عادل عبدالمهدي
هل الهجوم على الحشد الشعبي او البيشمركة عمل بريء؟ هل يخدم المصلحة والوحدة الوطنية؟ والامن ومحاربة “داعش”؟ وينسجم مع توجيهات المرجعية الدينية العليا؟ ويحقق مصالح الكرد، والعرب، والتركمان وغيرهم؟
فـ”الحشد الشعبي” و”البيشمركة” ولدا من رحم معاناة والآم الشعب، في ظروف صعبة وقاسية، غاب فيها الناصر والمعين. فساهما في رد الاعتداءات وتعزيز دور القوى الشعبية في الدفاع عن الوطن والشعب. لم يصنعهما قرار اجنبي، وهدفهما المقاومة ورد العدوان والظلم وليس التأسيس لهما.. اكتسبا شرعيتهما من ارادة الشعب، وقدما الشهداء والتضحيات، وساهما -بعناوين مختلفة- باشرف المعارك ضد الطغاة والمستبدين والارهابيين، ولتعزيز وحدة البلاد، وليصبح للشعب والقوات المسلحة ظهير ورديف متطوع، قوي لا يخون ويساوم، قوته الشعب بعد الله سبحانه وتعالى.
1- هذه هي الحقائق الاساسية لتقييم “الحشد” و”البيشمركة”، نشأة، وتاريخاً، ودوراً، واداءً. اما التعكز على الاخطاء، والمبالغة بالانحرافات الفردية وبعض الحماقات، والبناء عليها فهو ما يفكك الوحدة ويضعف قوى شعبنا ككل وفي كل ساحة، ولا يسمح بالتقدم والاصلاح. فالكرد لن يحققوا هدفاً نبيلاً او لمصلحتهم بتشويه سمعة “الحشد”، والعكس صحيح بالنسبة لمن يشوه سمعة “البيشمركة” ايضاً. وإلا لتخلينا عن “الشرطة” و”الجيش” بسبب حماقات البعض، ونسينا دورهما وتضحياتهما. فكم من مرة استخدمت “الشرطة” لقمع الشعب، وكم من مرة استخدم “الجيش” في المغامرات وارتكاب الجرائم في الجنوب وكردستان وبغداد والموصل والانبار وغيرها، او لاجتياح الدول المجاورة. فـ”الجيش” لم يكن دائماً (سور للوطن.. يحميه ايام المحن)، كما كنا ننشد في الابتدائية. فلو جعلنا الاخطاء والحماقات هي الاساس، لما عملنا على اعادة بناء الجيش بعد حله من قبل السفير “بريمر”، ليستعيد مكانته، هو والشرطة، للقيام بواجباتهما المقدسة، وتقديم كل هذه التضحيات انتصاراً للشعب ووحدة البلاد.
2- لاشك ان الهجمات التي تنال “الحشد” و”البيشمركة” تصدر عن جهل او خلل وانحراف.. فهناك قوى كردية وسنية وشيعية داخلية وخارجية، يزعجها “الحشد” والقوى المكونة له بتاريخها وانتماءاتها المعروفة.. فـ”الحشد” ولد من استجابة لفتوى المرجعية، وهو مدعوم بارادة شعبية واسعة وعميقة، وقام بالتصدي في احلك الظروف واقساها، وحقق نجاحات كبرى. رغم ذلك تسعى هذه القوى للتغطية على اخطائها بالهجوم على “الحشد” وتخويف السكان منه، واللعب باوتار المخاوف الطائفية والاقليمية والدولية، معتقدة ان ذلك قد يساعد في تبرير الاخطاء، وجلب الدعم لها من قوى لها حساسياتها ومخاوفها المعروفة.
3- بالمقابل فان بعض القوى الشيعية والسنية والكردية، داخلية وخارجية، تهاجم البيشمركة صراحة وضمناً، متمردة على توجيهات المرجعية الدينية العليا، وعلى توجهات الدولة ممثلة برئيس وزرائها ووزير داخليتها وقيادة الحشد، والتي تطالب بالتعاون مع “البيشمركة” في بسط الامن والنظام، وفي الدفاع عن وحدة البلاد، وفي استمرار التصدي للارهاب و”داعش”. هذه القوى تتغذى بالازمات والانقسامات، ولا ترى لنفسها قوة او رصيداً الا بدغدغة مشاعر البغضاء والكراهية والعنصرية، واثارة الفتن وصب الزيت على النار.
4- يتمتع “الحشد” و”البيشمركة” بشرعية دستورية وقانونية كاملتين، وهما جزء من القوات المسلحة، وليسا ميليشيات خارج مؤسسات الدولة. فتنص المادة الدستورية (9/اولاً/ب): “يحظر تكوين ميليشيات عسكرية، خارج اطار القوات المسلحة”. لذلك تمولهما الدولة، وتستند “القيادة العامة” عليهما في رسم خططها وعملياتها لضبط الامن ومحاربة ارهاب “القاعدة” و”داعش”. وهذا امر طبيعي، فـ”الحشد” و”البيشمركة” نموذجان راقيان لانتفاض الشعب ودوره في الملف الامني والدفاع عن الشعب تاريخياً وحاضراً. صحيح هناك الكثير من الاشكالات القانونية والادارية والمالية والاجرائية المطلوب تسويتها.. وانه حصلت وتحصل بعض الخروقات والجرائم تنفذ باسمهما.. لكن تشويه سمعتهما ومحاربتهما واخافة الناس منهما باستغلال الامثلة الشاذة والمتفرقة، لا يعكس سوى امراض وانحرافات تسعى لتغطية فشل القائمين على هذه الحملات ضد “الحشد” و”البيشمركة”.. بينما الموقف الوطني المطلوب هو تفهم ووضع هذه الامور في نصاباتها الحقيقية، لدعم وتقنين هذه القوات التي افرزتها الحياة وضرورات الدفاع عن الوطن ووحدته وأمنه في اشد الظروف واقساها.