يمشي على عكازة ولا..
محمد سلامة
الثلاثاء 31 آب / أغسطس 2021.
رئيس وزراء إسرائيل نفتالي بيتيت وصف رحلته إلى واشنطن، بأنها قفزة في العلاقات مع إدارة الرئيس بايدن، فيما رأى معارضوه، بأنه عاد يمشي على عكازة، كي لا يسقط، ولا يستطيع أن يتجاوز تعليمات «عجوز البيت الأبيض»، وأنه يدير مرحلة، بعيدا عن منافسه الشرس نتنياهو.
بنيت..افلح حيث فشل سلفه نتنياهو في تسخين علاقات إسرائيل مع قوى الضغط في واشنطن ،وفشل في إقناع العجوز بايدن في تبني رؤيته في ثلاثة ملفات حملها ،وهو ينتشي لغة الانتصار ،أولها.. الملف النووي الإيراني، ورؤيته للاستيطان في الضفة،وحل الدولتين، ولهذا قال: معارضوه، بأنه عاد يمشي على عكازة ،ولا يستطيع استكمال سياساته، واقناع حتى وزراء حكومته في مواقفه الجديدة.
الرئيس بايدن رفض الذهاب إلى تدمير المنشآت النووية الإيرانية، وطالب بوقف الإجراءات الاحادية في الضفة الغربية (تجميد الاستيطان)، ودعا إلى تبني خيار حل الدولتين، فيما بينيت كان يصر على إنهاء الخطر الوجودي على إسرائيل، بضرب إيران، ويصر على النمو الطبيعي للمستعمرات، ويرفض حل الدولتين، مما دعا العجوز إلى إعطائه عكازته للمشي عليها ،وإبقاء الشرس نتنياهو بعيدا عن العودة إلى السلطة.
اليمين المتطرف باسرائيل (أنصار نتنياهو) يؤشرون على أن حلفاء واشنطن في المنطقة يعيدون ترتيب علاقاتهم الاستراتيجية بعيدا عن العكازة الأمريكية، فيما وحدها حكومة بينيت تمشي على عكازة العجوز بايدن ولا تملك رؤية لإقامة تحالف إقليمي لها في مواجهة إيران وتركيا،ولهذا يحاولون فكفكتها واخراجها من اللعبة، والمشكلة تبقى قائمة بأن لا خطة واضحة في واشنطن لتحريك ملفات الإقليم وإنهاء قضية فلسطين، ولا خطة واضحة لكيفية تغيير سلوك إيران ودفعها للتخلي عن طموحاتها في التمدد الإقليمي.
عكازة بينيت صالحة للمشي لمدة شهور أو ربما سنوات، لكنها لا توصله إلى مبتغاه في تحقيق أحلامه،فالتوقيت هو الأسوأ لإسرائيل اقليميا بعد الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان ،ولاحقا العراق وربما سوريا، وهذا التراجع سوف يدفع بقوى إقليمية وازنة لكي تملأ الفراغ، وروسيا ستاخذ حصتها ،كما أن الصين وضعت اقدامها وتسعى للبقاء، وهكذا فإن عكازة واشنطن ربما تُسقط احلافها واحدا تلو الآخر، وأن ما بعد ذلك هو تجدد دوامات العنف والإرهاب وليس استقرار المنطقة، على خلاف ما تريده شعوب الشرق وانظمتها السياسية كلها.
كثيرون في إسرائيل وغيرها باتوا يؤشرون على أن عكازة أمريكا للمشي صالحة حتى تاريخه، وأن البديل ليس جاهزا، وعليه فإن ضرورات مواصلة المسير دون عكازة أحد أمر صعب وغير ممكن في ظل احتدام المعارك على عدة جبهات، والخوف كله من سلالات الإرهاب المتحورة أكثر من جائحة كورونا وسلالاتها، والمحصلة التي يجمع عليها الجميع أن أمريكا إلى افول وأن تأخرت قليلا، وأن الصعود بات من نصيب قوى إقليمية ودولية ،وهذا كله على حساب غياب المشروع العربي والإسلامي في مواجهة مشاريع فرنسا وروسيا وإيران وتركيا وغيرهما.