يُعدّ سرطان القولون والمستقيم ثاني أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين النساء وثالث أكثر السرطانات شيوعاً بين الرجال، بحسب الصندوق العالمي لأبحاث السرطان. غير أن الخبراء يؤكدون أنه بالإمكان الوقاية من سرطان القولون والمستقيم إلى حد بعيد.
وقال الدكتور ديفيد ليسكا، طبيب جراحة القولون والمستقيم ومدير مركز سرطان القولون والمستقيم في كليفلاند كلينك، إن فحص سرطان القولون والمستقيم يمثل في حد ذاته “فرصة للتدخل في الوقت المناسب”، مشيراً إلى أن التحسينات، التي يمكن أن يجريها المرء على نمط حياته قد تساعد في منع العديد من أشكال السرطان.
التدخل المبكرويمكن أثناء تنظير القولون التعرّف على الأورام الحميدة أو الخبيثة وإزالتها قبل أن تسبب أي ضرر، بحسب الخبير الذي أكّد أنه لا يمكن منع سرطان الثدي أو الرئة أو الدماغ بالطريقة نفسها، كما لا يمكن إزالة الأورام من أي من تلك الأعضاء بسهولة إزالتها من الأمعاء الغليظة.
وتظهر معظم الإصابات بسرطان القولون والمستقيم لدى الأشخاص، الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً، لكن الدكتور ليسكا أشار إلى وجود زيادة حديثة في معدل انتشاره بين المرضى الأصغر سناً، قائلاً إن الباحثين يتوقعون أن يكون مردّ هذا، في جانب منه على الأقل، إلى تزايد اتباع العادات الغذائية السيئة مع قلّة ممارسة الرياضة.
وإذا عانى المرء من أية أعراض غير اعتيادية، مثل نزف المستقيم أو تغير في سلوك الأمعاء أو ألم في البطن، ينبغي له عدم تجاهل هذه الأعراض، بغضّ النظر عن سنه أو تاريخ العائلة المرضي. ودعا ليسكا من تظهر لديه مثل هذه الأعراض إلى زيارة الطبيب. وأشار الدكتور ليسكا إلى أنه يمكن الوقاية من سرطان القولون والمستقيم باتباع الخطوات الخمس التالية.
الخطوة الأولى: الخضوع للفحوص المنتظمة
وقال الدكتور ليسكا إن سرطان القولون والمستقيم ينشأ من ورم سرطاني أو آفة أخرى محتملة التسرطن، ويستغرق الأمر حوالي 10 سنوات حتى يتحول الورم الحميد إلى سرطاني. لهذا يسمح تنظير القولون للأطباء بالعثور على الزوائد اللحمية إن وُجدت وإزالتها قبل أن تتحول إلى مشكلة.
وأشار ليسكا إلى أن تنظير القولون إجراء آمن وغير مزعج نسبياً، يستغرق عادة حوالي 30 دقيقة إذا لم تكن هناك حاجة لإزالة أية زوائد لحمية. ويجب على المرضى البحث عن مختص بتنظير القولون من ذوي الخبرة يعرف كيفية تمييز الأورام الحميدة وإزالتها بأكثر الطرق أماناً.
وشدّد الدكتور ليسكا على أنه ينبغي للجميع الخضوع لفحص منتظم إما بتنظير القولون أو بأحد الفحوص الأخرى الموصى بها، بدءاً من سن 45، الذي يبدأ عنده خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في الازدياد، لكن يجب على الأفراد المعرضين لخطر أكبر للإصابة بالمرض، كالذين لديهم تاريخ مرضي عائلي، التحدّث إلى الطبيب حول بدء الفحص في وقت مبكر.
الخطوة الثانية: اتباع نظام غذائي صديق للقولون
أوصى طبيب جراحة القولون والمستقيم بتناول المزيد من الفواكه والخضروات والخبز والحبوب الكاملة والمكسرات والبقوليات؛ لأنها تساعد على خفض خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان وترتبط بعمل الأمعاء بشكل صحي. كما نصح بالحد من تناول اللحوم الحمراء واللحوم المعالجة أو ذات المحتوى الدهني المرتفع، والتي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون. وأضاف أن الكحول أيضا عامل من العوامل المؤدية إلى خطر الإصابة بالسرطان، داعيا إلى الحدّ منه أو تجنبه.
وأشار إلى دراسة نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية وجدت أن اتباع نظام غذائي شبيه بالنظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، يرتكز على الأسماك والأطعمة الغنية بالألياف، مثل الفواكه والخضروات الطازجة، يقلّل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 43%، مقارنة بالنظام الغذائي غير النباتي.
الخطوة الثالثة: الحفاظ على وزن صحي
قال الدكتور ليسكا إن خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم يزداد بازدياد الوزن، وأوصى الأفراد بمراقبة مؤشر كتلة الجسم بانتظام، والذي يُحتسب بقسمة الوزن بالكيلوجرام على مربع الطول بالمتر، مشيرا إلى أن مؤشر كتلة الجسم، الذي يبلغ 25 أو أعلى يمكن أن يعني ارتفاع خطر إصابة الشخص بالمرض.
الخطوة الرابعة: التمرُّن بانتظام
نصح الخبير في كليفلاند كلينك الأفراد بممارسة التمارين المعتدلة لمدة 30 دقيقة يومياً لخمسة أيام في الأسبوع على الأقلّ، قائلاً إن النشاط البدني يمكن أن يساعد في الحفاظ على وزن صحي ويقلّل التوتر، ما قد يقلّل من خطر الإصابة بالسرطان.
وتشتمل الأمثلة على التمارين متوسطة الشدة للبالغين الأصحاء، المشي السريع وركوب الدراجة والتنس المزدوج.
الخطوة الخامسة: تجنب التدخين بأنواعه
يزيد التدخين من خطر الإصابة بسرطان القولون، وفقاً للدكتور ليسكا، الذي شدّد على ضرورة تجنبه تماماً. وفي الختام، ذكّر بأن “السرطان سبب رئيس للوفاة في جميع أنحاء العالم، ولكن يمكن الوقاية مما يصل إلى 85% من الإصابات بسرطان القولون والمستقيم أو علاجها بنجاح إذا خضع المريض المعرض للخطر إلى فحص تنظير القولون”.