فوزية رشيد
في البحث عن منطقة خالية من المليشيات!
{ قبل مجيء «نظام الملالي» كانت أغلب البلاد العربية خالية من الأحزاب ذات الذراع العسكري، إلا بعض دول عربية على رأسها مصر، شهدت ولادة العنف المليشياوي مع ولادة «جماعة الإخوان» في 1928، والذي جاء بدعم ورعاية من «المخابرات البريطانية»، لتكمل أمريكا بعد ذلك مسار الدعم لهم في العقود الأخيرة!
وكانت هناك بعض الأحزاب الأخرى ذات الذراع العسكري، كالتي نشأت من «الجبهة الشعبية» في لبنان ليأخذ المتأثرون بها طابعاً عسكريا في عمّان، بهدف إسقاط أنظمة خليجية وبادعاء تحرير الخليج! ونشأ في لبنان بعض الأذرع العسكرية للأحزاب، مثلما في فلسطين المحتلة بهدف مواجهة الاحتلال الصهيوني، إلى جانب حركات في بعض دول المغرب العربي لمواجهة الاستعمار الجزائري، مما يوضح بشكل أو بآخر أن «حركة الإخوان المسلمين» وهيكليتها التنظيمية كانت وحدها منذ نشوء نهجها المتطرف على يد «سيد قطب» وقبله «حسن البنا» هي التي أخذت منحى إسقاط الأنظمة في الدول العربية لإنشاء «خلافة إسلامية» بحسب الهدف! ومن هذا التنظيم الإخواني تناسلت أفكار (التطرف الإسلاموي السياسي) وأبرزها تنظيم «القاعدة» في الثمانينيات!
{ على نهج هكيلية تنظيم «الإخوان» اكتسب «نظام الولي الفقيه» وزعيمه الأول «الخميني» ملامح ذلك النهج وتلك الهيكلية، لتأسيس الذراع العسكري الخاص بنظام الملالي، الذي أصبح بعد ذلك فيما يُعرف (بالحرس الثوري الإيراني)، وحيث كانت تأثيرات اثنين على الخميني بارزة باعترافه وهما «هتلر» و«حسن البنا»!
ومع توسّع الأطماع الإيرانية ومشروع (الثورة المهدوية العالمية)، وتصدير الثورة الثيوقراطية إلى دول الجوار، وباسم (المناصرة الطائفية) تولى «الحرس الثوري الإيراني» منذ بداياته تأسيس «الأذرع المليشياوية» على خطى «حزب الدعوة» في العراق، ليتم إنشاء «حزب إيران اللبناني» المسمّى بـ«حزب الله»، لتبدأ مرحلة تفريخ الأحزاب المليشياوية التابعة للحرس الثوري الإيراني في عدد من الدول العربية! وبعد لبنان والعراق وسوريا جاءت بعض الدول الخليجية كالبحرين والكويت وشرق السعودية واليمن، لتتم سرقة أبناء هذه الدول باسم المذهب، والولاء للولي الفقيه! لتقوم المليشيات التابعة تلك بمحاولة خلخلة الأنظمة! والسيطرة على الدولة كما حدث في لبنان والعراق بعد تسليم أمريكا هذا البلد العربي للاحتلال الإيراني! وكما حدث في اليمن ليشكل «الحوثيون» انقلابهم وتهديد السعودية والخليج! ولتصبح (الأذرع الأخطبوطية المليشياوية الفاقدة للوطنية والولاء لدولها) أذرع إيرانية بامتياز لمحاولات التمدد الإيراني في المنطقة العربية!
{ لولا عملاء ومرتزقة إيران العرب من الطائفيين التابعين لها، لما تمكنت إيران من تهديد دول المنطقة (إرهابيا وعقديا ثيوقراطيا، وسياسيا إيديولوجيا)! وبهؤلاء الخونة لأوطانهم والمرتزقة، قام التهديد الداخلي للعديد من الأوطان العربية، ليتلاقى تهديدهم المنطلق من تهديد «نظام الملالي» بتهديد آخر هو «المشروع الشرق أوسطي الجديد» الذي أراد بناء تهديده للأنظمة العربية الوطنية وإسقاطها، على يد عملاء إيران من جهة وعلى يد «الإخوان» من جهة أخرى! وعلى شبكات التنظيمات الإرهابية الأخرى مثل «داعش» و«النصرة» وغيرهما، حتى ابتليت المنطقة بالأفكار المتطرفة والظلامية والإرهابية، التي اختطفت الدين لبناء سلطتها وأطماعها السلطوية ولخدمة المشاريع الخارجية!
{ وكما بدأت الرياح تكتسح «الإخوان» وتكنسهم من العديد من الدول العربية، بعد أن تمت تعريتهم أمام شعوبهم، فإن المنطقة العربية بشكل عام لن تهدأ، طالما بقي «الدينامو» أو «نظام الملالي الثيوقراطي» المحرك للمليشيات الطائفية المتطرفة موجوداً، والتي أصبحت مهدداً داخلياً بالوكالة! ولن يهدأ لبنان أو العراق أو اليمن أو الخليج، طالما بقي «نظام الملالي» وبقي عملاؤه ومرتزقته، يهددون الهوية الوطنية والقومية العربية في بلدانهم، والأمن العربي!
وبقدر الدعوة إلى منطقة خالية من النووي ومن الصواريخ الباليستية فإن الدعوة إلى (خلو المنطقة من المليشيات العميلة والتابعة إما لإيران وإما للإخوان وتركيا) لا تقل أهمية، بل أصبحت اليوم أولوية وجودية للدول التي تتواجد فيها مثل هذه المليشيات! ولا يمكن الجمع بين الدولة واللا دولة إن أرادت منطقتنا الاستقرار، وهذا حديث آخر!