بقلم: جواد العطار
يأتي تحديد موعد للانتخابات التشريعية المقبلة في 15 آيار 2018 التزاما آخر باستحقاق دستوري واجب التنفيذ ومن آليات استمرار العملية السياسية والديمقراطية اولا؛ والتداول السلس للسلطة وفقا لإرادة الشعب ثانيا؛ ولتجنب حدوث اي فراغ دستوري او اللجوء الى حكومة تصريف اعمال وتعطيل شؤون البلاد ثالثا؛ ورابعا للحد من إثارة الخلافات بين المكونات السياسية.
وبالرغم مما مر به العراق من ظروف صعبة رافقت الدورة الانتخابية الماضية والمتمثلة بظهور داعش الارهابي والأزمة الاقتصادية الخانقة بفعل هبوط اسعار النفط العالمية والأزمات السياسية المتوالدة، الا اننا اليوم بامان والحمد لله بفضل فتوى الجهاد المباركة وتضحيات ابناء العراق الشجعان والإدارة الرشيدة للدكتور العبادي.
وما تنفيذ الاستحقاق الانتخابي الا استكمالا لصورة الامان الذي وصلناه بالقضاء على داعش الارهابي وتحرير كامل التراب العراقي وتجاوز الاثار السلبية لهبوط اسعار النفط العالمية وتوحد المكونات السياسية في مواجهة اهم تحديات المرحلة التي حاولت المساس بوحدة العراق. وبرغم الاعتراضات الكثيرة على آلية اختيار اعضاء مفوضية الانتخابات الجديدة الا ان وجود قضاة داخل المراكز الانتخابية قد يكون وجها آخر لتوزيع الصلاحيات والرقابة على العد والفرز وبما يضمن نوعا من النزاهة والشفافية على مجمل العملية الانتخابية. ورغم الاعتراضات ايضا على القانون الانتخابي الا انه ما زال هناك امل بتعديله من قبل البرلمان بحيث يكون مقبولا من الجميع ويتساوى المرشحون تحت ظلاله سواء اكانوا من الاحزاب الصغيرة او الكبيرة.
اما قضية منع التنظيمات العسكرية من المشاركة في الانتخابات او فصائل الحشد الشعبي التي أثيرت مؤخرا، فانه وان كان قضية دستورية ملزمة وفقا لما ورد في الباب الاول من الدستور – المبادئ الاساسية المادة (9) الفقرة – ج التي نصت على: ‘لا يجوز للقوات المسلحة العراقية وافرادها، وبضمنهم العسكريون العاملون في وزارة الدفاع او اية دوائر او منظمات تابعة لها، الترشيح في انتخابات لإشغال مراكز سياسية، ولا يجوز لهم القيام بحملات انتخابية لصالح مرشحين فيها ولا المشاركة في غير ذلك.’ واشار قانون الاحزاب السياسية بحظر تسجيل اي كيان سياسي يتخذ شكل التنظيمات العسكرية او شبه العسكرية، كما لا يجوز الارتباط بأي قوة عسكرية كما نص عليه البند الثالث – المادة الثامنة من القانون.
وعليه فان من واجب الدائرة المسؤولة عن تسجيل الاحزاب السياسية وادارة العملية الانتخابية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات باعتبارها ذات الاختصاص في منح اجازات الاحزاب السياسية اصدار اوامر الموافقة او المنع عن المشاركة بالانتخابات المقبلة والتعليمات الخاصة بذلك؛ هي ذاتها وليس غيرها. وتبقى المحكمة الاتحادية الفيصل في البت بالقضايا الخلافية ذات الشأن العام.
ان التهيئة للانتخابات والفترة الزمنية المتمثلة بالأشهر الثمانية المقبلة هي الفرصة المناسبة التي يجب ان يعمل فيها الجميع على إرساء العملية الديمقراطية من خلال بث أجواء الحوار والتفاهمات وطرح المشاريع الانتخابية والتنافس الشريف والابتعاد عن لغة الخلاف والسجالات لأنها لن تؤدي بنا سوى الى شيء واحد؛ وهو عزوف المواطن عن الذهاب الى صناديق الاقتراع. وهذا ما لا نتمناه ولا نرجو حدوثه.