فن السياسة النوع والمضمون

1

كتب / عبد الخالق الفلاح…

ليس كل من تقرأ عنه في المجلات او الجرائد او تشاهده على شبكات الاتصال المقروءة والسمعية والبصرية ولا كل من تسلم منصبا في الدولة او عمل نائبا في مجلس محلي او وطني يسمى سياسياً ومن يكتب عن احداث جارية يسمى كاتب سياسي . لا ان علم السياسة هو ترسيم احداث وترتيب نتائج عليها بدراسات مطولة لذلك ليس كل من يعرف شيئا عن السياسة يسمى سياسي .لا بل يجب يكون له خبرة معينة وفن معين وتكتيك معين في استطلاع الاراء الاخرى وترتيب الافكار من ناحية النوع والشكل والمضمون مما يجعل الكثير يطمع في ان يكون سياسيا وبعكس ذلك يندم الكثير لانه بحر العلم ليس له اخر ويوصل الفرد الى نوع من المس الجنوني في بعض الحالات بسبب ارتباط علم النفس بعلم السياسة لدرجة الوصول الى ما هو مفهوم.

“لقد ساد العالم في فترة العصور الوسطى الحضارة الإسلامية الناشئة، التي كان لها اساسات فكرية وحضارية واسعة والتي تبدأ بظهور الدين الاسلامي الحنيف في بداية القرن السابع الميلادي على يد خاتم الانبياء سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم، وازدهار العلوم والمعارف في تلك الفترة. ومنها الجانب السياسي” . فجاءت المبادئ الاسلامية موضحة ما يجب ان تكون عليه الدولة .وفي ايجاد السبل الواقعية التي تكفل المبادئ في كل المجالات العلمية والفكرية والانسانية ومنها السياسية.

علم السياسة تشمل الدولة مقوماتها ووظائفها، وتشمل الحكومة وأنواعها وسلطاتها التشريعية والتقليدية والقضائية، وتشمل الرأي العام ومكوناته والجماعات والهيئات ذات الأثر في السلطة، كما تشمل العلاقات الدولية والقوانين التي تنظم هذه العلاقات .وقد اطلق البعض كما هوالفيلسوف الاغريقي ارسطو على علم السياسة لقب سيد العلوم ، لإعتقاده أن كل العلوم قد نهلت من ينابيعه .

وقد عرف الأميركي إيستن علم السياسة بأنه العلم الذي يقوم بدراسة التوزيع (السلطوي الإلزامي) لجميع القيم في المجتمعات، أي أن هذا العلم يصب اهتمامه على دراسة الأدوار المحوريّة للسلطات السياسيّة في عملية الحفاظ على قيم المجتمعات، وتنفيذ القوانين باستخدام الإكراه والقوة إن اقتضى الأمر في عمليّة مواجهة الخارجين عن هذه القوانين والقيم. جوانب تعريفات علم السياسة.

تحتل السّياسة او علم الجدل كما يحب البعض تسميتها جانبًا مهمًّا في حياة الزّعماء والقادة، كما يتعلّق الكثير من الكتّاب والمحلّلين بالسّياسة باعتبار أنّ الكتابة فيها هي مهنتهم التي يتكسّبون منها أو هي هوايتهم التي تستهويهم وتلامس شغاف قلوبهم، وذلك لما في السّياسة من مفاجآت ومغامرات وتشويق أحيانًا فالإنسان من اي شعب وملة كان عربيًّا كان أو غربيًّا يقبل يومًا بعد يوم على متابعة أمور السّياسة والأحداث السّياسيّة في المنطقة والعالم بسبب تأثيرها على حياته ومجتمعه .

“وقد برع الكثير من السّياسيين عبر التّاريخ الحديث بالذات خلال القرن الماضي في قضيّة السّياسة وإدارة شؤون الدّولة الخارجيّة والدّاخلية، ومن أبرز الأسماء كان رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرتشل، ووزير الخارجية الأمريكي هينري كيسنجر، وقد مثّلت السّياسة لهؤلاء وغيرهم سبيلاً للخروج من المآزق والأزمات، فأن تكون سياسيًّا بارعًا فهذا يعني أن تكون قادرًا على خدمة وطنك بكلّ السّبل والوسائل وأن تصل بها إلى برّ الأمان وهذا يعني التعلم باستمرار من دروس التّاريخ، والنظر في أحداث التّاريخ نظرةً ثاقبة متبصّرة لاستنباط الأساليب الصّحيحة في الحكم والسّياسة الرّاشدة، فالتّاريخ يعيد نفسه كما يقال والسّياسي الذّكي من يكون قادرًا على تجنّب الأخطاء التي وقع فيها السّياسيّون عبر التّاريخ
” السياسي يجب ان يتصف بعدة صفات مهمة منها.
1 -القدرة على الخطابة والتّأثير في النّاس، فعبر التّاريخ كان السّياسي النّاجح والمحنّك و القادر على أن يتكلّم في جموع النّاس بكلامٍ مؤثّر وبليغ يبعث فيهم الحماسة ويدغدغ مشاعرهم ويثيرها للاهتمام بقضاياهم رابحاً لان النّاس مهما كانت مشاعرها تحتاج إلى من يستطيع بحنكته وكلامه أن يخرج تلك المشاعر لتترجم أفعالاً على أرض الواقع، وفي الحديث (إنّ في البيان لسحرًا)، وهذا يعني أنّ بعض الناس يمتلكون موهبة سحر النّاس بكلامهم المنمّق والمؤثّر بحيث يلتفون طواعية حول صاحب الفكرة والرّسالة”

2 – ان يكون صادق الوعد قادراً على اتخاذ القرارات التي يرى أنّها الصّواب في الوقت المناسب والزّمن المناسب وبدون تردّد، فلا بد من بناء مخزون فكري يكون بالتفاعل مع الواقع ويتوجه الى نقاط الضعف وتحويلها الى قوة وينظر في أحداث التّاريخ نظرةً ثاقبة متبصّرة لاستنباط الأساليب الصّحيحة في الحكم والسّياسة المستقبلية و تجنّب الأخطاء التي وقع فيها السّياسيّون عبر التّاريخ يفرز من خلال الموازنة بين الإيجابيّات والسّلبيّات وتغليب المصلحة العامّة عليها.

3-الابتعاد عن النفاق السياسي الذي هو صفة من صفات التخلف واﻹنحطاط وهذا النوع من الثقافات المدمرة للعلاقات الإنسانية وأواصر الترابط الاجتماعي والوطني لأنه يولد حجما من عدم الثقة في أوساط المجتمع و تقف عائقا في سبيل تطوره لأن أولى خطوات التطور أن تتوفر في المجتمع عناصر الثقة ما بين مكونات هذا المجتمع وقد بين القرآن صفات المنافقين ومكائدهم وخصص سورة كاملة .ومنها الاية 4 منافقون( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)

4 – يجب ان يتميز السياسي بالشجاعة و يملك الجرأة في التأشير على الممارسات الخاطئة في اي نظام ، وعدم الخشية من ان يفقد الموقع الذي هو فيه و تجنب صفة الكذب فأنها ناجمة عن عدم قدرة هذا السياسي من أداء دور مستقل ووصل الحال ببعض المنخرطين في الهم السياسي الحالي رق وطنهم في كثرت تنازلاتهم ومداهناتهم .في حين ان كل فرد فيهم يجب ان يكون مستقلاً وان لايجعل لصناعة القرار لديه مرهونة بيد أطراف أخرى و لها دور في استمرارية وجوده في هذا الموقع او ذاك.ومع الاسف ان هذه التربية التي أخذت تنهش جسد اكثر الطبقة السياسية والثقافية الحالية بل المنبطحة تحت أقدام المتولين للامر ولدت فئات لا حول لها ولا قوة في الواقع، ولكنها شديدة التنافخ في الظاهر، بأن لها وزن واهي فاقدة لهذا الوزن عليه لا يمكن أن تقوم لهم قائمة مادامت تنتشر فيهم هذه الثقافة المتدنية والضعيفة.

ولايمكن في الحقيقة من تسمية الحاكم او الوالي فقط برجل الدولة فقد يكون فلاحاً او عاملاً او تاجراً من الذين تتوفر فيهم المميزات التي تجعلهم بهذ الصفة …لان الكثير من الناس بسبب قلة الاهتمام والفهم للحياة السياسية ولايتابعونها يحصرون تسميت رجل الدولة بالسياسي الذي يتبع رجال الدولة او الحاكم . بينما ان رجل الدولة هو المبدع القادر على حماية وتحقيق المكاسب ويتمتع بعقلية الحكم وفنون الادارة والقدرة على التأثير في سير العلاقات الخاصة والعامة والتربية الملائمة للركون الى الهدوء للتدقيق والبحث في الافكار والمفاهيم المطابقة للواقع وعدم اجترار الافكار وسلك الطريق نحو التحول بروح التضحية والمنافسة النزيهه والبذل للوصول الى الغاية والهدف المنشود في المجتمع بناءاً على القناعة التامة بالروح التي تعلمها فلا يأبه العزل او الموت

التعليقات معطلة.