1

رسالة إلى الحكومة العراقية

شوان زنكَنة مقـالات 2022-04-24 01:23A-AA+

بسم الله الرحمن الرحيم

رئيس جمهورية العراق السيد الدكتور برهم صالح المحترم

رئيس مجلس النواب العراقي السيد محمد الحلبوسي المحترم

رئيس مجلس الوزراء العراقي السيد مصطفى الكاظمي المحترم

وزير المالية العراقي السيد الدكتور علي علاوي المحترم

وزير الخارجية العراقي السيد الدكتور فؤاد حسين المحترم

م/ استثمارات العراق في أذونات وسندات الخزانة الأمريكية

لا يخفى عنكم، أيها السادة الأفاضل، ما يعانيه العالم من أزمات اقتصادية وصحية وأمنية، جراء حرب هجينة مزمنة، تسخن شيئا فشيئا بَدْأً من الأزمة الأوكرانية، ومرورًا بأزمات الشرق الأوسط وبحر الصين، فانتشر المرض، وارتفعت معدلات التضخم في كل دول العالم، وتصاعدت وتيرة المواجهات العسكرية، الأمر الذي دفع العالم إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة المرض والجوع والحرب، تلك الآفات الثلاث التي تنخر الهيكل العظمي للبشرية، وتهدّد بقاءَها واستدامتها.

في ظل هذه الأزمات، تبحث رؤوس الأموال عن ملاذات آمنة واطئة المخاطر، كالذهب، والفضة، والسلع، والدولار، واليورو، وتتجنّب الملاذات الآمنة عالية المخاطر كالأوراق المالية المتداوَلة في الأسواق والبورصات، والعملات المشفّرة.

ويتنافس الذهب والدولار على جذب رؤوس الأموال، في خِضَمِّ هذه الأزمات المشتعِلة والمتفاقِمة، فالذهب يدرُّ على مستثمريه عوائد جيدة في ظل ارتفاع سعره المستمر والمطّرد، بسبب ارتفاع معدلات التضخم العالمية، والتي تُعتبَر المرتعَ الخصب للذهب، إذ يُعتبَر الذهبُ أفضل ملاذ آمن في أجواء التضخم، وذلك على الرغم من ارتفاع مؤشر الدولار العالمي الذي عبرَ حاجز مئة نقطة.. فعلى الرغم من ارتفاع مؤشر الدولار، وقرار الفدرالي الأمريكي المُؤكّد برفع سعر الفائدة بمقدار 0.5%، وتقليص حجم الكتلة النقدية من الدولار في أمريكا، إلا أن كل ذلك لم يمنع، ولن يمنع الذهب من الارتفاع، وذلك لأسباب، أهمها:

أولا: نسبة الفائدة السالبة العالية التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي، فنسبة الفائدة الحالية في أمريكا هي أقل من 1%، بينما نسبة التضخم هي 8.5%، وهذا يعني أن الفائدة أوطأ من التضخم بحوالي 7.5%، بمعنى أن الفائدة سالبة بمقدار (- 7.5%)، وهذا سيدفع رؤوس الأموال إلى شراء الذهب لحمايتها من التضخم، الذي يعجز الدولار عن تأمينه، وهذا أيضا هو سبب انخفاض احتياطيات البنوك المركزية العالمية من الدولار إلى أقل من 60% من الاحتياطيات النقدية العالمية.

ثانيا: قناعة الأسواق المالية العالمية بعدم قدرة العالم على كبح جماح التضخم في المدى المنظور، أي السنتين القادمتين على الأقل، وهذا يرفع شهية هذه الأسواق الى حيازة الذهب بدل الدولار لتأمين الحماية من التضخم.

ثالثا: ارتفاع وتيرة الصراعات في بؤر الصراع العالمية، وبالأخص في أوكرانيا، مما ولَّدَ قناعةً لدى الأسواق المالية العالمية ومراكز القرار السياسية العالمية بإمكانية توسّع نطاق الأزمة الأوكرانية ونشوب حرب واسعة، في هذه الحالة سينكمش كلُّ الأوراق النقدية، ومنها الدولار، وستفقد النقود الورقية الكثير من قدرتها الشرائية مقابل الارتفاع المذهل الذي سيحصل في أسعار السلع والأمتعة، وسيأتي الذهب على رأس قائمة الأمتعة التي سترتفع أسعارها ارتفاعا كبيرا.

ويستثمر العراق أكثر من 20 مليار دولار في أذونات وسندات الخزانة الأمريكية، بفوائد سنوية منخفضة، وأقلّ من نسبة التضخم بكثير.. وأيًّا كان سبب هذا الاستثمار في السابق، فإنه اليوم استثمار فاشل، ومحفوف بالمخاطر، ويضرّ بمصلحة العراق حتمًا، ولا ينفع إلا الخزانة الأمريكية التي تسدّ عجزها بهذه الاستثمارات، ثم تستخدمها لتحقيق مآربها الداخلية والخارجية.

لذا، فأيها السادة الأفاضل..

أرى أنه يجب الإسراع في بيع هذه الأوراق، وشراء سبائك ذهبية بدلا عنها، وإضافتها إلى الاحتياطي المركزي، وذلك لحفظ الثروة الوطنية من الهدر، وتحريرها من خدمة الاقتصاد الأجنبي، والتمكن من استخدامها بمطلق الحرية وتحت السيادة الوطنية، ناهيكم عن أن أية أزمة في الاقتصاد الأمريكي أو في الدولار الأمريكي، ستنعكس سلبًا على هذا الاستثمار، وستتحول تلك الأذونات والسندات إلى أوراق مطبوعة لا قيمة لها حتى في غسل اليدين.

هذه مسؤوليتكم أمام الشعب، أيها السادة الأفاضل.. ألا هل بلغتُ، اللهم فاشهد!

التعليقات معطلة.