وليد الزبيدي
من اهم التحولات في ميدان الاقتصاد، أن الاقتصاد الكلاسيكي والسياسي قد بدأ اولى خطواته بنظريات تضع أسسه الاولى في حين ظهر احدث نوع من الاقتصاد هو ” التشاركي” أو الاجتماعي بطريقة مختلفة تماما، وذلك بعد تحول فكرة أو اكثر إلى مشروع اقتصادي كبير، وإذا كان أبرز رواد نظرية الاقتصاد السياسي هو الاقتصادي الشهير ادم سميث، فإن الذي لفت الانظار إلى الاقتصاد التشاركي ليس مفكر أو عدد من المفكرين، وإنما تطورت فكرة جديدة تماما ووصولها إلى مستوى شركات عملاقة وفي مقدمة ذلك شركة airBNB ، الخاصة بتبادل السكن لمحبي السياحة والسفر، إذ استندت فكرة بسيطة إلى رغبة الكثيرين بقضاء أسبوع أو اكثر في بلد اخر، ويفترض أن ثمة من لديه ذات الرغبة في بلد اخر وربما في مدينة داخل البلد نفسه، فيكون البرنامج على شبكة الإنترنت هو الوسيط بين الاطراف، وهنا، لا يضطر هؤلاء لدفع تكاليف الاقامة، وفي الوقت ذاته ثمة من يحقق الفائدة ويجني الأرباح، ما يشجع على السفر، ولا يقتصر ذلك على تبادل السكن فترات محددة بل هناك حجز المنازل والبيوت الفخمة والغرف والشقق، وخلال فترة قصيرة حققت هذه الشركة ارباحا هائلة ووقفت في مقدمة الشركات الكبرى، وينطبق هذا القول ايضا على شركة UBER لخدمات النقل التي انتشرت في مختلف ارجاء العالم، وتتيح خدمة تطبيق الشركة لالاف الاشخاص بالعمل اثناء وقت الفراغ بسياراتهم الخاصة، ويحقق هؤلاء ارباحا جيدة، كما يتيح فرصة للزبائن للتنقل بسيارات حديثة مع السائق وتكون درجة الأمن عالية، لأن جميع معلومات السيارة وصاحبها موثقة لدى الشركة، كما أن مسار جميع الرحلات مؤرشف في تطبيق البرنامج.
إن الفترة الزمنية بين ظهور بدايات الاقتصاد السياسي والاقتصاد التشاركي تصل إلى قرنين ونصف القرن، لكن هل يمكن أن نتحدث عن “احتمالية” ظهور الثاني قبل الأول؟ بالتأكيد حصول هذا من المستحيل لعدة أسباب في مقدمتها واهمها، أن الاقتصاد التشاركي وجد في سياق التطور الطبيعي للاقتصاد والتقنيات الحديثة، وأن هذه التقنيات التي تحقق قفزات كبيرة في عالم اليوم، لا يمكن نشوؤها وتطورها بدون الأسس التي قامت عليها الثورة الصناعية وما شهدته من قفزات في تطور الآلة.
ولد آدم سميث في العام 1723 في مدينة أسكتلندية صغيرة تسمى كيركالدي. وهو فيلسوف واقتصادي ليبرالي، وما زالت نظرياته وكتبه تٌدرس في الكثير من الجامعات في مختلف ارجاء العالم، هو مؤسس علم الاقتصاد السياسي وواضع مبادئه الأولى في كتابه “ثروة الأمم” الذي نشر عام 1776. وقد قامت على أفكاره ونظرياته أسس “المدرسة الكلاسيكية” في الاقتصاد.
اما بالنسبة للاقتصاد التشاركي، فإن الخبراء والمختصين يعرفونه بكلمات مقتضبة توضح طبيعة هذا النوع من الاقتصاد، فهو نظام اجتماعي اقتصادي يقوم على مشاركة الموارد والأصول البشرية والمادية بين الأفراد والمؤسسات الخاصة والعامة. ويبدأ بمؤسسة أو شركة صغيرة ومتواضعة لكنه أثبت قدرته على التوسع والانتشار بطريقة مثيرة للاهتمام.