1

خطة انسحاب الصدر أُعدّت قبل 10 أشهر: «هذه تجربتي الأخيرة إما حكومة إنقاذ أو التظاهرات»

بغداد/ تميم الحسن

قبل 10 أشهر من قرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مقاطعة العملية السياسية كانت ملامح خطة الانسحاب قد رسمت والبديل هو «النزول الى الشارع».

وعلى النقيض فان خصومه تفاجأوا بتنفيذ «الصدر» لتهديده وسحب نوابه من البرلمان، ومع عدم وجود خطة «باء» للفريق المناوئ ظهرت عشوائية في التعاطي مع الموقف.

وحتى وقت قريب كان «الإطار التنسيقي» الشيعي، يتوقع ان يتراجع زعيم التيار الصدري عن قراره كما حدث في مواقف سابقة، لكن هذا لم يحدث.

وبقي «الاطاريون» متمسكون بفكرة عودة «الصدر» عن قناعاته الجديدة بعد انتخابات 2021 طوال الاشهر الثمانية الماضية، او انتظار إيران للتدخل.

حتى حلفاء «الصدر» لم يفلحوا في تغيير موقف الاخير، واعترف شريكه محمد الحلبوسي رئيس البرلمان والقيادي في تحالف «السيادة» بانه وقع على استقالة الصدريين على «مضض».

وقال الحلبوسي عقب الاستقالة المفاجئة للصدريين: «لقد بذلنا جهداً مخلصاً وصادقاً لثني (الصدر) عن هذه الخطوة، لكنه آثر أن يكون مضحيا…».

وكان اجتماع جرى في اربيل بين طرفي التحالف الثلاثي بغياب «الصدر» عشية قرار الاستقالة، تسرب عنه بانه كان لغرض اقناع زعيم التيار بالعدول عن موقفه.h

اوساط الصدريين تحدثت لـ(المدى) عن كواليس قرار الانسحاب من العملية السياسية، خصوصاَ ان التيار كان قد سحب وزراءه في حكومتي 2007 و2016 لكن لم يسحب النواب.

تقول تلك الأوساط، إن «خطة بديلة كانت قد وضعت اثناء قرار التيار الصدري المشاركة في الانتخابات على اعقاب تظاهرات تشرين».

في تلك الفترة حرص الصدريون على ان يكون قانون الانتخابات مختلفاً هذه المرة ويحاكي مطالب المتظاهرين، فيما اتهمهم خصومهم بانه كان «على قياس الصدريين».h

استثمر الصدريون القانون الذي سمح بتعدد الدوائر وبالترشيح الفردي لأول مرة منذ 2005، واستطاعوا جمع 72 مقعداً قبل ان تصبح 75 بانضمام مستقلين.

وتضيف اوساط الصدريين: «كانت هناك نقاشات داخل التيار وكنا نتوقع ان الهزة التي تعرضت لها بعض الفصائل والاحزاب المقربة من طهران لن تترك الانتخابات تمر بسهولة».

وظهرت خلال «تشرين» اتهامات ضد بعض الفصائل والاحزاب في التطور بالعنف ضد المتظاهرين، واعتقل عدد منهم بعد ذلك.

وبعد ظهور نتائج الانتخابات والتي كشفت عن تراجع كبير لشعبية القوى الشيعية التي شكلت فيما بعد ما بات يعرف بـ «الثلث المعطل»، عطل الاخير نتائج الانتخابات لشهرين بعد محاصرة الخضراء من جهتين.

وتمضي الاوساط المطلعة على حوارات الهيئة السياسية داخل التيار قائلة: «تحسباً لهذا الموقف ومواقف اخرى حدثت بعد ذلك خلال ازمة الاشهر الثمانية كنا قد وضعنا خطة للانسحاب او الاصطفاف مع العراقيين».

الاوساط تؤكد ان «زعيم التيار الصدري كان يقول بان هذه الانتخابات هي تجربته الاخيرة في التعاطي مع العملية السياسية في العراق: امام انقاذ العراق او الجلوس مع الشعب».

في هذه الانتخابات طلب الصدريون لأول مرة بعد 2005 الحصول على رئاسة الحكومة، كما انهم شاركوا لأول مرة أيضا باسم التيار الصريح «الكتلة الصدرية».

تشير اوساط الصدريين الى ان زعيم التيار قال في احدى تلك الحوارات التي سبقت اجراء الانتخابات: «ليست لديه تجربة سياسية أخرى.. هذه الاخيرة».

وبحسب تلك الأوساط، ان «خطة الانسحاب كانت قد وضعت لمساتها الاخيرة قبل شهرين على الاقل من بدء الاقتراع الاخير والذي جرى في تشرين الاول الماضي».

وتتفق احتماليات عودة الصدريين الى التظاهرات مع استمرار الانسداد السياسي وشحة الخدمات وخاصة الكهرباء والتي عادة ما تتسبب باثارة غضب العراقيين في كل صيف.

تخبط الإطاريين

لكن بالمقابل «سيناريو التظاهرات» وبمشاركة الصدريين يخيف خصومه، الذين بدوا متخبطين في التعامل مع موقف زعيم التيار الاخير.

وظهرت ثلاثة اتجاهات داخل الإطار التنسيقي للتعاطي مع موقف «الصدر»: موقف يغازل الصدريين، واخر تعرض لخصوم الاخير، وثالث يتحدث عن المضي بتشكيل حكومة.

وكانت تصريحات للنائب السابق عن منظمة بدر حامد الموسوي قد اغضبت حزبه، الذي اعتبرها بانها تمثل رأي المتحدث فقط.

وقال مكتب هادي العامري زعيم «بدر» في بيان أمس، إن «ما صدر عن السيد (حامد الموسوي) في أحد الحوارات التلفزيونية، لا يمثل رأي الحاج هادي العامري أو الإطار التنسيقي أو تحالف الفتح».

واضاف، «هذه اللغة التي تحدث بها السيد الموسوي مرفوضة جملة وتفصيلا لأنها تعكّر المناخ السياسي وتخالف المنهج المعتدل الذي يتبناه تحالف الفتح وقيادته، لذا اقتضى التوضيح».

وكان النائب السابق قد هاجم الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، ملوحاً الى ان هناك 6 ألوية على حدود إقليم كردستان.

حامد الموسوي، وخلال حديث متلفز، قال باللهجة العامية، ردا على تصريحات باستمرار التحالف الثلاثي رغم انسحاب الصدريين: «أجيبهم أسوكهم سوك- السيادة والديمقراطي الكردستاني..».

وتساءل الحزب الديمقراطي في رده على تصريحات الموسوي، كيف للحزب ان يتحالف مع مثل تلك «العقلية».

وكتب عرفات كرم، القيادي في الحزب في تغريدة على «تويتر» «كيف يمكن أن نتحالف مع هذه العقلية، لو كنتَ قرأتَ أسطراً في التاريخ لعلمتَ أن الرئيس بارزاني لا تزيده التهديدات إلا قوةً وصلابةً وعناداً ومقاومةً، فاقرأ شيئا من التاريخ لكي تعرف حدودك وحجمك أمام قمم الجبال الشامخة».

اما الاتجاه الثاني في تعاطي «التنسيقي» مع ازمة انسحاب الصدريين، مثله ضرغام المالكي، النائب عن دولة القانون، والذي أعلن بانه يسعى لإعادة نواب التيار الى البرلمان.

المالكي وهو زعيم عشائري معروف في البصرة، قال في بيان امس «سأقوم، وبعد الاستئذان من سماحة السيد مقتدى الصدر، والإذن من الإخوة نواب وجماهير الكتلة الصدرية الأعزاء (…) بالطعن أمام المحكمة الاتحادية باستقالات الإخوة في الكتلة الصدرية لغرض إعادتهم..».

بالمقابل فان الموقف الرسمي للإطار التنسيقي، هو المضي في الحوارات مع القوى السياسية لتشكيل الحكومة.

وأمس جمع نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون في منزله، اجتماعا للاتحاد الوطني وتحالف عزم وحركة بابليون «المسيحية» وبعض المستقلين.

وبحسب بيان صدر عن الاجتماع، فان الحاضرين ناقشوا «الاستمرار في الحوارات»، واستكمال انتخابات «رئيسي الجمهورية والوزراء».

ومن داخل الاجتماع يقول احد المصادر لـ(المدى) ان «القوى الشيعية لا تتوقع تشكيل حكومة بدون الصدريين.. امر خطر ان يكون التيار خارج المعادلة».تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط

التعليقات معطلة.