كي يبقى الأقصى
افتتاحية الخليج الإماراتية
تصرّ إسرائيل على تجاهل المواقف والدعوات التي صدرت وتصدر عن مختلف دول العالم، العربية والأجنبية، والمنظمة الدولية، بالتوقف عن التصعيد، والكف عن انتهاك حرمة المسجد الأقصى، وممارسة البطش ضد المصلين والمرابطين داخل المسجد وحوله، وتنفيذ عمليات اقتحام واسعة لمدن وقرى الضفة الغربية المحتلة، واعتقال مئات الشبان الفلسطينيين.
كما تتجاهل إسرائيل القرارات الدولية كافة التي صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن والتي تدعو إلى انسحابها من الأراضي التي احتلتها عام 1967، واعتبار المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية غير شرعية، وتؤكد على أن كل الإجراءات التي اتخذتها لتغيير الطابع الديني والجغرافي والتاريخي لمدينة القدس باطلة، في حين يدعي قادة إسرائيل بأن الأراضي الفلسطينية المحتلة هي “أراضٍ متنازع عليها”.
ولليوم السادس على التوالي لا تنفك قوات الاحتلال ومجموعات من المستوطنين تنتهك حرمة المسجد الأقصى، وتعتدي على المصلين بالهراوات والرصاص الحي والمطاطي والقنابل المسيلة للدموع، ما أدى إلى إصابة العشرات.
لقد جددت دولة الإمارات دعوتها إلى وقف انتهاك حرمة المسجد الأقصى، ووقف العنف، واحترام الدور التاريخي الذي يقوم به الأردن في رعاية المقدسات والأوقاف بموجب القانون الدولي، كما أن اللجنة الوزارية العربية التي تضم الإمارات العربية المتحدة ومصر والسعودية وقطر وتونس والمغرب وفلسطين، والمُكلفة بالتحرك لمواجهة السياسات الإسرائيلية غير القانونية في القدس، دانت خلال اجتماعها يوم أمس الأول في العاصمة الأردنية، الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، وحذرت من أن هذه الاعتداءات قد تشعل “دوامة عنف” تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، كما رفضت اللجنة جميع الممارسات الإسرائيلية غير الشرعية التي تستهدف الوضع القانوني والتاريخي القائم في المسجد الأقصى، ورفض أية محاولة لفرض تقسيمه زمانياً ومكانياً، لكون ذلك يعد خرقاً سافراً للقانون الدولي.
لا شك أن هناك إجماعاً عربياً وإسلامياً على أن القدس والمسجد الأقصى يمثلان جامعاً مشتركاً، وأنهما فوق أية خلافات سياسية، ولا يمكن السماح لإسرائيل بالاستمرار في نهجها العدواني والعنصري، والمضي في استباحتها لمقدسات المسلمين.
وكما أن فلسطين لا تقبل القسمة، فإن المسجد الأقصى لا يقبل القسمة أيضاً، فهو مكان عبادة خالص للمسلمين دون غيرهم، وهو بالنسبة لهم أولى القبلتين، وثالث الحرمين ومسرى الرسول الكريم، وهو واحد من المساجد الثلاثة التي تُشد إليها الرحال؛ لذلك فإن محاولات إسرائيل المتواصلة لتقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً بين المسلمين واليهود، كما فعلت في الحرم الإبراهيمي بعد احتلال مدينة الخليل والمجزرة التي ارتكبها اليهودي المتطرف باروخ غولدشتاين في 1994، سيواجهها الشعب الفلسطيني بمزيد من الصمود في أرضه، وبالدفاع عنه، ولن يبخل بتقديم التضحيات مهما بلغت، كما أنه بالنسبة للأمتين العربية والإسلامية “خط أحمر مقدس”.