يوم التسـامح يمرّ بلا تسـامح
بغداد: محمد الأنصارياحتفل العراق يوم أمس الأحد باليوم الوطني للتسامح الذي تم إقراره تزامناً مع ذكرى زيارة بابا الفاتيكان فرانسيس ولقائه المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني في النجف الأشرف، ورأى مراقبون أن من يجب أن يعمل بمبدأ التسامح هم الساسة لا الشعب المنسجم في ما بينه والمحب للآخر على اختلاف شكله ولونه.وتحدث السياسي المستقل الشيخ محمد الخزاعي عن تجربته الشخصية في مجال نشر التسامح والمصالحة الوطنية بين مكونات الشعب العراقي أسوة بتجارب جنوب أفريقيا وإيرلندا، حين تصدى في سنة 2005 لجمع شمل القادة السياسيين العراقيين في مؤتمر بالقاهرة، وقال: “لقد نجحنا في التوقيع على مشروع المصالحة الوطنية الذي يتضمن فقرات مهمة لحقن دماء العراقيين وردع محاولات تشظية المجتمع العراقي وتمزيقه”. ولفت إلى أن “الاختلاف والصراع والأزمات التي وصلت حد الاقتتال لم يكن السبب فيها أفراد الشعب العراقي، وإنما كانت نتاج صراع القادة السياسيين السابقين والحاليين وتمت تغذية الصراع خارجياً وداخلياً عبر مثيري الفتن”، مبيناً أن “الشعب العراقي عاش قرونا طويلة في سلام ومحبة وتآخٍ ووئام تام بين مكوناته ومن دون تفرقة، فإن كان على أحد الالتزام بيوم التسامح فإن ذلك موجه للسياسيين بالدرجة الأساس لا لغيرهم”.بدوره، قال الشيخ عصام البوهلالة، الأمين العام للتحالف الوطني لعشائر العراق، لـ”الصباح”: إن “التسامح هو صفة من صفات الكرم عند الإنسان، والشعب العراقي يمتاز عن باقي شعوب الأرض بكرمه الفائق منذ القدم، والاحتفال بيوم التسامح الوطني في العراق مناسبة تدل على العمق الحضاري والتأريخي لهذا البلد وما يحمله من ثقافة عالية، لكننا نتمنى أن ينعكس هذا التسامح على العلاقة بين السياسيين أنفسهم”.وبين البوهلالة، أن “ما حصل بعد عام 2003 من صراع راح ضحيته الأبرياء كان بسبب خلاف السياسيين أنفسهم وصراعهم على المناصب والمنافع الشخصية”. وتابع: “لذلك كنا من الداعين للمصالحة الوطنية الحقيقية بين القوى السياسية الحاكمة حتى نتمكن من وأد الفتنة التي يروج لها السياسيون بين أفراد المجتمع العراقي، فالشعب متصالح ومتسامح في ما بينه طائفياً ومناطقياً، لكن علينا أن نضغط على المرجعيات السياسية وندفعهم للتصالح مع أنفسهم أولاً، ثم التسامي والتصالح مع أقرانهم من السياسيين لإخراج البلاد والعباد من النفق المظلم الذي وضعوا العراق فيه، حتى يتجسد يوم التسامح الوطني الحقيقي في العراق”.من جانبه، قال الخبير في مجال مكافحة الفساد سعيد ياسين موسى في حديث لـ”الصباح”: إن “التسامح ينشر ذراعيه على امتداد حياة الشعب العراقي”، ويستذكر: “كنت طفلاً أعيش في منطقة شعبية بشارع الكفاح، الجيران من طوائف وأديان وقوميات الشعب بأجمعه بين عرب وكرد وسنة وشيعة ومسيح وصابئة ويهود، الجميع متسامحون يتشاركون الأفراح والأتراح، ما أحلى يوم السبت عندما تناديني جارتنا (سعيد تعال تطفي الناغ)، وهكذا كنا نذهب لكنيسة الشورجة لنحضر قداس الأحد مع زملائنا وكأننا في عرس، أما شهر محرم فلا أجد بيتاً أو فرداً إلا وتوشح بالسواد حزناً”، وختم بقوله: “التسامح واجب على ساسة البلاد وليس الشعب العراقي الطيب المتسامح بالأصل”.تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط