العراق يودّع آخر الجنود القتاليين الأميركيين
«الطرف الثالث» يدخل قفص الاتهام في قصف المنطقة الخضراءالثلاثاء – 17 جمادى الأولى 1443 هـ – 21 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15729]بغداد: «الشرق الأوسط»
ما أن أصدر بيانه الوحيد بتبني قصف السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء وسط بغداد حتى دخل من أطلق على نفسه اسم «لواء فاتح خيبر» بوصفه طرفاً ثالثاً في عملية الاستهداف بهدف «خلط الأوراق» مثلما أعلن جعفر الحسيني المتحدث العسكري باسم «كتائب حزب الله».
الحسيني أضاف في تصريحات له أن «استهداف السفارة الأميركية في بغداد جاء لخلط الأوراق» متهماً «جهات مشبوهة نفذت العملية في توقيت مريب لتحقيق أجندات خارجية». وبين أن «أسلوب الاستهداف وتعمد قصف المدنيين بحجة ضرب السفارة يكشف أن المستفيد هو العدو الأميركي» على حد وصفه.
من جهتها، فإن الحكومة العراقية تواصل تطبيق بنود اتفاق الحوار الاستراتيجي في جولته الرابعة التي قضت بمغادرة القوات القتالية الأميركية العراق نهاية الشهر الحالي. وفي هذا السياق فإنه في الوقت الذي غادرت آخر الوحدات القتالية الأميركية العراق من الأماكن التي تتواجد فيها في قادة «عين الأسد» والمطار فإن وفداً عسكرياً سوف يشرف خلال الأيام القليلة المتبقية على انسحاب القوات الأميركية التي تتواجد في قاعدة حرير قرب مطار أربيل في إقليم كردستان. وطبقاً لمصدر أمني فإن الهدف من «زيارة أربيل هو تفقد قاعدة حرير لمتابعة سير عملية انسحاب القوات القتالية الأميركية من القاعدة بحسب الاتفاق الأخير بين بغداد وواشنطن».
وبينما لم يعلن أي من الفصائل المسلحة المعروفة والتي تشكك بدوافع الانسحاب الأميركي من العراق نهاية الشهر الحالي مسؤوليته عن استهداف الخضراء فإن الأنظار تتجه إلى ما بعد الموعد المقرر للانسحاب وهو يوم 31/12/ الحالي. فطبقاً لما أعلنته «كتائب سيد الشهداء» فإنها سوف تبدأ باستهداف الأميركيين بعد منتصف الليل ومع مطلع العام المقبل لكن السؤال الذي ينتظر الجميع الإجابة عنه هو: هل ستعلن الفصائل المسلحة التي بقيت تنفي مسؤوليتها عن أي استهداف الأميركيين عن مسؤوليتها بعد استئناف عمليات القصف؟ وهل ستكون عملية الاستهداف عبر صواريخ الكاتيوشا أم لديها أسلحة جديدة سوف يتم الكشف عنها؟ وكيف سيكون موقف الحكومة العراقية والقوى السياسية العراقية التي لا تتفق مع ما تذهب إليه الفصائل المسلحة من عملية الاستهداف القادمة في وقت تصر بغداد على انسحاب كل القوات القتالية الأميركية من العراق؟
وفي هذا السياق يقول الدكتور حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون إصلاح القطاع الأمني لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة العراقية الحالية تعمل على إعادة بناء الدولة العراقية وبعد مخاض طويل عادت العلاقات العراقية – الأميركية إلى مسارها الطبيعي في ضوء اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين حكومة العراق وحكومة الولايات المتحدة». وأضاف علاوي أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي «نجح في إعادة العلاقات العراقية – الأميركية من المسار العسكري إلى المسار المتعدد الشامل (السياسي، الاقتصادي، الثقافي، الصحة والبيئة، التعليم، الشراكة في بناء القدرات العسكرية والأمنية والاستخبارية والطاقة) إلى مرحلة ما قبل سقوط الموصل عام 2014 عندما تشكل التحالف الدولي لمساعدة العراق في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي واستمر بالعمل على الإسناد والدعم والتجهيز». وأوضح «كان من المفروض منذ عام 2017 أن تخرج القوات القتالية وتنتهي مهامها لكن الحكومتين السابقتين لم تنجحا في طي ملف التحالف الدولي حتى جاء الكاظمي ليأخذ على عاتقه منذ الأشهر الأولى لعمر حكومته في عام 2020 استئناف جولات الحوار الاستراتيجي العراقي – الأميركي الذي تطور كثيراً وصنع مساراً جديداً للسياسة العراقية تجاه التعامل مع القوات القتالية من خلال الوصول إلى نقطة أساسية هو خروج القوات القتالية بصورة نهائية هذا العام وأن تركز العلاقات على الاستشارة والمساعدة والتمكين، وبذلك تعود العلاقات العراقية – الأميركية إلى طبيعتها».
وبشأن آخر خطوات الانسحاب أكد مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط» أن «عملية انتهاء مهمة القوات القتالية الأميركية دخلت حيز التنفيذ» مبيناً أن «الإجراءات مستمرة ومتواصلة، وآخرها كان تسلم الأجهزة الأمنية العراقية المواقع والمعدات من القوات المنسحبة». وأوضح أن «لجنة عراقية زارت قاعدة عين الأسد الجوية واطلعت على أماكن جمع المعدات، كما تم الاطلاع على نماذج من الآليات والأجهزة الفنية التي بدأت قوات التحالف تسليمها إلى الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب والقوات الأمنية العراقية». وأكد المصدر الحكومي أنه «في الوقت الذي يرى فيه البعض أن الانسحاب الأميركي شكلي وأن كل الذي حصل هو تغيير تسمية القوات من قتالية إلى استشارية فإن الواقع كان مخالفاً لمثل هذه التوقعات حيث تم الانسحاب بخطوات أسرع من المتوقع ولم تبق سوى أيام قلائل ليتم إعلان الانسحاب الكامل وانتهاء المهام القتالية لتلك القوات».
وبين المصدر الحكومي أن «الانسحاب دليل على قدرة الحكومة وفاعليتها الدبلوماسية إضافة إلى ثقة المجتمع الدولي بالقوات العراقية والتي وصلت إلى مرحلة تؤهلها مسك زمام الأمور بشكل تام دون الحاجة إلى تواجد أجنبي»، مشيراً إلى أن «التغييرات التي طرأت في تنسيق المهام بين الأجهزة الأمنية والعسكرية واللمسات الأمنية أعطت طابعاً مهنياً متميزاً للقوات العراقية في العام الأخير».