أنجيلا ميركل.. حصيلة حكم متفاوتة
26-08-2021 | 18:41 المصدر: أ ف ب
أنجيلا ميركل
A+A-ستترك أنجيلا ميركل التي توشك على مغادرة السلطة بعد 16 عاما متمتعة بشعبية متوهجة، إرثا متباينا فهي مديرة أزمات استثنائية لكنها تفتقر إلى رؤية عظيمة. – إدارة الأزمات -لخصت أنجيلا ميركل شعارها في 22 تموز (يوليو) قائلة إن “الحياة بدون أزمات أسهل، لكن عندما تكون ماثلة، عليك مواجهتها”. عددت الزعيمة الألمانية الأزمات الخمس الكبرى التي واجهتها، من الأزمة المالية العام 2008 إلى وباء كوفيد-19، مرورا بإنقاذ اليورو وتدفق اللاجئين السوريين والعراقيين في العام 2015 والاحترار المناخي. لا شك في أن استقبال اللاجئين سيبقى القرار الأبرز خلال حكم ميركل، وهي خطوة شجاعة. كذلك، عادت إدارتها للأزمة الصحية عليها بالثناء. خطاباتها الرصينة والنتائج الجيدة التي تحققت في الأشهر الأولى من ظهور الوباء لا تزال في الذاكرة، رغم حركة “المشككين في كورونا” النشطة للغاية وما تلاها من موجات وبائية أشد فتكا. رغم ذلك، أثارت أزمات أخرى انتقادات تجاهها، لا سيما الأزمة اليونانية العام 2011. فقد أظهرت ألمانيا ميركل عنادا تجاه أثينا، ما دفع البلاد إلى حافة الإفلاس وأكسب برلين عداوات قوية في أوروبا. -نفوذ ألماني متزايد -خلال 16 عاما، تطور الدور الذي تلعبه ألمانيا على الساحة الدولية. لا تزال العلاقة عبر الأطلسي التي تضررت خلال رئاسة دونالد ترامب، ركيزة لبرلين. لكن المستشارة قامت أيضا بتعميق العلاقات مع قوى أخرى، في إطار رؤيتها متعددة الأقطاب للعلاقات الدولية. وفي خضم صعود الشعبوية، أطلقت صحيفة “نيويورك تايمز” على ميركل لقب “زعيمة العالم الحر” الجديدة. بذلك نما النفوذ الألماني في آسيا وإفريقيا التي زارتها أكثر بكثير من أسلافها. وأقامت ميركل أيضا علاقات وثيقة مع روسيا في عهد فلاديمير بوتين الذي يتقاسم معها ماضيا على الجانب السوفياتي من الستار الحديد. لم تحيد قضايا التجسس وضم شبه جزيرة القرم وتسميم المعارض أليكسي نافالني ميركل عن رغبتها في مواصلة الحوار مع روسيا التي نفذت معها المشروع المثير للجدل لخط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2”. زارت ميركل أيضا الصين، الشريك التجاري الرئيسي، في مناسبات عدة، ما قاد لاتهامها بانتظام بوضع المصالح الاقتصادية لبلدها قبل قضية حقوق الإنسان. رغم تراجع قوة الجيش الألماني، إلا أنه وسع أيضا مجال عمله في ظل ولاياتها المتعددة، من خلال التدخل خصوصا إلى جانب فرنسا في منطقة الساحل. – محرك أوروبا الاقتصادي -بعدما كانت توصف بأنها “الرجل المريض” في الاتحاد الأوروبي في مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، صارت ألمانيا (من جديد) القوة الاقتصادية الرائدة في القارة، بناء على الفوائض التجارية الضخمة والإدارة الصارمة للميزانية. تراجع معدل البطالة خلال 16 عاما، من 11,2٪ إلى 5,7٪ في تموز (يوليو)، في سوق لا تزال منهكة بشدة بسبب وباء كوفيد-19. ومع ذلك، لا يزال تباين كبير بين غرب البلاد وشرقها، إذ إن غالبية ولايات ألمانيا الديموقراطية السابقة لا تزال بعيدة عن المعجزة الاقتصادية الألمانية، ونسبة الوظائف منخفضة الأجر مرتفعة فيها. – خيبة أمل “مستشارة المناخ” -أقرت المستشارة أنغيلا ميركل في 22 تموز (يوليو) أنه “لم يحدث ما يكفي” منذ العام 2005 للتصدي للاحترار المناخي، لكنها مقتنعة رغم ذلك بأنها “كرست الكثير من الجهد” لهذه القضية. خلفت ميركل مفاجأة عندما قررت فجأة في العام 2011 إنهاء استعمال الطاقة النووية بعد كارثة فوكوشيما. ميركل التي شغلت سابقا وزارة البيئة في عهد هيلموت كول، ولقبت بـ”مستشارة المناخ”، اضطرت لرفع أهداف ألمانيا البيئية في الربيع تحت ضغط من المحكمة الدستورية التي اعتبرتها غير طموحة بشكل كاف. – صعود اليمين المتطرف -تميزت انتخابات العام 2017 التي توجتها مستشارة للمرة الرابعة على التوالي، بحضور غير مسبوق لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف في البرلمان. هذا الحزب المناهض للإسلام الذي ينحدر أكثر أتباعه تطرفا من حركة النازيين الجدد، ركب موجة المخاوف التي أثارها استقبال المهاجرين في العام 2015 لا سيما في ولايات جمهورية ألمانيا الديموقراطية السابقة حيث يتركز نشاطه. الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن التهديد الإرهابي اليميني المتطرف يحل الآن محل الخطر الجهادي، بعد عدة هجمات قاتلة. كما أن الاعتداءات المعادية للسامية آخذة في الازدياد. – مشروع أوروبي منقوص -اعتبرت مجلة “دير شبيغل” أن “الاتحاد الأوروبي في وضع أسوأ مما كان عليه عندما وصلت ميركل إلى السلطة في 2005″، منتقدة عدم وجود “رؤية” للمستشارة، إضافة إلى “الفجوة في المسائل المالية بين الشمال والجنوب” الأوروبيين، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وصعود الديموقراطيات غير الليبرالية. بدعمها في العام 2020 تشارك الديون أوروبيا، عادت ميركل إلى مقترحات الإصلاح التي قدمها الرئيس الفرنسي قبل ثلاث سنوات، وقد تعرضت سياسة الانتظار والترقب هذه إلى انتقادات من خارج ألمانيا وداخلها.