مقالات

ألطائفية ألسياسية (الطائفية المذهبية وألعنصرية القومية)

الدكتور سامي المظفر

تتسم الطائفية السياسية بألاضطهاد ألسسياسي وألاقتصادي وسلاح للحكام يستعملوه متى اقتضت الحاجة من امتلاك نفوذ وممارسة سلطة واستغلال الدين من اجل دور سياسي في المجتمع والدولة فتحولت الطائفة المسيسة الى عدو للطائفة المسيسة الاخرى والقومية المتعصبة الى عدو القومية المتعصبة الاخرى لتحقيق مكاسب سلطة وثروة وجاه زائل على حساب الدين والقومية ويقول النبي محمد (ص) بعد ان سئل “أمن ألعصبية أن يحب ألرجل قومه ” فأجاب ” لا ولكن العصبية أن ينصر ألرجل قومه على الظلم ” وقال ألامام جعفر ألصادق (ع)”ألعصبية أن تفضلوا أشرار قومكم على خيار الاخرين ”
.

تبنى علية القوم ومن مستغلي الدين الطائفية البغيضة لاغراضهم الشخصية فاستغلوا جهل العامة وبداوا يوجهون بوصلتها حيث يريدون ,مع تأكيدنا على ان لا اساءة الى المذاهب ونحن جزء منها بمعانيها الايجابية في جو من الفلسفة والروحانية و دون سفك دماء وتعصب والطائفية البغيضة سوق سوداء للساسة والسياسيين واخطر ما فيها هو الصراع الذي يحدث داخل الطائفة والقومية الواحدة على من يمثل الطائفة والطائفية وهي نزعة سياسية لا علاقة لها بالعقائد الدينية او المذهبية وانما استغلال للدين والمذهب من اجل دور سياسي في المجتمع .

ان تعددية مكونات الشعب العراقي لا تسمح بالطائفية السياسية ولا تسمح باستحواذ اي طائفة مهما كان حجمها وتحت اي ذريعة على رقاب الناس والسيطرة على السسلطة لوحدها ومسكين ذلك المسؤؤل سابقا وحاضرا ألذي رأيته صباح يوم عندما كنت في مسؤؤلية وزارة التعليم العالي وقد ظللت جبينه سحابة سوداء من ألحزن ,يشعر أن قلبه يكاد ينتزع , فسألته ما بك أيها الرجل ,قال أرأيت ذلك ألامر ألذي أصدرته وزارتكم فهو أعدى أعدائي فقد أزعجني وأربكني وقلت كيف ذلك فقال في امركم هذا تجاوز للخطوط ألحمر وتجاوز ألطائفة وقلت له أي طائفة تتكلم عنها ,فأنا مسؤؤل عن جميع ألطوائف في هذه ألوزارة ومن لي بطائفة تجهل حتى أرضاع أطفالها ولبس ثوبها ,فأنا عراقي أولا ٌ قبحك ألله وقبح كل ما تأتي به من تخلف أنها ألأثرة أيها ألمسؤول.

وما أنقطع صوت هذا ألمسؤول حتى أنبرى أخر تصنع ألمسؤولية ولحيته طويلة كثة وشذا عنقه بسبحة طويلة وكأنه من أشقياء ألأخرة وما هذه أللحية وألسبحة ألا حبائل كان ينصبها لأصطياد عقول ألناس وقال لي أن قانون ألوزارة طائفي فما عليك أيها ألوزير ألا أن تغيره بقانون من طائفتنا وما أن وصلا من حديثهما ألى هذا ألحد حتى تركت مكانهما وذهبا لشأنهما بعد أن أوعزت ألى ألسكرتير أن ينهي ألمقابله .

وجملة ألقول ,فهذا ألمسؤول وذلك ألمسؤول يعتقدا أن ألطائفة أساس ألحكم وأنا أعتقد أن ألشعب هو مصدر ألحكم وأساسه ويعتقد ألمسؤول كذلك أن ألله خلق طائفته لتكون طفله لاهية لاعبه وأنه ما خلق ألطوائف ألأخلاق ألا أن تكون زينة مجلسها ودمية وأداة لهوها ولعبها وأنا وعلى أساس كوني من طائفته فما علي ألا أن أكون طيعا ضعيفا .

يدعي هذا السياسي انه يمثل طائفته ويخطأ عند ذلك , فالطائفة لا تمثل بفرد او مجموعة افراد بل بمجموع افرادها ,لها حرية اعتناق الرأي لا فرضه واتخاذ القرار لا القرار المتخذ وصنع القرار لا القرار المصطنع ,ويركب هذا السياسي مركب الدين ويجمع معه التعصب الطائفي ويصنع منهما القرار السياسي ويفرضه على طائفته والمؤسف حقا ان البعض من اهل الثقافة قد تواطأ مع هذا السياسي لنقديم ثقافة مشوشة تنمي العنف والتطرف .

يمثل هذا السياسي شعور غير عادي بالعظمة وحب الذات نادر الوجود ومن نوع خاص لا يفهمه خاصة الناس و يعاني من مرض نفسي يتصف بشعور الفوقية يتطور الى خيال ينسج فيه امكانية قيادة طائفته وبالتالي الابتعاد عن التعاطف الانساني واستغلاله للاخرين لمأربه طارحا مفهوما فريدا بالتفخيم لذاته ومغالاة في انجازاته وفق تصوره وقدراته الاستعراضية.

يشعر هذا السياسي بالعطش دائما لاشارات محددة ويستفز من ملاحظات معينة ويحلم بالمواقف التي تشير اليه بالبنان ويصدر احكاما يخدع بها طائفته ويتطلع ان يلاقي اعجابا واهتماما فضلا عن تصيده لاخطاء الاخرين واظهار صفات عدائية للمجتمع باكمله بعد عمليات تجريف غائر لكل مفردات الثقافة الوطنية وبروز مثقف السلطة الذي يبرر افعالها ومثقف الطائفة الذي يبني ثقافة الاجندات.

فالسياسي سواء كان من الطائفة (س) او الطائفة (ص) يقوم بالممارسات التي ذكرناها يمثل الانانية ويحدث الضرر في المجتمع ويرى في نفسه الافضل والاجمل والاذكى ويرى الناس اقل منه فيستبيح لنفسه استغلال الناس والسخرية منهم يثير اعجاب البسطاء ويستفزه التجاهل من النخبة والاذكياء ولا يريد ان يسمح الا المديح وكلمات الاعجاب وهذا السياسي استغلالي ابتزازي وصولي يستفيد من حاجات الناس ويحولها الى قضايا لتحقيق مصالحة الشخصية و يقع المجتمع بين تطلعات هذا السياسي الذي ينظر الى اعلى وبين السياسي الاخر الذي ينظر الى اسفل درك في محاولة لتحقيق اكبر قدرا من المكاسب حتى لو جاءت هذه المكاسب على جثة العراق .

ان القتل وفق التصور الديني فعل محرم يأثم فاعله ومن اكبر الكبائر ومن اعظم الجرائم فضلا عن التعدي على حقوق الاخرين وحرياتهم و نشوب نزاعات عنيفة وبالتسامح يمكن مواجهة تنامي التعصب والفتن الطوائفية والمذهبية وقد قرن اللله تعالى القتل بغير حق بالشرك به حيث قال في سورة الفرقان اية 68 “والذين لا يدعون مع الله الها اخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون من يفعل ذلك يلق اثاما “وتجريم القتل العمد ثابت في القران الكريم ففي سورة النساء الاية 93 تطرح عقوبة للقتل “ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما “والتهديد بالقتل او الشروع به فساد واستغلال يعاقب عليه كما جاء في سورة الاسراء الاية (16)”واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا “كما يحذر الخالق من العقوبة المتوقعة للشروع بالقتل في سورة الاسراء الاية (22) “ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا “.
أما العنصرية القومية السياسية فقد تركزت في شمال العراق حيث تبدلت الارض غير الارض بالرغم مما يتحدث به الناس من سعادة الحياة وطيبها وقفز للحكم من ارذل الناس فقد بدات الرياض الغناء تهفو نفسها واصبح الساسة متبذلين في شهواتهم مستهترين في ميولهم محتالون بعد ان وجدوا امامهم فقراء منكوبين وبرز من هؤلاء رجل من اتعس الرجال وبالرغم من تقدمه في السن وادبار امره فقد اصبح سلطانا بلا سلطان واصبح يعتقد ان الفقر عيب وعار وقضى على حريةالسواد الاعظم من شعبه وبدأ يصعر خده للناس فما اخبثك ياهذا وما اظلمك وما اشقاك .

فهذا الصعلوك الذي رفعوه مقدارا واسعا ساسة العراق من فسدة واشباه رجال فاكل ألسحت وألميتة ولحم الخنزير واموال الشعب واصبح باطرا واشرا بنعمة الله فلم يترك النوق في مراحها فهذا المدلل بعظمته قد فرض الاتاوات وكفر بنعمة الله واصبح جبانا رعديدا وقيد شعبه في قيود الذل والاستعباد يسوقهم سوق الجزار والقصاب ماشيته الى الذبح وبدا الشعب يذرف الدموع في ارض لا تنبت لهم راحة ولا سكون ونسى هذا ان الغدر والحيلة وممارسة النكاسة مع السياسة نوع من البغي الجديد وان لكل ارتفاع نهاية مهما كانت المسافة طويلة .

فيا ايها السياسي من الطوائف والقوميات لا تعتب علي ان قلت لك ان لي في الحكم رأيا غير رأيك وغير رأي اضدادك واعوانك وانني لا اعرف سعادة في الحكم غير سعادة الناس ولا افهم من السياسة الا وسيلة من وسائل تلك السعادة وانني لا افهم من الحاكم غير ان حقا عليه ان يحتضن الجميع فلا تقع عينيه من بعض المجتمع وفق مزايا وصفات وحسنات معينه ويا ايها السياسي ,انا لا اريد ان اخدعك بل اريد ان تنظر بحذر متيقظ لان في زاوية من الزوايا