مقالات

التنظيم القانوني لمعاملة الموقوفين والمتهمين………


في التشريع الجزائي العراقي
والشرعه الدولية لحقوق الانسان..
والمحكمة الجنائية الدولية .
العدالة ليست رؤياً فحسب وانما هي حقيقية واقعه فالانسان يحقق العدالة ضمن شروط ومستلزمات معينه , والانسان مهما سما ومهما ألم بالواعي في متطلبات الحياة ومعنى الحياة فانه بحاجة الى قواعد ترسم له دروب المحبة والالفة والسعادة، وتضع حدا لمن يريد الخروج على هذه المبادى
, والقانون وضع ليطبق على الانسان في علاقته مع غيره في أسس قانونية تحترم الاخرين وحرياتهم .
القضاة رسل العدالة والقضاء ساحة عدال ولااحقاق الحق فهو سادن العدالة في محراب القانون ولا توجد عدالة بدون قانون وضعي ولا عدالة بدون حسن تطبيق لهذا القانون والعدالة التي هي هدف القضاء تسلتزم حب الغير انطلاقا من تفهم المبادى الانسانية .
القاعدة القانونية……. الاصل في الانسان البراءه …….والاصل في الصفات العارضه العدم , وهذا يعني عدم التعرض لحرية الانسان قبل تقديمه الى المحكمة وثبوت التهمه عليه , لان الاتهام يؤدي الى الادانه وقد يودي الى البراءه .ه .
اولا……..
الاسس القانونية لحقوق المتهم في الدستور والقوانين العراقية
تضمن الدستور العراقي الصادر في سنه 2005 قواعد قانونية متعددة منها
(لا جريمة ولا عقوبة الا بنص ،….. ولا عقوبه الا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة ، ولا يجوز تطبيق عقوبة أشد من العقوبه النافذة وقت ارتكاب الجريمة وفقاً لمادة (19 / ثانياً )) .
كما أن الدستور منح المتهم حق الدفاع باعتباره عملا مقدساً ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة ……وان المتهم بريئا…… حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية عادلة طبقا للمادة (19/5)
، وقد كفل الدستور الحق في ان يعامل كل فرد معاملة عادلة في جميع الاجراءات القضائية والادارية واعتبر أن عرض اوراق التحقيق الابتدائي على القاضي المختص خلال مدة لا تتجاوز اربعه وعشرين ساعة من حين القبض على المتهم ولا يجوز تمديدها الا مرة واحدة وفق المادة (19/13) .
ثانيا ……..
الضمانات القانونية الواردة في قانون العقوبات
قانون العقوبات رقم (111) لسنه 1969 وفق المادة (1) من القانون ( لا عقاب على فعل أو امتناع الا بناء على قانون ينص على تجريمه وقت اقترافه ولا يجوز توقيع عقوبات او تدابير احترازية لم ينص عليها القانون
، هذا المبداء اوجب على المشرع تعيين الافعال التي تشكل جرماً جزائياً وتحديد العقوبه لكل من هذه الافعال وفي هذا محافظه على حرمة النفس والحرية الشخصية من التعسف ، أضافة الى الاحكام والنصوص الواردة في القانون خاصة في مراحل المحاكمة وحقوق المتهم المضمونه في هذه المرحلة .
ثالثا……..
الضمانات القانونية الواردة في قانون الاصول الجزائية رقم 23 لسنة 1971
لقد تضمنت المادة 57 من القانون بان للمتهم الحق في ان يحضر كافة الاجراءات
التحقيقية الخاصة به والاطلاع على الاوراق التحقيقية وفق المادة المشار اليها اعلاه
وللمتهم وللمشتكي والمدعي بالحق المدني والمسؤول مدنيا عن فعل المتهم ووكلائهم ان يحظرو اجراءات التحقيق وللقاضي او المحقق ان يمنع ايا منهم من الحضور اذا اقتضى الامر ذلك يدونها في المحظر على ان يبيح له الاطلاع على التحقيق لمجرد زوال هذه الظرورة , ولا يجوز لهم الكلام الا اذا اذن لهم , واذا لم يأذن لهم وجب تدوين ذالك في المحظر , ولآي من هؤلاء ان يطلب على نفقته صورا من الاوراق والافادات الآ اذا رأى القاضي ان اعطاها يؤثر على سير التحقيق او سريته وفق( للفقرة ب من المادة 57) . اذاً المشرع جعل اصل جواز الاطلاع لذوي العلاقة ومنهم المتهم ووكلائهم على كافة الاجراءات التي يتخذها القاضي آلا اذا تعارضت مع المصلحة العامة وان يدون الاسباب التي جعلته عدم السماح لهؤلاء من الاطلاع عليها في المحضر منعا لتفسير المصلحة العامة تفسيرا شخصيا .
ارابعا …….
لاسس القانونية للقبض على المتهم وتوقيفه .
التوقيف هو ايداع المتهم في السجن خلال الفترة التي تبداء منذ التحقيق الابتدائي وحتى صدور حكم فاصل في الموضوع , والبعض يعرفه بأنه اجراء تحفظي ضد من ينسب اليه ارتكاب جريمة او جنحة ويخشى منه فيما لو ترك حرا طليقا ان يؤثر على الشهود او يعبث بالادلة او يهرب
ومهما يكن فالتوقيف هو اجراء تحفظي زمني يوضع المتهم في مكان معين بأمر من جهة قضائية وللمدة المقررة قانونا
, ولقد تضمنت المادة 92 من قانون اصول المحاكمات الجزائية ( لايجوز القبض على أي شخص او توقيفه آلا بمقتضى أمر صادر من قاضي او محكمة وفي الاحوال التي يجيزها القانون ) ويجب ان يتضمن اسم المتهم ولقبه وهويته وأوصافه ان كانت معروفة ومحل اقامته ومهنته ونوع الجريمة المسندة اليه والمادة القانونية المنطبقة عليها وتاريخ الامر وتوقيع من اصدره وختم المحكمة وفق للمادة 93 من القانون المذكور , كما ان المادة 112 اجازة للمحقق في المناطق النائية حق اصدار اوامر القبض على المتهمين بالجنايات وعليه ان يعرض الامر على قاضي التحقيق باسرع وقت ممكن , كما ان أوامر التوقيف تضمنت اسم الشخص الموقوف وشهرته ولقبه والمادة الموقوف بمقتضاها وتاريخ انتهائه وأن توقع من قبل القاضي الذي اصدر أمر التوقيف ويختم بختم المحكمة وفق للمادة 113 اما بخصوص الحد الاقصى لمدد التوقيف آلا يزيد بأي حال على اكثر من 6 اشهر واذا اقتضى الامر تمديد التوقيف اكثر من المدة المشار اليها فعلى قاضي التحقيق عرض الامر على محكمة الجنايات لتأذن له بتمديد التوقيف مدة مناسبة على ان لا يتجاوز ربع الحد الاقصى للعقوبة او تقرر اطلاق سراحه بكفاله او بدونها وفق للمادة 109 .
أن التوقيف من الاجراءات التي يتطلبها التحقيق وهو من اشد الاجراءات في حجب الحرية الشخصية ويعتبر خروجا على المبداء الدستوري المنصوص عليه في المادة 19 /5 ( المتهم بريء حتى تثبت ادانته) في محاكمة عادلة وقانونية كما يتعارض مع القاعدة الفقهية ( الاصل في الصفات العارضة العدم ) أذن فالتوقيف وخلاف الاصل والمصلحة العامة اذا ما علمنا بأن المادة 110 من قانون الاصول الجزائية اوجب اطلاق سراح المتهم اذا كانت التهمة معاقب عليها باللحبس مدة 3 سنوات او اقل او بالغرامة وبكفالة او بدونها آلا اذا رآى القاضي ان اطلاق سراح المتهم يضر بسير التحقيق او يؤدي الى هروبه
.
خامسا……….
المعايير القانونية التي تحكم عملية اعتراف المتهم..
يعرف أقرار المرء بالفعل أو الافعال المسندة اليه كلا أو جزء فاعلا أو شريكٍ ونسبة الافعال اليه من حيث الاسباب والبواعث وراء ارتكاب الجريمة ، والاعتراف هو دليل من أدلة الاتهام وكونه يتميز بالدليل فقد احاطه المشرع الجنائي بضمانات قانونية من شانها أن تجعل الاعتراف سليماً وصحيحاً طبقاً لحق الدفاع المقدس ولقرينه المتهم برئيا حتى تثبت ادانته
، فقد اورد قانون أصول المحاكمات الجزئية نصوص منعت بموجبه أستعمال الوسائل غير المشروعه للتاثير على المتهم في الحصول على اقراره ومنها …..التهديد والايذاء والاغراء والوعيد والتاثير النفسي واستعمال العقاقير والمخدرات وعملية التنويم المغناطيسي وغسل الدماغ وفقاً للمادة (127) ، كما أن القانون حذر من تحليف المتهم اليمين،الا اذا كان في مقام الشهادةعلى غيره من المتهمين , ذلك لان التحليف هو توثيق الاقوال بالافعال وخشية الله مفترضا لدى الجميع وان يكون الاستجواب خلال مدة اربعه وعشرين ساعة من حضور المتهم ، كما ان من شروط الاقرار أن يكون قانونياً وان يولد القناعه لدى المحكمة يجب ان تنهض أدلة اخرى تؤيد الاعتراف أو الاقرار ومنها كشف الدلالة وفقاً المادة (218) وان لا ينهض دليل يكذب هذا الاقرار ، ومن مستلزمات الاقرار واعتباره حجه وسببا من أسباب الحكم يجب أن يكون أمام قاضي التحقيق كما أشارت اليها الفقرة (ب) من المادة أعلاه .
سادسا …….
الأسس القانونية لاستجواب المتهم وفقاً لقانون الاصول الجزائية
المقصود بالاستجواب …..مناقشه المتهم بصورة تفصليلاً عن التهمة الموجه اليه وضروفها وما قام به المتهم مناقشته وصولا الى أعترافه أو استخلاص الحقيقة والاستجواب يمر بمرحلتين :
*1…………… الاستجواب في دور التحقيق الابتدائي وهذا ما اوردته المادة (123) من قانون الاصول الجزائية ( على قاضي التحقيق أو المحقق أن يستوجب المتهم خلال 24 ساعه من حضوره بعد التثبت من شخصيته واحاطه علماً بالجريمة المنسوبه اليه وتدون أقوله بذلك ، وان الغرض من الاستجواب هو الوقوف على حقيقة التهمة وصولا الى الاعتراف بها أو الدفاع لنفيها عنه او الدفاع عنه فهو كوسيلة يستخدم لكشف الحقيقة ، اذاً الاستجواب أمر لا بد منه اثناء التحقيق الأبتدائي لذلك فان القانون فرض على القاضي او المحقق أحاطة المتهم علماً بالجريمة المنسوبه اليه وليس تحديدها او تكيفها بشكل محدد من الناحية القانونية ، ولكن يؤخذ على النص بانه لم يرد فيه ضرورة حضور محامي المتهم أثناء الاستجواب وفقاً لما ورد في المادة (57/1) .
2……… الاستجواب في دور المحاكمة
أجاز المشرع العراقي للمحكمة في الفصل الخاص بالاجراءات في الدعاوي الغير الموجزة ان توجه الى المتهم ما تراه من الاسئله للاستيضاح منه عن بعض ما ابهم منها وفقاً للمادة (179) كما أن المادة (180) ( اذا رات المحكمة أن اجابات المتهم تتعارض مع أقواله السابقاً أن تامر بتلاوتها وتسمح له بالتعقيب عليها تطبيقاً لحق الدفاع الشرعي .
3………..حق المتهم بالاستعانه بمحام
اوجبت المادة (144) من قانون الاصول الجزائية بضرورة أن يكون لكل متهم محامي امام محكمة جزائية ليدافع عنه بوكالة مصدقه من المحكمة وفي جميع مراحل التحقيق واذا تعذر يصار الى أنتداب محام من المحكمة وهذا المبداء من المبادى المهمة لضمان الدفاع عن المتهم في القضايا الجنائية وكان الاجدر وكما ذكرنا أن يعطى الحق على وجوب حضور المحامي في الجنايات وفي ادوار التحقيق الابتدائي والنهائي الا اذا وجدت المحكمة أن ذلك يضر بسير التحقيق
4……….حق المتهم في أستعمال طرق الطعن القانونية في الاحكام الصادرة
1…….. اجازة المادة (243) وما بعدها من القانون طرق الطعن ومنها الاعتراض على الحكم الغيابي وخلال مدة 30 يوم الصادر في المخالفه وثلاثه أشهر في الحكم الصادر في الجنحه 6 أشهر في الجنايات .
ب…….. وفقا للمادة (249) من قانون الاصول الجزائية أعطت الحق لاطراف الدعوى الجزائية وهم كل من الادعاء العام والمشتكي والمدعي المدني والمسؤول مدنياً ان يطعن الى محكمة التمييز في الاحكام والقرارات أذا كانت مخالفة الى للقانون أو هناك خرق لاحكام القانون أو خطاء في الاجراءات كما أن المادة (251) ( يرعى عند النظر تمييزاً في الطعن ان لا يضار الطاعن بطعنه مالم يكن الحكم المطعون به مبنياً على مخالفه في القانون .
ج………. تصحيح القرار التميزي وهو احد طرق الطعن بموجب أحكام المادة (266) حيث يحق لاطراف الدعوى طلب تصحيح الخطاء القانوني في القرار الصادر في محكمة التمييز اذا قدم طلب خلال 30 يوم من تاريخ تبليغ المحكوم عليه المسجون او المحجوز بالقرار التمييزي او من تاريخ وصول اوراق الدعوى وان طلب التصحيح ينظر من قبل الهيئة العامة .
د………. أعادة المحاكمة وفقاً للمادة (270) أجاز طلب اعادة المحاكمة في الجنح والجنايات حددتها المادة اعلاه بفقرتها (7)
.
سابعا …..
.ما موقف الشرعه الدولية لحقوق الانسان بخصوص المتهمين والموقوفين فقد تناولها :
1………الاعلان… العالمي لحقوق الانسان لعام 1948
حيث اعتبر (على أن جميع الناس يولدون أحراراً متساوون في الكرامة والحقوق ، وان لكل الناس حق التمتع بكفاله هذه الحقوق وحق كل فرد بالحياة والحرية وسلامه شخصه وفقا للمواد (1،2،3) ) كما أن المادة (10) ,(11) من الاعلان( على أن الاصل براءة الذمة وان كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا الى أن تثبت ادانته قانونا في محاكمة علنياً تؤمن له الضمانات القانونية لدافع عن نفسه ).

  • كما أن الاعلان العالمي منع توقيف الافراد ومعاملتهم معاملة عنيفة بدون مسوغ قانوني وبدون مراعاة الطرق المبينة في القانون المادة (9) .
    .2….
    …..اما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية لعام 1966 والنافذ 1976 فقد اورد ضمانات نورد بعض منها :
    ــ المادة (14) فقرة (3) يحق لكل متهم بجريمة ما التمتع بالضمانات التالية كحد ادنى تمتعا قطعيا وهي : ـ
  • ان يبلغ فوراً وبصورة مفصلا بجوهر وسبب الدعوى المقامة ضده
  • ان يمنح الفرصه المناسبة وتبدي له كافه التسهيلات والمساعدات لاعداد دفاعه والاتصال بالمحامي الذي يختاره بمحض اردته .
  • أن تجري المحاكمة بحضوره وان يقوم بالدفاع عن نفسه بالذات أو عن طريق المحامي .
  • ان يسمح له باستجواب ومناقشه شهود الاثبات واحضار شهود دفاع واستجوابهم ومناقشتهم
    ثامنا
    ضمانات المتهم امام المحكمة الجنائية الدولية
    لقد جاءة هذة الضمانات الواردة في المواثيق ولاتفاقيات الدولية في النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية والدليل الاجرائي وفقا للاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي اشرنا الية ….
    1..وفقا للمادة 85المتضمنة ضمانات الدفاع للمتهم والكشف عن الادلة وللمتهم الذي القي القبض علية اطلاعة على كل الاجراءات وايضا يتعين سماع المتهم بجلسة عمومية وفقا للمادة 67 من النظام الاساسي ….وتلاوة التهم على المتهم
    ب…حق المتهم في الصمت اي عدم اكراة المتهم بان يشهد على نفسة بما فيها الاستعانة بمحام وضمانات متعددة لا يتسع المجال لذكرها .
    وهناك الكثير من المبادى التوجيهيه والنموذجية للامم المتحدة بشان معاملة السجناء والمعتقلين وفق الاتفاقيات الدولية لا يتسع المجال لذكرها
    .
    أن توضيح هذه الاحكام وهذه الأسس القانونية في التحقيق والمحاكمة والتي أشير اليها تجعل من مبدا البراءة ومبدا المساواة وضمان كافه الحقوق الاجرائية هو ما سار عليه القانون الدولي لحقوق الانسان كون هذه الضمانات هي جزء من هذه الحقوق .
    كما أن العمل بهذه الضمانات يؤكد مبداً العدالة الذي هو التوصل الى الحكم العادل بعد أحتساب كافه الظروف والملابسات وتحري الحقائق والخشوع الى سلطان القانون والنظام العام ومعرفه قصد المتهم ودوافعه وهذه لن تتأتى الا بواسطة تطبيق الضمانات التي أشرنا اليها واخيرا فان القضاء وكونه مستقل لا سلطان عليه ، وسلطة تقوم على اكمال سلطة المشرع وأبرازها وتطبيق القوانين ، والقضاء عندما ينظر نزاعاً فانه يبحث عن الحكم القانوني بمجمله بداً من الدستور الى أخر قاعدة في الهرم القانوني ، واذا وجد تعارض في الاحكام أو مخالفه في الدستور أو عدم تطبيق الضمانات التي أشرنا اليها فسوف يقول كلمه الحق .
    المحامي والمستشار القانوني رزاق حمد العوادي …..
    المكتب الدولي للمحاماة والبحوث والدراسات القانونية
    بغداد ……الحارثية …..07706319974

admin