1

التصحر خطر يتهدد ملايين العراقيين في غياب أي “خطط مائية”

أحد الأسباب يعود لبناء السدود من قبل دول الجوار من دون أخذ مشورة بلاد الرافدين وعدم مراعاة مصالحها

جبار زيدان صحافي عراقي @jabarzed  الاثنين 15 نوفمبر 2021 19:15

لم يكن العراق بعيداً من المتغيرات المناخية التي يشهدها العالم… فمنذ سنوات عانت بلاد الرافدين من أجواء مناخية سيئة أبرزها العواصف الترابية، التي جاءت نتيجة تقلص المساحات الزراعية واتساع رقعة التصحر في العراق، الذي تعددت أسبابه أيضاً. إلا أن أبرزها تضرر الأراضي الزراعية التي تنتشر على طول البلاد، وذلك نتيجة الجفاف وقلة المياه والنزوح الاضطراري لأصحاب المهن الزراعية من الريف إلى المدينة، وبناء دول الجوار على منابع نهري دجلة والفرات والروافد التي تصب داخل الأراضي العراقية.

يؤثر على 39 في المئة من مساحة البلد

ومطلع الشهر الحالي، أكد الرئيس العراقي برهم صالح، أن التصحر يؤثر على 39 في المئة من مساحة البلاد، فيما أشار إلى أن 7 ملايين عراقي تضرروا من الجفاف والتغير المناخي والنزوح الاضطراري. جاء ذلك خلال كلمة للرئيس العراقي عبر الفيديو في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “كوب 26” في غلاسكو، برعاية برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).

وذكر صالح أن “العراق يسعى إلى الدخول في حقبة بيئية جديدة عبر شراكات إقليمية ودولية”، مبيناً أن “الظروف الصعبة التي عصفت بالعراق خلال السنوات الـ 40 الماضية، جعلت البلد واحداً من أكثر البلدان هشاشة أمام التغيرات المناخية”.

وأضاف “التصحر يؤثر على 39 في المئة من مساحة البلاد، و54 في المئة من الأرض الخصبة معرضة لخطر فقدانها زراعياً، بسبب الملوحة الناتجة من تراجع مناسيب دجلة والفرات”.

تطوير الاستراتيجية البيئي

وقال صالح، إن “الحكومة تبنت مشروع (إنعاش بلاد الرافدين) ليكون إطاراً لتطوير الاستراتيجية البيئية، وهو مشروع للعراق والمنطقة التي تتقاسم التهديد الخطير للتغير المناخي”.

وتابع “مشروع إنعاش بلاد الرافدين يعتمد على برامج استراتيجية، تشمل تحديث إدارة مياه دجلة والفرات وتوليد الطاقة النظيفة والتشجير، وتشجع الاستثمار عبر صناديق المناخ الأخضر”.

وختم صالح، حديثه بالقول إن “موقع العراق الجغرافي في قلب المنطقة، وتنوعه البيئي من النخيل والسهول والأهوار والجبال، يمكّنه أن يكون منطلقاً لجميع دول الشرق الأوسط بيئياً”.

التصحر يلتهم مع التملح قرابة 200 ألف دونم من الأراضي القابلة للزراعة سنوياً.

اقرأ المزيد

بدوره، يشير مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، “مثلما التملح يضيف 35 مليون طن ملح سنوياً في السهل الزراعي الرسوبي، إذ يعد العراق أحد أكبر الممالح في العالم بسبب سوء الإرواء، فإن الأراضي الخصبة للعراق قد أخذت تتآكل لسبب خطير آخر، وهو التصحر الذي يلتهم أراضي البلاد الصالحة للزراعة التي تزيد على 24 مليون دونم”.

ويتابع أن “التصحر يلتهم مع التملح قرابة 200 ألف دونم من الأراضي القابلة للزراعة سنوياً في الظرف الراهن لسببين: الأول شح المياه من مصادرها خارج الحدود، والآخر ضعف الخطط المستدامة في مكافحة التصحر وبناء المناطق الخضراء”.

ويكشف صالح “بين صحراء الديوانية في وسط العراق وجنوبه وصحارى البعاج في شمال غربي العراق، تتعرض البلاد إلى هجومات تلتهم حرث العراق سنوياً، من أرض خصبة لا يفلح منها سوى 6-8 ملايين دونم من الأراضي القابلة للزراعة، في منتوج زراعي لا يزال بسيطاً، ولا يكفي حاجات البلاد على مدار السنة حالياً. فالتصحر والتملح والإهمال تؤدي إلى فتح باب الاستيراد للمواد الغذائية لتلبية حاجات السوق الوطني، ما يتطلب حراكاً قوياً نحو بناء سياسات ناجحة الهدف، منها تشكيل آصرة الزراعة والإرواء لمواجهة التصحر مثلما هي حال التملح”.

خسائر مالية كبيرة متوقعة

في حين، يرى الباحث الاقتصادي إيفان شاكر، أن “التصحر في العراق سيسبب خسائر مالية كبيرة للدولة وللفلاحين وللمزارعين. وأرجع ذلك لأسباب عدة منها بناء السدود من قبل دول الجوار ومن دون أخذ مشورة العراق، وعدم مراعاة مصالحه المائية والقومية، وكذلك عدم مقدرة الحكومة العراقية على تشكيل ضغط سياسي واقتصادي وتجاري منعاً لبناء هذه السدود الضخمة، وبكل تأكيد ستكون تداعيات بناء هذه السدود سلبية على العراق من الناحية الاقتصادية والزراعية. فالعراق يواجه نقصاً كبيراً في تدفق المياه من قبل تركيا وإيران، كما أنه سيدفع الثمن الأكبر جراء بناء السدود من قبل دول المنبع”.

ويضيف أن “السبب الآخر يعود لعدم لجوء الحكومة العراقية إلى بناء سدود ضخمة واستراتيجية كدول المنطقة، من أجل إنهاء شبح التصحر، وكذلك انعدام السياسة المائية لدى الحكومات المتعاقبة”.

التعليقات معطلة.