مقالات

المخاطر النووية تتزايد مع استعداد روسيا والغرب لحرب طويلة

سامر أبو هواش

كتب محرر شؤون الأمن القومي في مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية مارك أبيسكوبوس، أن الحرب الروسية في أوكرانيا تقترب من شهرها الثاني، بينما تتزايد احتمالات التصعيد النووي بين موسكو والغرب.

ليس ثمة مؤشر أن الكرملين، المقتنع بأن مصالحه الوجودية في خطر في النزاع الحالي، لديه النية للتراجع أمام حملة الضغط الأقصى الغربية. على العكس، تدل المؤشرات على مزيد من التصعيدوبسبب الحرب في أوكرانيا، تمضي فنلندا والسويد نحو الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.

وقالت رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين خلال مؤتمر صحافي مع نظيرتها السويدية ماغدلينا أندرسون في استوكهولم: “كل شيء تغير عندما غزت روسيا أوكرانيا”.

وقالت روسيا إن توسع الناتو إلى السويد وفنلندا، من شأنه تعزيز وجود الحلف في بحر البلطيق وتالياً عسكرة الحدود الفنلندية الروسية التي تمتد 800 ميلا، وإثارة موجة من التصعيد النووي.

وقال نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديميتري ميدفيديف: “إذا انضمت السويد وفنلندا إلى الناتو، فإن الحدود البرية للحلف مع الإتحاد الروسي ستتضاعف. ومن الطبيعي أن هذه الحدود يجب تعزيزها”.

وأضاف “لا يمكن عندها الحديث عن وضع في البلطيق خالٍ من الأسلحة النووية. يجب استعادة الردع”، موحياً بشكل ضمني بأن هذه الخطوة ستحفز روسيا على نصب أسلحة نووية في البلطيق رداً على ذلك.

مقاربة جديدة للناتو
ولفت الكاتب إلى أن الرغبة الجديدة للناتو في البحث عن خيارات أمنية كانت مرفوضة ومستبعدة في السابق، لما تنطوي عليه من مخاطر، وما يمكن أن تتسبب به من استفزازات غير ضرورية، تسلط الضوء على مقاربة جديدة نشأت بعد الخطوة الروسية في 24 فبراير (شباط).

وقالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس خلال لقاء مع نظرائها في حلف شمال الأطلسي في وقت سابق هذا الشهر، إن “عصر الإنخراط مع روسيا انتهى”.

وأضافت أن الحلف يجب أن يعتمد عوض ذلك على “التصميم والدفاع والردع”، مشيرة إلى أن المبدأ الجوهري لقانون مجلس الناتوو روسيا في 1997، الذي ينص على أن الجانبين “لا يعتبران نفسيهما عدوين” بات ميتاً.

مسألة وقت
وفي الوقت الذي تستعد فيه روسيا لهجوم جديد في دونباس بشرق أوكرانيا، فإن الغرب يمضي في برنامج غير مسبوق من المساعدات العسكرية لأوكرانيا. وواشنطن لا تقدم السلاح فقط وإنما تحدد المناطق التي يجب أن يرسل إليها. واستناداً إلى تقرير صدر أخيراً، فإن إدارة الرئيس جو بايدن، خففت إلى حد كبير القواعد التوجيهية الداخلية بما يتيح للبنتاغون وأجهزة الاستخبارات الأمريكية، مشاركة المعلومات مع الجيش الأوكراني.

لكن إدارة بايدن لا تزال مترددة في تزويد القوات المسلحة الأوكرانية بمعلومات تتيح استهداف القوات الروسية داخل روسيا. لكن مع الضغط المتصاعد من الجمهوريين والديمقراطيين الذين يقولون إن الولايات المتحدة لا تفعل ما يكفي لدعم الأوكرانيين في الحرب، فإن الأمر يبدو مسألة وقت، قبل تجاوز هذا الخط أيضاً.

وحتى عبر الاستمرار في إرسال الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية بلا حدود، فإن الأعضاء الرئيسيين في الأطلسي يعقدون الموقف الأوكراني في محادثات السلام.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية: “نحتاج إلى ضمان أن أي مفاوضات في المستقبل لن تنتهي ببيع أوكرانيا، أو تكرار أخطاء الماضي”.

وفي الوقت نفسه، يطالب الإتحاد الأوروبي الكرملين “بانسحاب فوري وغير مشروط من كامل أوكرانيا”. وبكلام آخر، إن أي اتفاق سلام من شأنه أن يحفظ ماء وجه الكرملين، غير مقبول من الغرب. وأي تنازل، سواء على شكل ضمانات ضد توسع الناتو أو مرونة وضع بعض الأراضي في شرق أوكرانيا، يُعامل على أنه جريمة أخلاقية.

جرّ الكرملين إلى مستنقع
يبدو أن ائتلافاً يضم غالبية الحكومات الغربية، يعمل على منع تسهيل التوصل إلى تسوية لوضع حد للكارثة الإنسانية في أوكرانيا، ويعمل على جر الكرملين إلى مستنقع يستمر سنوات ويجعل الحرب التي خاضها “المجاهدون” في أفغانستان، لا تبدو شيئاً بالمقارنة معه.

ويضغط بعض الجمهوريين في الكونغرس على إدارة بايدن لدعم الهجمات الأوكرانية المعاكسة لاستعادة كل الأراضي التي احتلتها روسيا، بما في ذلك القرم، ودونيتسك، ولوغانسك.

وفي الوقت الذي انتقل فيه القتال إلى الشرق، فإن الدعوات لنقل القتال إلى داخل روسيا تتزايد. ويبدو أن ثمة تصميماً لدى الكثير من المشرعين في الغرب على حشر موسكو في الزاوية، لكن ماذا يمكن أن يحصل إذا نجحوا في ذلك؟

ليس ثمة مؤشرعلى أن الكرملين، المقتنع بأن مصالحه الوجودية في خطر في النزاع الحالي، لديه النية للتراجع أمام حملة الضغط الأقصى الغربية. على العكس، تدل المؤشرات على مزيد من التصعيد.

وحذر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليم بيرنز الخميس، من استخدام موسكو إذا أكركت أنها غير قادرة على قلب هزائمها في أوكرانيا بالوسائل التقليدية، في نهاية المطاف أسلحة نووية تكتيكية منخفضة القوة.

ومع تبدد الآمال في حل ديبلوماسي، فإن الحرب في أوكرانيا تهدد القارة الأوروبية، وكذلك بزعزعة أكثر للنظام الدولي، دون أن تلوح نهاية في الأفق.

admin