القوى الوطنية المدنية أمام لحظة الحقيقة: لا انتخابات في زمن الانهيار

10

 

الفرصة لا تنتظر المترددين.. والحل يبدأ ببيان وطني يُعرّي المنظومة ويقود مشروع التغيير السلمي

الفرصة التاريخية في لحظة فارقة
تعيش المنطقة والعالم حالة غليان استثنائية، مع تغييرات متسارعة في التحالفات الإقليمية والدولية، واصطفافات تعيد رسم خارطة النفوذ في الشرق الأوسط. الحرب الدائرة اليوم بين إسرائيل وإيران، والمرشحة للتصعيد حتى حدود الشلل الكامل للنظام الإيراني، تفتح الباب أمام تحولات كبرى، لعلّ العراق في مقدمة ساحاتها.
في ظل هذه اللحظة التاريخية، لا تعود الأمور كما كانت. ومع تهديد النفوذ الإيراني في العراق، واحتمال نزع الشرعية الدولية عن النظام الحاكم في بغداد، تنكشف هشاشة الطبقة السياسية الحالية، وتلوح في الأفق فرصة نادرة للتغيير الجذري.

لا انتخابات في ظل الانهيار المقبل
في هذه السياقات الخطرة، يصبح التفكير في المشاركة بالانتخابات القادمة ضربًا من العبث السياسي. فهذه الانتخابات لا تختلف عن سابقاتها، بل تبدو مصممة لإعادة تدوير نفس المنظومة التي أوصلت العراق إلى هذا الانهيار المتعدد الأبعاد.
الانخراط فيها اليوم لا يعني سوى المشاركة في حماية نظام بات مرفوضًا داخليًا ومهددًا خارجيًا. وعليه، فإن مقاطعة هذه الانتخابات يجب أن تكون فعلًا واعيًا، وخطوة استراتيجية تمهد لبناء بديل وطني حقيقي، لا انسحابًا أو عجزًا.

بيان وطني لا ورقة انتخابية: لحظة الحقيقة للقوى المدنية
القوى الوطنية المدنية مطالبة الآن بإصدار بيان وطني تاريخي وشجاع، يُعرّي العملية السياسية ويكشف ارتباطاتها المشبوهة، ويشخص أسباب الفشل البنيوي الذي طبع النظام القائم منذ 2003 وحتى اليوم. بيان يعيد تعريف المسار الوطني، ويرفض المشاركة في أي عملية انتخابية تُستخدم كغطاء لتجديد الشرعية المنهارة.
لكن هذا البيان لا يجب أن يقتصر على النقد، بل عليه أن يرسم طريق الخلاص، عبر:
إعلان قيادة معارضة وطنية سلمية ومنظمة.
تقديم مشروع واضح للتغيير يعيد الثقة بين الشعب والدولة.
التواصل مع الفضاء الإقليمي والدولي لصياغة تفاهمات تدعم هذا البديل الجديد.
إن لحظة إصدار هذا البيان ستكون لحظة التحول من التشتت إلى التنظيم، ومن رد الفعل إلى المبادرة، ومن الانتظار إلى الفعل التاريخي.

نحو مشروع وطني جامع قبل فوات الأوان
في ظل الزلزال السياسي الذي يضرب المنطقة، لن يكون هناك مكان للكيانات الضعيفة أو المرتبطة بالخارج. الفرصة الآن مواتية لبناء مشروع وطني جامع، يتجاوز الإطار الحزبي والطائفي، ويرتكز على قاعدة شعبية واسعة تؤمن بالوطن والدولة لا بالولاءات الموازية.
هذا المشروع يجب أن يحقق ثلاثة شروط أساسية:
يمثل تطلعات العراقيين بلا وصاية خارجية.
يعيد الاعتبار للدولة والسيادة والمؤسسات.
يستثمر الظرف الإقليمي والدولي لصالح العراق لا ضده.

بين الممكن والضرورة
لسنا أمام لحظة سياسية عادية، بل أمام فرصة تاريخية قد لا تتكرر. الحرب الحالية، والارتباك الإقليمي، وسقوط الهيبة الإيرانية، كلها عوامل تجعل من العراق ساحة تغيير محتملة. لكن نجاح هذا التغيير مرهون بجهوزية القوى المدنية.
فإما أن تتقدم هذه القوى لتكون البديل الجاهز لحظة سقوط المنظومة، أو أن يبقى العراق رهينة لفراغ مدمر، تملؤه قوى لا تؤمن لا بالدولة ولا بوحدة الشعب.
الوقت الآن هو وقت القرار الجاد، وبيان وطني جامع هو الخطوة الأولى نحو استرداد الوطن الاسير والمستباح .

التعليقات معطلة.