1

أبعد من المعارك بين الجيش العراقي و”اليبشة”… ماذا يجري في سنجار؟

05-05-2022 | 01:32 المصدر: النهار العربيبغداد–محمد الجبوري

قوات من الجيش العراقي في سنجار.

قوات من الجيش العراقي في سنجار.

A+A-يعيش قضاء سنجار القريب من الحدود السورية ضمن محافظة نينوى في شمال غربي العراق، حوادثَ أمنية غير مسبوقة، فبعدما عصفت به عمليات تنظيم “داعش” عام 2014، ها هو اليوم يدفع ثمن التداخل الإيراني والتركي الذي تسبب بهجرة جديدة واسعة للمجتمع الأيزيدي. ويعدّ سنجار من بين المناطق المتنازع عليها بين بغداد وإقليم كردستان، وتقطنه غالبية من الأيزيديين والقليل من المكوّنات الأخرى، بالإضافة إلى وجود جبل سنجار ذي الطبيعة الوعرة والمعقدة.  وبسبب عجز الحكومات العراقية المتعاقبة، وبخاصة بعد مرحلة تحرير القضاء من “داعش”، ولدت جماعات مسلحة من أبرزها قوات “اليبشة” التي تشكلت بدعم من “حزب العمال الكردستاني” المعادي لتركيا؛ بهدف الدفاع عن الأيزيديين، وتُعرف باسم “وحدات مقاومة سنجار”. وكان قضاء سنجار شهد على مدى أيام مواجهات بين الجيش العراقي ومقاتلين من “اليبشة”، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وتسبب بنزوح الآلاف، قبل أن يحكم الجيش قبضته بعد شهور من سيطرة القوى الموالية لـ”العمال الكردستاني”. وتقول مصادر إن سبب الاشتباكات يعود إلى رفض مقاتلي “اليبشة” تطبيق قرار الجيش بـ”إخلاء القضاء من القوات المسلحة كافة”، مصرّين على الإبقاء على نقاط عسكرية تابعة لهم وتحديداً في مناطق سكنية. 

  قيادة العمليات المشتركة العراقية، قالت بحسب بيان لخلية الاعلام الأمني، إنها أصدرت أوامرها “بشكل واضح للتعامل بحزم ووفق قواعد الاشتباك ضد أي تصرف أو ممارسة من شأنها زعزعة الأمن والنظام وحماية المواطنين هناك”.
واتهم البيان الذي صدر الإثنين “مجموعة من ما يسمى عناصر تنظيم اليبشة بقطع عدد من الطرق التي تربط ناحية سنوني وخانصور مع المجمعات والقرى المجاورة ونصب حواجز على هذه الطرق ومنعت حركة المواطنين بين هذه المناطق”.
وأضاف أن “القطعات العسكرية في قيادة عمليات غرب نينوى والوحدات المتجحفلة معها شرعت بفتح الطرق إلا أنها تعرضت إلى رمي كثيف مع انتشار للقناصين على أسطح عدد من البنايات وزرع الطرق بالعبوات الناسفة”.
وتابعت الخلية: “تعاملت قطعاتنا مع تلك العناصر المغرر بها وفق قواعد الاشتباك لفرض سلطة القانون والنظام وردت على مصادر هذه النيران بدقة وقامت بفتح الطرق أمام حركة المواطنين”. 

 وكان رئيس أركان الجيش الفريق أول الركن عبد الأمير يارالله تفقد برفقة قيادات عسكرية وحدات الجيش المنتشرة في سنجار لـ”متابعة الوضع الأمني والاطلاع على الجهد الاستخباراتي” في القضاء، وفق بيان لخلية الإعلام الأمني. رواية أخرى
لكن قوى سياسية وحقوقية عراقية وجهت انتقادات لطريقة تعامل الجيش مع هذه الأوضاع.
وذكرت وسائل إعلام موالية لـ”العمال الكردستاني” أن “الاشتباكات اندلعت عندما حاولت قوات من الجيش العراقي الدخول إلى مجمع دوكري وناحية سنوني في قضاء شنكال”، متهمة الجيش باستخدام أسلحة ثقيلة “كالدبابات والمدافع وقصف مدرسة، ما أدى إلى تدميرها كلياً”.
وأعلنت سلطات إقليم كردستان نزوح نحو 4000 شخص نحو محافظة دهوك. وقال مدير مركز تنسيق الأزمات في وزارة داخلية الإقليم حسين كلاري إن “الأحداث الأخيرة في سنجار يمكن اعتبارها الحملة 75 التي يتعرض لها الإيزيديون طيلة تاريخهم”، لافتاً إلى أن كثيرين من النازحين لم يتمكنوا من إيجاد مأوى، فيما لجأ آخرون إلى أقارب ومخيمات.
وفيما أبدت بعثة الأمم المتحدة في العراق قلقها حيال التطورات العسكرية في القضاء، دعت إلى “الحفاظ على سلامة أهالي سنجار الذين عانوا كثيراً في الماضي وهم يستحقون السلام تحت سلطة الدولة”. ووجه “المرصد العراقي لحقوق الإنسان” في بيان “نداءً عاجلاً إلى الحكومة العراقية للحفاظ على سلامة المدنيين وإبعاد الخطر عنهم، باعتبارها المسؤولة عن سلامة المدنيين داخل الأراضي العراقية. كما يوجه نداءً إلى الجيش العراقي للالتزام بالقانون الدولي الإنساني باعتباره القوة الأساسية المسؤولة عن أمن القضاء”.
صدام تركي – إيراني؟وفي وقت تحاول القوات العراقية إحكام سيطرتها التامة على القضاء، وطرد جميع الفصائل المسلحة المقربة من “الحشد الشعبي”، كما ذكر المحلل السياسي رمضان البدران، يدفع المجتمع الأيزيدي ثمن التدافع التركي – الإيراني. ويرى البدران في حديث لـ”النهار العربي” أن “طهران تريد من سنجار ممراً لتوسيع عملياتها إلى سوريا ولبنان ومنهما، أما تركيا فاتخذت من سنجار ذرائع وحججاً لتحقيق مصالحها وأحلامها التاريخية في القضاء، باعتباره مهماً بالنسبة إليها”. ويضيف أن “الحكومة الحالية تحاول سحب البساط من حزب العمال الذي يسيطر على سنجار، رغم الخلافات بين بغداد وأربيل حوله”، مشيراً إلى أن “بغداد وأربيل أبرمتا اتفاقاً في التاسع من تشرين الأول (أكتوبر) 2020، لتطبيع الأوضاع في سنجار، ينص على إدارة القضاء من النواحي الإدارية والأمنية والخدمية بشكل مشترك، لكن هذا الاتفاق الذي قضى بتسليم الملف الأمني إلى الجيش العراقي، ظل معلقاً حتى هذه اللحظة”. 

 الناشط الأيزيدي سامان داود قال لـ”النهار العربي” إن “من الواضح أن الأوضاع في سنجار باتت غير مستقرة في ظل المشكلات الأمنية الكبيرة، وأعتقد أنه تم إقحام الأيزيديين والجيش العراقي في مشكلات هم في غنى عنها، وما يجري يمكن أن نقول إنه حرب بالإنابة عن تركيا وإيران اللتين تبحثان عن مصالحهما في العراق عامة، وفي سنجار خاصة، وهناك أطراف محلية عراقية سهّلت ذلك الصراع بحكم المصالح المشتركة”. وقد أعلن الجيش العراقي، استعادة السيطرة على قضاء سنجار (شمالاً) وإعادة فرض سلطة القانون بعد أشهر من سيطرة جهات مسلحة تابعة لحزب العمال الكردستاني وحدات حماية سنجار (الحشد الإيزيدي).وكان القضاء شهد معارك، يوم الاثنين الماضي، قتل خلالها جندي عراقي وأصيب اثنان بجروح، بين الجيش العراقي ومقاتلين إيزيديين مرتبطين بحزب العمال الكردستاني المناهض لتركيا.وأكدت قيادة العمليات المشتركة أعلى سلطة في الجيش العراقي)، عدم وجود أي قوة مسلحة خارج نطاق الدولة العراقية في سنجار، مؤكدة إعادة فرض سلطة القانون على هذا القضاء بعد شهور من سيطرة جهات مسلحة خارجة عن القانون عليه.وفي ظل الاوضاع المتوترة هناك، زار وفد عسكري عراقي سنجار، بقصد تفقد الأوضاع الأمنية فيه والاطمئنان على سير العمل بعد يوم من فرض القوات العراقية سلطة القانون وإلغاء كل المظاهر المسلحة هناك.ويقول الناشط الايزيدي سامان داود تعليقا على مايجري هناك ومن هم قوات “اليبشة”:قوة عسكرية جلها من الأيزيديين ظهرت في بداية عام 2015 بعد دخول “داعش” تحت مسمى “اليبشة”، بدعم من “حزب العمال الكردستاني” للدفاع عن الأيزيديين في ذلك الوقت وتحرير مدينة سنجار، بحسب بيان التأسيس آنذاك. وعام 2018 أعلن عن تشكيل فصيل “لواء النصر” من عناصر “اليبشة” أنفسهم، ليكون ضمن تشكيلات “الحشد الشعبي” ومنظومة الدفاع العراقية، وكان يضم آنذاك 230 عنصراً بينهم نساء أيزيديات، ورافق ذلك إعلان “العمال” انسحابه من قضاء سنجار. بعد إصدار قانون “هيئة الحشد الشعبي” واعتبارها قوات رسمية في الدولة العراقية، تم ترتيب الأسماء والألوية والأفواج عام 2020، ليعلن عن اسم جديد لـ”لواء النصر المبين”، وهو “الفوج 80″، وليضم إلى صفوفه عدداً أكبر من المقاتلين الأيزيديين ويرتفع عدد عناصره إلى أكثر من 1500. وتعود المشكلة أساساً إلى اتفاق سنجار في 2020 الذي وُقّع بين بغداد وأربيل حول تطبيع الأوضاع في القضاء، ويقضي بأن يسيطر الجيش العراقي على كامل مفاصل سنجار، وتشكيل قوة شرطة محلية قوامها 3000 عنصر من أهالي المدينة، وإخراج جميع الفصائل المسلحة الأخرى. ويوضح داود أيضاً أن “الاتفاق رغم أنه لقي دعماً دولياً، واجهته معارضة أيزيدية، وبخاصة من القريبين من الحشد الشعبي نتيجة عدم إشراكهم في الاتفاق، وأيضاً اعتراضهم الشديد على فقرة إخراج الفصائل العسكرية”. وبحسب المعلومات التي حصل عليها “النهار العربي”، فإن عناصر “اليبشة” يتقاضون رواتب شهرية بنحو 500 دولار أميركي لكل عنصر من “هيئة الحشد الشعبي”.  وتضيف المعلومات أن رئيس الهيئة فالح الفياض “دخل على خط أزمة سنجار، وهناك تفاهمات ستحصل وتفيد بإبقاء قوات اليبشة في القضاء”.

التعليقات معطلة.