الحصانة عن أعضاء البرلمان هو محاسبة المنتقدين، مضيفا أن “هذا الوضع لا يبشر بالخير. وهي علامة على أن الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ”.
من جهته، صرح الرئيس التونسي بأنه سيعيد البرلمان إلى العمل بعد انقضاء 30 يوما. وقد دعا الغنوشي الرئيس سعيّد إلى تقليص هذه المهلة مشيرا إلى أنه ألغى الاحتجاجات يوم الإثنين خوفا من اندلاع نزاعات، ولا يزال يأمل في التوصل إلى اتفاق سلمي.
عموما، لم تعلق الإمارات على مزاعم دعمها لسعيّد، بينما أرسلت المملكة العربية السعودية رسالة أعربت فيها عن دعمها لقرارات سعيّد، في حين أدانت تركيا – وهي من أبرز خصوم الإمارات على النفوذ في المنطقة – قراراته.