باسم برهوم
عندما نجح كل من بينيت ولبيد بتشكيل ائتلاف حكومي في الربيع الماضي علق نتنياهو على هذا التطور بالقول: إن ما حصل هو انقلاب على الديمقراطية، على اعتبار ان حزبه، حزب الليكود قد حصل على أعلى الاصوات والنسبة الأكبر من مقاعد الكنيست. وبعد تشكيل الحكومة قال نتنياهو انها لن تعمر طويلا لأن تركيبتها الائتلافبة معقدة ومتناقضة وهشة، وهذا الرأي كان يجمع عليه كثير من خبراء الشأن الداخلي الإسرائيلي، خصوصا أن الائتلاف يجمع اقصى اليمين والوسط مع اليسار، والاهم انه يعتمد على تحالف مع الحركة الإسلامية الجنوبية، جناح جماعة الإخوان المسلمين في إسرائيل، بزعامة منصور عباس.
وبالرغم من هشاشة الائتلاف فإن نتنياهو واصل هجومه السياسي العلني على الحكومة متهما إياها بانها متساهله فيما يتعلق بملف ايران النووي، وبما يتعلق بأمن دولة إسرائيل، بالإضافة إلى انها لا ترغب بمواجهة ضغوط إدارة الرئيس بايدن، بما يتعلق بالمفاوضات مع إيران او موقفه من مبدأ حل الدولتين وإعادة تقسيم القدس على حد قوله.
ومؤخرا بدأ نتنياهو بالحفر تحت اقدام رئيس الوزراء بينيت، ومحاولة تخريب الحكومة والائتلاف من الداخل، عبر مغازلة وزير الحرب غانتس وإعطائه وعودا، الهدف منها اسقاط الحكومة وتشكيل ائتلاف جديد يحتل فيه الليكود معظم الحقائب الوزارية، ومن أبرز هذه الوعود ان يحتل غانتس رئاسة الوزراء طول المدة حتى الانتخابات القادمة على ان يكون نتنياهو نائبا له.
وزير الخارجية الإسرائيلي والرجل الأقوى في الائتلاف نفى إمكانية أن ينسحب غانتس وقال إن هذا الأخير لا يريد ان يكون مع نتتياهو في حكومة واحدة. كما رد بطريقة غير مباشرة على اتهامات نتنياهو السياسية عندما قال: “لن تقام دولة فلسطينية في عهد بينيت بالرغم من ان الرئيس الأميركي بايدن سيطرح عليه مسألة حل الدولتين عند زيارته لواشنطن بعد أسبوع”.
وبعدما حدث ما حدث في أفغانستان من انسحاب للقوات الأميركية، ارتفع صوت نتنياهو في إسرائيل كما ارتفع صوت ترامب في الولايات المتحدة فكلاهما لا يرغب بوجود العدو المشترك بايدن في البيت الأبيض، بعد أن اصبح هناك فرصة للانقضاض عليه وهو في لحظة ضعف. كما ان نتنياهو شخصيا يعتقد ان فشله في تشكيل ائتلاف كان بسبب تدخل الإدارة الأميركية وعدم رغبتها بوجوده بالحكم في إسرائيل. في ظل هذه الظروف المستجدة نتنياهو يعتقد ان هناك فرصة افضل اليوم لإسقاط حكومة بينيت، وفرصة اهم للتهرب من المحاكم التي تلاحقه بتهم الفساد.
كل شيء يعتمد في الواقع على مجريات الأمور في واشنطن، وإذا ما استطاع بايدن الصمود في وجه منتقديه ويثبت للشعب الأميركي انه فعل الصواب عندما اخرج الولايات المتحدة من المستنقع الأفغاني، كما يعتمد على التطورات المتسارعة في أفغانستان ذاتها وما إذا كنا سنرى سريعا ظهورا للقاعدة هناك. فقدرة حكومة بينيت على الصمود هو رهن بصمود بايدن وقوته في واشنطن، فما ان يضعف بايدن فإن فرص نتنياهو بإسقاط الحكومة تصبح أكبر. وفي بلد لا مكان للمبادئ والأخلاق فيه فإن كل شيء ممكن، فمن كان يعتقد في الانتخابات الإسرائيلية السابقة ان ينشق غانتس عن حليفه لبيد ويذهب لحضن نتنياهو، وإذا لم يكن غانتس فلماذا لا يكون منصور عباس الإخواني هو من يفرط عقد الائتلاف الحاكم ويذهب عند نتنياهو مقابل توسيع قنوات الاتصال بين إسرائيل وجماعة الإخوان؟؟.. لننتظر ونرى ماذا ستحمل لنا الأسابيع القادمة من مفاجآت.