مقالات

بلاسخارت تعرض واقعا شديد الوهن في العراق أمام مجلس الأمن

الأمم المتحدة تناشد السياسيين العراقيين التغلب على انقساماتهم و”دفن ثاراتهم الشخصية”

صباح ناهي باحث وكاتب عراقي  الأحد 27 فبراير 2022 7:02

رأت بلاسخارت أن هناك عرقلة لمسيرة التنمية وتدني خطط الاصلاح الاقتصادي في العراق (أ ف ب)https://7885b0c6ca55edf21e566136f036f8ca.safeframe.googlesyndication.com/safeframe/1-0-38/html/container.html

لم تكن السيدة جينين بلاسخارت متفائلة في الإحاطة الدورية التي قدمتها قبل أيام عن العراق، أمام مجلس الأمن الدولي، حيث عرضت الواقع السياسي والمعيشي فيه، واشكالات العمل السياسي في البلاد. وقالت إن “الشعب العراقي لا يزال ينتظر فرص عمل مربحة ومنتجة وينتظر الأمن وخدمات عامة مناسبة والحماية الكاملة لحقوقه وحرياته والعدالة والمساءلة والمشاركة الفعالة للنساء والشباب على سبيل المثال لا الحصر”.

عرقلة خطط الاصلاح

ورأت بلاسخارت أن هناك عرقلة لمسيرة التنمية وتدني خطط الاصلاح الاقتصادي، الذي تنتظره البلاد بشدة، محذرةً من ضعف الجبهة الداخلية الذي يؤثر سلباً على مواجهة تنظيم “داعش”، “المستعد لاستغلال أي فراغ سياسي وأمني، وأيضاً الضعف العراقي إزاء التدخلات الخارجية المستمرة”، مشيرةً إلى أن “صبر العراقيين يُمتحن الآن كما امتُحن في نوفمبر (تشرين الأول) 2019، حين خرجوا إلى الشوارع احتجاجاً على انعدام الفرص الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهو التحرك الذي انتهى بقتل المئات وأصابة الآلاف”.

الانقسامات الداخلية

وتعزو بلاسخارت تأخر العراق في تطبيق الإصلاحات، إلى “الانقسامات الداخلية وضرورة التغلب عليها، والاتفاق على برنامج يطّلع عليه العراقيون، ويكوّنون فكرة عما يمكنهم توقعه في السنوات الأربع المقبلة، والتعامل مع توقعات الجمهور والارتقاء إلى مستوى التحدي لتحقيق طموحات 40 مليون شخصاً يسمون العراق وطناً لهم”.

وأكدت ممثلة الأمم المتحدة على “ضرورة تجاوز الخلافات بين العاصمة بغداد وإربيل مركز إقليم كردستان”، محذرةً من أن “هذا الخلاف سيكون له ثمناً، عاجلاً أم آجلاً”. وكان قرار المحكمة الاتحادية العليا في البلاد بشأن عدم دستورية قانون النفط والغاز في حكومة إقليم كردستان، أثار تساؤلات أهمها حول توقيت إصداره بعد تعليقه منذ 10 سنوات. وأكدت أن “عدم السيطرة على زمام الأمور هو عمل محفوف بالمخاطر ربما يؤدي إلى عواقب بعيدة المدى، تقوّض استقرار العراق على المديَين القريب والبعيد، جراء الخلافات المتواصلة بين المركز في بغداد والإقليم، جراء التنافس على المصالح، وتقاطعها لاسيما موضوع عائدات النفط الذي يقر الدستور بأنه بيد الدولة المركزية في بغداد، مع السماح بالإدارة الذاتية للإقليم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تراكم القضايا العالقة وعدم التوصل إلى حلول، لا سيما المناطق المتنازع عليها في كركوك ومناطق أخرى يقطنها الأكراد ويطالبون بفرض سيطرتهم عليها”.

واقع اقتصادي مأزوم

وترى بلاسخارت أن الاقتصاد العراقي يعاني من “ارتفاع حاد في أسعار النفط، وانخفاض مستوى العجز وتزايد احتياطي العملات الأجنبية، يرافقه انفاق على توسيع شبكة الأمان وزيادة الانفاق على الخدمات الاجتماعية استجابة للجائحة”. وتصف الواقع الاقتصادي العراقي بأنه “ليس أقل عرضةً لتذبذب أسعار السلع وليس أقل معاناةً جراء الفقر أو البطالة. ولم يسجل مستوىً أقل من الفساد عما كان عليه في العام الماضي أو قبل العام الماضي”.
وهي بهذا التوصيف العميق لواقع العراق وأزمته، تلوّح بضرورة الإصلاح الهادف بمعزل عن الحلول الهيكيلية الدائمة، لكنها تحذر من نفاذ الوقت أمام مَن يريدون الإصلاح، وأكدت “قال لي مسؤول عراقي قبل مدة: حتى لو بدأنا الاصلاحات الاكثر إلحاحاً فوراً، سيتطلب الأمر جهوداً تفوق قدرات البشر لمعالجة التحديات المالية والاقتصادية والبيئية بشكل كافٍ اليوم”.

اقرأ المزيد


التحديات المتنوعة في العراق

وتجد بلاسخارت أن من الأمور الأكثر الحاحاً تتمثل “بالتحديات البيئية، فهي تمثل تهديداً ماثلاً، نتيجة نقص المياه التي تسببت في ظاهرة التصحر وملوحة التربة واختفاء الأراضي الصالحة للزراعة، وهي مخاوف بيئية قائمة، تقود إلى تزايد مخاطر الفقر والنزوح وعدم الاستقرار الاجتماعي وبالتالي تؤجج الصراع المجتمعي، بل تتعدى ذلك إلى حد نقص مياه الشرب في بلاد الرافدين. وتقول إن “مياه الشرب والبنية التحتية للري والصيانة متراجعة إلى حد كبير، كما لا تتم إدارة الموارد المائية في العراق بصورة فعّالة منذ فترة طويلة”. وتضيف أن “العراق معرض بشكل حاد لآثار ندرة المياه بسبب تغيير المناخ ونقص تدفق المياه من أنهاره”. واللافت أن بلاسخارت لم توجه اللوم للسدود التي بنتها تركيا على منابع نهري دجلة والفرات، ولتحويل إيران مجرى نهر الكارون الذي يصب في الأراضي العراقية تاريخياً وتحويل مجراه لجهة الشرق، فحرمت العراق من أحد مصادر مياهه الطبيعية.

وذهبت الممثلة الأممية إلى أزمة المخيمات والسجون على أطراف الأراضي العراقية حيث صرحت أن “هذه المخيمات والسجون تحديات غير مسبوقة تحمل آثاراً على المنطقة وما وراءها، فهي بمثابة قنابل موقوتة”، مشيرةً الى أن “إبقاء الناس في المخيمات إلى أجل غير مسمى في ظل ظروف مقيّدة وسيئة في تلك المخيمات يؤدي في نهاية المطاف إلى مخاطر على مستوى الحماية والأمن، أكثر من إعادتهم بطريقة منضبطة”.

المخيمات قنابل موقوتة

واستشهدت الممثلة الدولية بمخيم الهول على الحدود العراقية – السورية والظروف التي يعيشها الأطفال هناك، وكيف يكبرون وهم عرضةً للتجنيد القسري والتطرف والعنف، في ظل ظروف وصفتها بالمقيِّدة والسيئة، وتودي إلى مخاطر على مستوى الحماية والأمن، أكثر من إعادتهم بطريقة منضبطة”، مشيرةً إلى هرب الكثير منهم.
وكشفت الممثلة الدولية بأن الحكومة العراقية أعادت العائلات العراقية في مخيم الهول إلى الوطن وبدأت بإعادة مسلحي “داعش” واثنت على هذه الخطوة.
وأخيراً، نصحت السيدة بلاسخارت السياسيين العراقيين بالعمل بتوصية رئيس مجلس الأمن بتغلبهم على انقساماتهم. وقالت “عليهم وضع التحزب جانباً ويدفنون الثارات الشخصية”.

admin