مقالات

أمير الكويت يزور واشنطن

لوري بلوتكين بوغارت

في السابع من أيلول/سبتمبر، يستضيف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زعيم دولة شريكة مقرّبة من الولايات المتحدة من إحدى دول الخليج أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح لاجراء محادثات في البيت الأبيض. وتتزامن الزيارة مع أزمة عميقة بين دول «مجلس التعاون الخليجي» – الذي تنتمي إليه الكويت – بشأن سياسات قطر وإجراءات جيرانها لمواجهتها. وقد لعب الأمير البالغ من العمر ثمانية وثمانين عاماً، الذي شغل منصب وزير خارجية الكويت لمدة دامت أربعين عاماً، دوراً محورياً في التوسط في النزاع. ومن جانبها، دعمت واشنطن هذا الدور، حيث استخدم وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون الكويت كقاعدة لدبلوماسيته المكوكية لمعالجة الأزمة.

ومع ذلك، لا تشكّل أزمة قطر سوى أحد البنود الكثيرة المدرجة على جدول أعمال محادثات هذا الأسبوع، وسيكون الإعلان عن تحقيق انفراجة في النزاع الخليجي أمراً مفاجئاً. وفيما يلي أهم القضايا التي لا بدّ من متابعتها خلال الاجتماع في البيت الأبيض واستمرار المناقشات الثنائية رفيعة المستوى فى اليوم التالي:

الروابط الثنائية المعمّقة، لاسيما الاقتصادية. من المتوقّع أن يركّز الأمير والوفد المرافق له على توسيع الروابط الأمريكية-الكويتية. وتشكل الزيارة جزءاً من الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والكويت الذي أُقيم خلال إدارة أوباما في تشرين الأول/أكتوبر 2016، والذي وفر خارطة طريق للعلاقات الثنائية على مدى السنوات الخمس والعشرين المقبلة. (وكان الرئيس ترامب قد وجّه دعوة إلى الأمير لزيارة واشنطن بعد تنصيبه مباشرة). وستركز المحادثات هذا الأسبوع على تطوير العلاقات في مجالات محددة، بما فيها الأمنية والعسكرية والتجارة والاستثمار والتعليم. وستعقد اجتماعات رفيعة المستوى حول هذه القضايا بين المسؤولين الأمريكيين والوفد الكويتي الزائر بين يومي الأربعاء والجمعة هذا الأسبوع. وقد عُقِد يوم الأربعاء، منتدى اقتصادي أمريكي – كويتي افتتاحي نظمته “غرفة التجارة الأمريكية” و”غرفة التجارة والصناعة الكويتية” بهدف تعزيز التجارة وتشجيع الاستثمار الثنائي بين البلدين. ويتوافق هذا المنتدى في واشنطن مع الجهود المماثلة التي بُذلت مؤخراً مع السعوديين. وتتمثّل إحدى التحديات الرئيسية التي تواجه الكويت ودول أخرى عضوة في «مجلس التعاون الخليجي» في بناء قطاع خاص مستدام نظراً لانخفاض أسعار النفط، وتقلص الميزانيات، والقيود السياسية والمجتمعية على المستوى المحلي.

التعاون في مجال مكافحة الإرهاب. لا يزال وضع سياسات قوية لمكافحة الإرهاب، من بينها تمويل مكافحة الإرهاب، يحتل الأولوية بالنسبة للبيت الأبيض، لذا قد تكون هذه السياسات موضوع نقاش خلال المحادثات التي ستجري في القصر الرئاسي الأمريكي. وخلال مقابلة أُجرتها “وكالة الانباء الكويتية” مع السفير الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح في 5 أيلول/سبتمبر، أفاد السفير أن التعاون في مكافحة الإرهاب سيكون على رأس جدول الأعمال خلال محادثات أمير الكويت مع الرئيس الأمريكي. وفي وقت سابق، في 30 آب/أغسطس، سلّم السفير الأمريكي في الكويت لورانس سيلفرمان رسالة مكتوبة خاصة إلى الأمير من الرئيس ترامب، ولن يكون من المفاجئ معرفة أن الرسالة حدّدت بوجه خاص التعاون في مكافحة الإرهاب كوسيلة لتوطيد العلاقات الثنائية والإقليمية. وكانت الكويت ضحية للهجوم الإرهابي الأكثر دمويةً في تاريخها في حزيران/يونيو 2015، والذي كان مرتبطاً بـ تنظيم «الدولة الإسلامية»، كما أحبطت البلاد عدداً من المؤامرات الإرهابية ولاحقت الإرهابيين وزجتهم في السجون. وفي الوقت نفسه، أعرب مسؤولون أمريكيون عن سخطهم من أن عدداً من الممولين الذين تدرجهم الأمم المتحدة على لائحة الإرهاب يواصلون عملهم من داخل الأراضي الكويتية.

أزمة قطر والتحديات الإقليمية الأخرى. ستشكّل الأزمة الداخلية الأكثر خطورة في تاريخ «مجلس التعاون الخليجي» بنداً مهماً على جدول الأعمال الذي يُتوقع أن يشمل أيضاً تحديات إقليمية مثل اليمن والعراق وسوريا وعملية السلام العربية – الإسرائيلية ونشاط إيران المزعزع للاستقرار. ولكن من غير المتوقع حدوث أي تقدم دبلوماسي في النزاع مع قطر هذا الأسبوع. وقد ازدادت حدة التوتر بين الدوحة والدول التي تحاصر قطر (السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر). وكانت السعودية قد دعمت أحد أفراد العائلة الحاكمة القطرية الذي لم يكن معروفاً من قبل، وهو الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، ليكون بديلاً للأميرالحالي الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وفي غضون ذلك، عزّزت الدوحة روابطها مع طهران – مما يمثّل سبباً مهماً للخلاف مع الدول المُحاصِرة. وقد قادت وسائل الإعلام المملوكة من السعودية [نشر] تقارير عن مؤتمر قادم للمعارضة القطرية في لندن والذي من المقرر عقده في 14 أيلول/سبتمبر، على الرغم من أن مدى الدعم الرسمي لهذا الحدث من قبل الدول المُحاصِرة لا يزال غير واضح حتى كتابة هذه السطور. وفي الوقت نفسه، اتخذ الجانبان بعض الخطوات الإيجابية الصغيرة في النزاع: فقد أعادت الدول المُحاصِرة النظر في مطالبها الأوّلية المتشددة، في حين وقّعت قطر مذكرة تفاهم محدودة مع الولايات المتحدة.

وعقب اجتماعات هذا الأسبوع، قد يصدر بيان عن واشنطن والكويت بشأن الأزمة يتطابق مع رسالة ترامب إلى العاهل السعودي الملك سلمان خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى بينهما في 30 آب/أغسطس. واستناداً إلى قراءات البيت الأبيض للمكالمة الهاتفية، دعا ترامب كافة الأطراف إلى إيجاد حل دبلوماسي للأزمة يستكمل الالتزامات التي تم التعهد بها سوية في الرياض في أيار/مايو من أجل الحفاظ على الوحدة في الوقت الذي يجري فيه العمل على مكافحة الإرهاب. كما قد يحذّر الرئيس الأمريكي وأمير الكويت من المخاطر المتزايدة التي تترافق مع العداء والانشقاق العلنيين في أوساط دول «مجلس التعاون الخليجي».

التداعيات على السياسة الأمريكية

إن الروابط الأمريكية مع الكويت وطيدة على نحو خاص، ونابعة من دور الولايات المتحدة في تحرير البلاد من قبضة صدام حسين في عام 1991. ووفقاً لقائد “القيادة المركزية الأمريكية” الجنرال جوزيف فوتيل، توفّر الكويت اليوم إحدى أكثر البيئات تساهلاً في المنطقة من ناحية الوصول وبناء القواعد والطيران دعماً للولايات المتحدة ولوجود قوات التحالف في مسرح العمليات ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». كما تستضيف البلاد المقر الأمامي للفرع العسكري لـ”القيادة المركزية الأمريكية”، ولعبت دوراً رئيسياً في الحملات الإنسانية السورية والجهود العراقية المناهضة لـ تنظيم «الدولة الإسلامية». وقد ردّت واشنطن بالمثل، فقد وافقت وزارة الخارجية الأمريكية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي على بيع طائرات مقاتلة من طراز “إف/إيه – 18” إلى الكويت. وباختصار، يصب استقرار الكويت ونجاحها في مصلحة الولايات المتحدة، وينبغي أن تشمل الجهود الرامية إلى تحقيق هذا الهدف توسيع نطاق العلاقات الأمنية والمالية وغيرها.

وفي سياق النزاع الحالي الذي تشهده دول «مجلس التعاون الخليجي»، تضطلع القيادة الكويتية بدور الشريك الحكيم الذي يساوره القلق إزاء المخاطر السياسية التي تطرحها الأزمة في منطقة متقلّبة بالفعل. وتشعر الكويت بالقلق بشكلٍ خاص إزاء أعمال العنف المدعومة من إيران التي تُرتكب داخل حدودها وفي العراق المجاور. وستوفر البيانات والتصريحات التي ستسفر عنها الاجتماعات الثنائية المنعقدة هذا الأسبوع فرصةً جديدة لإيصال رسالة إلى الشركاء الآخرين في منطقة الخليج حول أهمية معالجة المظالم والسعي إلى حل دبلوماسي والتركيز على المصالح المشتركة (مثل عكس الأنشطة الإقليمية التي تزعزع الاستقرار في إيران والتصدي لـ تنظيم «الدولة الإسلامية»). كما تمثّل الاجتماعات فرصةً لإدارة التوقعات حيال أزمة قطر بشكل مشترك نظراً إلى تعنّت طرفيْ النزاع. ويشمل ذلك الإقرار باستحالة العودة إلى الحالة السائدة قبل الأزمة بسبب الضرر الكبير الذي أحدثه هذا الانشقاق.