هل ينجح الكاظمي في معالجة الفساد السياسي والاقتصادي في العراق؟
رغم أن حكومة مصطفى الكاظمي في العراق مؤقتة، وأن هناك حكومة عراقية جديدة ستأتي بعد الانتخابات البرلمانية القادمة في أكتوبر المقبل، فإن رئيس الحكومة الكاظمي يحاول أن يرسخ قواعد سياسية واقتصادية جديدة للحكومة القادمة، التي لا يستطيع أحد أن يتكهن بمدى سيرها على خُطى الكاظمي.
يوم الأحد الماضي وقع في العراق عقدًا مع مجموعة «توتال اينرجيز» الفرنسية للاستثمار في مجال الغاز والنفط وفي استغلال الطاقة الشمسية تبلغ قيمته 27 مليار دولار، وذلك بقصد توفير الطاقة الكهربائية للعراق، إذ ينتج العراق حاليًا 16 ألف ميغاواط من الكهرباء، وهذا أقل بكثير من حاجته المقدرة بـ24 ألفا في فصل الصيف، وتشهد البلاد انقطاعات متكررة للكهرباء، وخصوصًا في فصل الصيف الذي تصل فيه درجة الحرارة إلى أكثر من 50 درجة.
لكن في نفس يوم التوقيع على العقد مع الشركة الفرنسية قُتل 13 عنصرًا من الشرطة الاتحادية العراقية، وأُصيب 3 آخرون بجروح، في هجوم على حاجز أمني في محيط جنوب كركوك نفذه عناصر من (داعش) الإرهابية.. لكن ليس (داعش) وحدها هي التي تشكل تهديدا أمنيا للعراق، فهناك المليشيات الطائفية المسلحة الموالية لإيران، والتي نُسب إليها أيضًا قيامها بأعمال تخريب وتفجيرات لمنصات نقل الطاقة الكهربائية وشبكاتها في الآونة الأخيرة، لكي يمنعوا حكومة الكاظمي من عقد اتفاقيات لاستيراد الغاز المشغل للطاقة الكهربائية من السعودية والكويت! وبقاء تربح الفاسدين من عملاء إيران أموالاً طائلة من استيراد الحكومة للغاز الإيراني!
وحين تم صرف النظر عن استيراد الغاز والكهرباء من السعودية والكويت، حاولت حكومة الكاظمي التعويض عن ذلك باستيراد الغاز والكهرباء من الأردن ومصر.. وأيضًا رفضت الجماعات الموالية لإيران ذلك! وها هي تحاول (حكومة الكاظمي) أن تعتمد على فرنسا للاستثمار في الطاقة.. فهل تسلم الاستثمارات الفرنسية التي تقدر بـ27 مليار دولار من أن تطولها هي الأخرى تفجيرات وتخريب منشآتها في العراق على أيدي المليشيات المسلحة الطائفية الموالية لإيران؟
هناك فساد سياسي واقتصادي كبير في العراق يمتد من عام 2003 حين قامت أمريكا بغزو واحتلال العراق، وسلمته بعد ذلك للنفوذ الإيراني.. وهذا الفساد لا يقتصر فقط على الاقتصاد العراقي الذي تقاسمته الأحزاب والمليشيات الحاكمة في العراق طوال السنوات الماضية، وإنما ضلوع هؤلاء الفاسدين في تزوير الانتخابات البرلمانية، ومؤخرًا أفاد مصدر مقرب من اللجنة التحقيقية المختصة بمكافحة الفساد لمراسل «أخبار الخليج» بأنها أجرت تحقيقًا معمقًا مع الرئيس السابق للمفوضية المستقلة للانتخابات مقداد الشريفي الذي اعتقل في مطار بغداد قبل 4 أيام، وكشف عن عمليات تزوير واسعة لحساب أحزاب وقوى سياسية نافذة في انتخابات 2018، وقيام جهات أخرى بحرق مراكز انتخابية بالكامل وإتلاف البطاقات الانتخابية فيها. وتخشى حكومة الكاظمي من الكشف عن اعترافات الشريفي لأن تلك الاعترافات كفيلة بأن تجعل ما ترتب على انتخابات 2018 باطلاً، باعتبار أن الانتخابات مزورة وباطلة، وما بُني على باطل فهو باطل، وبحسب مراقبين من حكومة (العبادي) السابقة، فإن اللجنة قدمت إليه معلومات غاية في الأهمية عن حجم التزوير ونسبة المشاركة في الانتخابات التي لم تتجاوز 17 بالمائة! إلا أن (العبادي) خشي أن تتسبب تلك المعلومات في انهيار العملية السياسية! فضلاً عن ضغوط كبيرة مورست ضده لمنعه من الكشف عن تلك المعلومات التي ظلت طي الكتمان!
ويبقى السؤال: ما الذي يضمن ألا تتعرض الانتخابات البرلمانية القادمة في أكتوبر المقبل لنفس مصير الانتخابات السابقة؟.. وخصوصًا ان المليشيات الموالية لإيران تملك السلاح المنفلت في كل أرجاء العراق.. وتستطيع بواسطة هذا السلاح أن تشكل تهديدًا وابتزازًا سياسيًا ورعبًا للناخبين إذ سيجبرونهم على التصويت لصالح قوائم المليشيات الإيرانية.. وكلنا يعرف أن (صندوق اقتراع) يكون تحت تهديد السلاح لا يمكن أن يكون نزيهًا البتة.