مقالات

أصداف : مؤتمرات للسياحة أم للسياسة؟

 
وليد الزبيدي
 
 
منذ سنوات أرقب ظاهرة لافتة، وحصلت تقريبا في أغلب المؤتمرات والندوات التي وُجهت لي دعوة للحضور والمشاركة ولبيتها، وهنا، أود الإشارة إلى أنني أعتذر عن حضور مؤتمر أو ندوة لا ألمس في برنامجها ما يفيد وفي الجهة المنظمة للفعالية ما هو جاد، بمعنى أن المشاركة ليست سوى تزجية للوقت دون فائدة تذكر، في حين هناك ندوات ومؤتمرات قد تكون ثمة سلبيات عديدة في حال يشارك المرء، وبطبيعة الحال لا بد من وضع ضوابط للشخص في تلبية هذه الدعوة أو تلك.
وقد يتساءل البعض عن علاقة السياحة والمؤتمرات والسياسة، وهو عنوان مقالنا، وهنا، أود الإشارة إلى أن الأمر اللافت الذي رصدته خلال سنوات من المشاركات في العديد من الندوات والمؤتمرات التي تتناول القضية العراقية وأحيانا أخرى تبحث في قضايا عربية ودولية وإقليمية، أن عددا ليس بالقليل يحضر مدعوا للفعاليات ولا يعرف برنامج الندوة ولم يكلف نفسه الاستفسار عن ذلك، كما أنه لا يعرف من المشاركين وما هي الأوراق البحثية التي يتضمنها البرنامج ويتم طرحها في الجلسات والنقاشات، في البداية اعتقدت أن الذين يستفسرون قبل ساعة من الجلسة الأولى عن برنامج الندوة قد تمت دعوتهم في الأيام الأخيرة قبل موعد المؤتمر والندوة، وأنهم كانوا منشغلين وحضروا على عجلة من أمرهم، لكن وبسبب تكرار الظاهرة وشمول أعداد ليست بالقليلة من هؤلاء، فقد حاولت أن أتابع بالرصد سبب ذلك.
بعد حوارات واستفسارات من البعض تبين أن عددا ليس بالقليل من الذين يحضرون تلك الفعاليات، التي يفترض أن تكون جادة وعملية وأنها تبحث في قضايا مصيرية، إنما جاء حضورهم وحماسهم للسفر والمشاركة ليس بقصد الغوص في أعماق المأساة التي نعيش والمشاركة مع المختصين في سبر غور القضية المريرة، وإنما سارعوا للموافقة على الحضور لتحقيق هدف سياحي صرف ولا علاقة له بجوهر المشكلة التي يبحث فيها عنوان الندوة.
وتجد غالبية هؤلاء لا يشاركون في النقاشات والجدل والحوار ويتحينون الفرص لمغادرة القاعة وعدم الحضور، والبعض من هؤلاء يفضل التسوق على المشاركة.
قد يتساءل البعض عن أهمية مثل هذه الظاهرة لكي نخصص لها مقالا يبحث فيها ويتناولها، وأقول هنا، إن القصد من وراء ذلك يتضمن رسالة للقائمين على المؤتمرات والندوات بضرورة تمحيص أسماء المدعوين والوقوف على منجزهم العلمي الذي يؤكد جديتهم وتعمقهم في الموضوع الذي يناقشون ويشاركون فيه، وأن يكون ثمة تقييم بعد انتهاء جدول المؤتمر، يرصد مدى حيوية وجدية وفعالية كل مشارك، وأن لا تتردد مراكز البحوث والدراسات في تقديم نصائح للجهات الأخرى في حال طلبت تقييما للمدعوين الذين ترغب تلك الجهة حضورهم فعالية معينة تناقش قضايا الأمة الحيوية.