1

حزب بارزاني يطرح مرشحاً جديداً و”الاتحاد” يهدد بمقاضاته

باسم فرنسيس صحافي @basimhanna

ارتفع عدد المرشحين للمنصب من 24 مرشحاً إلى 60 مرشحاً بعد قرار إعادة فتح باب الترشح للرئاسة العراقية (أ ف ب)

تصاعدت حدة الخطاب بين الحزبين الكرديين الرئيسين، “الحزب الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني الكردستاني”، في ذروة صراعهما المحتدم على منصب رئاسة الجمهورية، مع طرح الحزب “الديمقراطي” بزعامة مسعود بارزاني اسم مرشح جديد لمنصب رئاسة الجمهورية، ليعلن “الاتحاد الوطني” بزعامة بافل طالباني، السعي إلى الطعن بهذا المرشح أمام المحكمة الاتحادية، في ظل تبادل للاتهامات بين قادة ونواب من الحزبين، والمحاذير من ممارسة سياسة “ليّ الأذرع” و”الخيانة” و”الاستقواء بطرف خارجي”.
وكانت رئاسة البرلمان الاتحادي أعادت فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية على الرغم من انتهاء المدة الدستورية، عقب مقاطعة معظم الكتل لجلسة السابع من فبراير (شباط) الحالي التي خُصصت لانتخاب الرئيس، على خلفية صدور قرار من المحكمة الاتحادية باستبعاد مرشح الحزب “الديمقراطي” هوشيار زيباري لاتهامات سابقة تتعلق بتورطه في “الفساد”، وتنافي سيرته مع “حسن السيرة والسلوك” عندما كان وزيراً للمالية عام 2016، مع قرار استمرار الرئيس الحالي برهم صالح عن حزب “الاتحاد” في مهماته إلى حين انتخاب رئيس جديد.
وارتفع عدد المرشحين للمنصب من 24 مرشحاً إلى 60 مرشحاً بعد قرار إعادة فتح باب الترشح، من دون الإعلان عن موعد لعقد جلسة انتخاب الرئيس، على ما أفادت مقرّرة مجلس النواب بيداء خضر.

مرشح جديد

وفي خضم هذا الإرباك، سارع حزب بارزاني إلى اختيار مرشح جديد عقب اجتماع بين قياداته، وجاء الإعلان في بيان للناطق الرسمي باسم الحزب محمود محمد، الذي أكد وقوع الاختيار على “ترشيح ريبر أحمد خالد، وزير الداخلية في حكومة كردستان”، مبيّناً أن “القرار جاء من أجل مواصلة الخطوات الدستورية للعملية السياسية في البلاد، على خلفية العراقيل التي وضعت أمام عملية انتخاب الرئيس”.
وأحمد خالد من مواليد عام 1968، حاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة والماجستير في الأمن الوطني، وهو الناجي الوحيد من عائلته التي قُتلت في حملة “الأنفال” الذي شنها النظام السابق ضد الأكراد في ثمانينيات القرن الماضي، وشغل مناصب مهمة في الحكومة الكردية، ويتولّى حالياً منصب وزير الداخلية.
وحذر رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وهو نائب زعيم الحزب “الديمقراطي”، من أن “نجاح الكرد مرهون بوحدة الصف من أجل حماية المكتسبات وتعزيزها وليس المناصب، وعلى جميع القوى الكردستانية مواصلة النضال لبلوغ الأهداف التي ضحينا من أجلها ومن أجل حقوقنا الدستورية على الرغم من الخلافات”.

فشل الحوارات

وفشل كل من طالباني وبارزاني في اجتماعهما الأخير للمرة الثانية بالتوصل إلى طرح مرشح “توافقي”، مع إصرار كل طرف على أحقيته بالمنصب بخلاف العرف السياسي الذي ساد منذ أول انتخابات عام 2005، فكان من نصيب حزب طالباني، مقابل منصب رئاسة الإقليم لصالح حزب بارزاني، وفق اتفاق أبرمه الطرفان آنذاك.
وتتجه الأنظار إلى موقف المحكمة الاتحادية إزاء شرعية إعادة فتح باب الترشح من قبل رئاسة البرلمان التي أحدثت انقساماً حاداً في الآراء بين من اعتبرها خطوة دستورية “لعدم انعقاد جلسة التصويت الخاصة بانتخاب الرئيس عقب إبعاد زيباري”، وآخر رأى أنها “مخالفة للدستور”، إثر تجاوز مهلة الثلاثة أيام المحددة للترشح، ومهلة الـ30 يوماً المحددة لانتخاب الرئيس كحد أقصى من تاريخ انعقاد أول جلسة للبرلمان.
وعلى خلفية هذا السباق، سارع زعيم “الاتحاد” بافل طالباني إلى إجراء مباحثات مباشرة في بغداد مع زعماء قوى “الإطار التنسيقي” الذي يضم معظم القوى الشيعية باستثناء التيار الصدري، للاتفاق على تفاهمات تفضي إلى استقطاب الأصوات لصالح مرشح الحزب للرئاسة ومنصب محافظ كركوك، وبعد ذلك الاستحقاق المتعلق بانتخاب رئيس الحكومة.
ولا تنحصر الأزمة القائمة بين الحزبين على منصب الرئاسة، إذ كان منصب محافظ كركوك في الغالب محل خلاف، بخاصة أن الأكراد يطلقون على المحافظة الغنية بالنفط تسمية “قدس كردستان”، ويطالبون بضمّها إلى الإقليم.
وأعلن القيادي في “الديمقراطي” هيمن هورامي أن “ترشيح أحمد خالد للمنصب جاء بقرار من رئيس الحزب مسعود بارزاني شخصياً”. كما وصف نواب عن كتلة الحزب قرار إعادة فتح باب الترشيح بأنه “قانوني”، نتيجة إخفاق البرلمان في انتخاب الرئيس بعد تجاوز مهلة الثلاثين يوماً، وفي حال طعنت المحكمة الاتحادية بدستورية الخطوة، فيرون أن “ذلك سيشمل إقصاء رئيس الجمهورية الحالي (برهم صالح) عن منصبه أيضاً”، كما استبعدوا أن يصوّتوا “بأي حال من الأحوال لمرشح حزب الاتحاد”.

اتهامات بـ”الخيانة”

وأطلق مسؤولون في حزب بارزاني تصريحات شديدة اللهجة  لوسائل إعلام الحزب ضد ما وصفوه بـ”مخطط الاتحاد الذي لن يمر من دون رد ثقيل”. وقال القيادي بلند إسماعيل إن “ما جرى ضد زيباري كان مخططاً كبيراً”. وأضاف أن “على حزب الاتحاد أن يفهم أنه لن يحظى بمنصب الرئاسة من دون موافقة بارزاني، والتاريخ يقول إن أي مخطط ضد حزبنا لن يمر من دون أن يدفع مرتكبه الثمن غالياً”.
كما أكد القيادي في الحزب “الديمقراطي” علي عوني أن “قرار إبعاد زيباري كان سياسياً، كيف يتم قبول ترشيحه ومن ثم يتم الطعن فيه؟ للأسف، فإن الاتحاد مرة أخرى طعن ظهر الكرد بخنجر الخيانة وحزبنا في مقدمتهم، هذا الخنجر الذي بأيديهم ليس لهم بل لغيرهم”، متهماً الاتحاد بـ”الاستقواء بطرف خارجي”، في إشارة إلى إيران. وقال “كانوا متأكدين أنهم سيفشلون في المنافسة، لذلك عمدوا إلى تأزيم الوضع، من خلال عدم عقد جلسة البرلمان وبقاء الرئيس صالح في منصبه، حزبنا لن يتوقف فاللعبة لم تنتهِ، ويمتلك الخيارات”.
ويعوّل حزب بارزاني على ورقة تحالفه مع “التيار الصدري” وتحالف “تقدم” بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
في المقابل، أفاد العضو البارز في “الاتحاد” أنور حسين، بأن قائد “فيلق القدس” الإيراني اسماعيل قاآني “قدّم في زيارته الأخيرة إلى أربيل والسليمانية، عروضاً للمساومة مع الحزبين الاتحاد والديمقراطي مقابل ألّا يصبحا طرفاً داعماً لأي طرف في الخلافات القائمة بين القوى الشيعية”. وكتب على حسابه في “فيسبوك” أن “قاآني في مقابل هذه العروض تعهد للديمقراطي بحل مشكلة حصة الإقليم من الموازنة في بغداد، وأن تستمر الأخيرة في دفع 200 مليار دينار التي ترسلها شهرياً إلى حكومة أربيل، كما تعهد للاتحاد أن يتم تجديد ولاية برهم صالح رئيساً للجمهورية”. وشدد حسين على أن “قاآني وعد أيضاً بحلّ خلافات الكرد مع الأطراف العربية والتركمانية في محافظة كركوك”.

دعاوى وفساد

النائب عن “الاتحاد” هاوري ملا ستار، كشف من جهته عن أن مرشح “الديمقراطي” ريبر أحمد خالد “يواجه دعوى قضائية، بالتالي سيكون مصيره كأسماء المرشحين السابقين الذين طرحهم الديمقراطي”، في وقت أعلن النائب عن “الاتحاد” في برلمان الإقليم كاروان كزنيي أن أحمد خالد “متهم باستغلال منصبه كوزير للداخلية في الإقليم من أجل مصالح شخصية، وأن الدعوى التي رفعتُها ضده لدى المدعي العام في الإقليم لم تُبتّ الآن نتيجة ضغوط سياسية، وفي حال تنصل الادعاء العام، فإنني سأقاضيه لدى المحكمة الاتحادية”.
وشدد كزنيي على أن “الدعوى المرفوعة ضد مرشح الديمقراطي تتعلق بتهمة فساد، عندما استولى على منحة مالية من الأمم المتحدة كانت مخصصة لتأسيس منظمة إنسانية وطنية باسم الهلال الأحمر، وحوّل الأموال إلى منظمة بارزاني الخيرية التي هي في مضمونها مؤسسة حزبية”.

دعوات للتهدئة

من جهته، قال النائب عن “الاتحاد” عباس فتاح في بيان، “إذا نظرنا من منطلق حزبي ضيق إلى قرار إبعاد مرشح منافس (في إشارة إلى زيباري)، من دون شك سيكون ذلك محل ترحيب، أما إذا نظرنا من منظور أوسع، فإنه يتعين أن يكون محل شجب لدى الكرد، كونها المرة الثانية التي يتم فيها إقصاء سياسي كردي أمام العراقيين والعالم. ومن دون شك أن ذلك يسرّ الشعوب والدول من حولنا عندما يشاهدون هذا الانقسام بين القوى الكردية المتنفذة”، محملاً حزب بارزاني النصيب الأكبر من المسؤولية “كونه أساء إلى سمعة أحد قادته، وهذا شأنهم، وكذلك أساء إلى الكرد وهو شأننا جميعاً، نأمل ألا يتكرر ذلك للمرة الثالثة”.
كما أكد القيادي في “الديمقراطي” أكرم صالح أن خلافات حزبه مع “الاتحاد”، “لا تعني انقطاع الاتصالات في ما بيننا، هناك خلاف وحوار، ويجب في النهاية أن نصل إلى حل”. وشدد في تصريح للقسم الكردي في إذاعة “صوت أميركا” على “وجود تدخلات خارجية، بينما يحاول زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، تعزيز سلطة العراقيين على بلدهم، لكن يبدو أنه لن ينجح بشكل كلّي”.

عقبات قانونية

ويذهب قسم من المراقبين والقانونيين إلى القول إن خطوات ترشيح أحمد خالد ستعترضها عقبات قانونية مع احتمال إقرار المحكمة بالطعون المقدمة حول إعادة فتح باب الترشيح من قبل هيئة رئاسة البرلمان بسبب تجاوز المدة القانونية للترشيح، في حين يرى آخرون أن المادة الدستورية المتعلقة بانتخاب الرئيس “تخلو من أي إشارة إلى الإجراءات البديلة في حال فشل انتخابه خلال المهلة المحددة”، ما أثار تساؤلات وسجالات حول “الثغرات والإشكالات” التي تعتري الدستور العراقي.
ووفق التفسير الذي صدر أخيراً عن المحكمة الاتحادية حول جلسة انتخاب الرئيس، فإن عقدها يتطلب حضور ثلثي عدد أعضاء البرلمان، البالغ عددهم 329 نائباً، مع موافقة الثلثين على تمرير اسم أي من المرشحين، ليُطرح أخيراً مصطلح “الثلث المعطل” الذي أثار أيضاً جدلاً بين القوى السياسية العراقية.

التعليقات معطلة.