مقالات

العراق وسياسة المحاور

علاء الدين صبحي ال كبون
اغلب الدول تبني علاقاتها وسياساتها الخارجية على الركائز التي تكمل مفاصل العجز الذي يحول دون الوقوف تسندا بغير معين حتى ولو كانت هذه الدولة من اصحاب الفيتو في الامم المتحدة .. وهذه القاعدة تشمل اكيد كل بلدان القارة الاسيوية .
تركيا بلد الرجل المريض الذي وصف قديما وحكم البلدان العربية لأكثر من سبع قرون في الامبراطورية العثمانية حينها الدولة الشرقية الان المحاذية لأوربا ذات المساحة الارضية المقاربة الى سبعمائة واربع وثمانون الف كيلومتر مربع وعدد سكاني حوالي الثمانين مليون ونيف غالبا ما صنع وضع سياسي خارجي له مميز تارة يحاول مغازلة محور الجانب الامريكي والاوربي بمساندته الى الدواعش والارهاب حتى ولو دق الاخير عقر داره تفجيرا وقتلا ,لأن سياسته منذ تأسيسها عام 1923 من قبل مصطفى كمال اتاتورك ( الملقب ابو الاتراك) الذي قاد حركته القومية واسس الجمهورية التركية واحلال نظام علماني مبنية على اساس بناء دولة مقتدرة اقتصاديا وذات طابع توسعي لحدودها الجغرافية مثال ذلك قديما غزوها لقبرص عام 1974 ومثال حالي بقاء قواتها داخل الاراضي العراقية بالرغم من طلب الحكومة العراقية تكرارا ومرارا بسحب قواتها متحينا فرص التقسيم والتشرذم وضعف البلد .
ايران البلد الجار الثاني بمساحة تصل لألف وستمائة وخمسون كيلومتر مربع ونسبة سكانية حوالي خمس وسبعون مليون نسمة سياستها الخارجية ومنذ قيام الثورة الاسلامية عام 1979 تسعى وبشكل حثيث بسط قدرتها الاقتصادية اولا ونفوذها السياسي ليس على الدول المجاورة لها فقط بل من خلال التأثير على الدول الاسلامية كافة حتى ولو تختلف معها عقائديا ومذهبيا لأن فكر الدولة عندها يعتمد على ولاية الفقيه في النفوذ والسيطرة وتوحيد الدول الاسلامية تحت سيطرتها لمواجهة الدول الكبرى التي تسميها بدول الاستكبار العالمي مثل امريكا .. وهذ محور سياستها منذ بواكير نجاح الثورة فهي على طول الخط لم تتنازل عن حلفها مع روسيا وتحاول تقوية هذا الحلف كلما سنحت لها الفرصة وهذا ما لمسناه اخيرا في حلف ايران-سوريا –روسيا وعدم اسقاط الاسد .
السعودية العربية الشقيقة الجار للعراق ذو المساحة الارضية المليونين كيلومتر مربع وكثافة سكانية تصل حوالي واحد وثلاثون مليون نسمة ومنذ تأسيسها رسميا من قبل الملك عبد العزيز ابن سعود عام 1932 تحت اسم المملكة العربية السعودية كانت سياستها الخارجية بنيت والى الان معتمدة ايضا على الاقتدار الاقتصادي اولا والتي تعتبر خامس اكبر مساهم في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حيث تملك حق نقض (فيتو) بقوة 3% في صندوق النقد الدولي , وتسعى كذلك لمد نفوذها السياسي ايضا من خلال العقيدة الدينية الاسلامية السنية بالتحديد والغالب على اكثر مدارس فكرها التثقيفي المذهبي المتطرف ( الوهابي ) الذي يكفر اغلب المدارس الاسلامية التي تختلف معه ! بحيث تداعى للسقوط مؤخرا حجر بنائها عندما دب الخلاف القطري الخليجي وتلويح الاخير الى تدويل قضية الحج وحماية الاماكن المقدسة الاسلامية في مكة والمدينة المنورة وجعلها وصاية تحت الدول الاسلامية والتي على اثرها سال لعاب شهوة السيطرة الاسلامية للغريمين ( الايراني الشيعي و التركي السني ) ومحاولة تغيير سياستهما الخارجية تبعا لمصالحهما ومصالح المحاور التي تساندها .
العراق الغالي الذي جمع فيه اغلب المتشابهات عند الدول الجوار من خلال مساحته التي تقارب اربعمائة وخمس وثلاثون الف كيلو متر مربع ونسبة كثافة سكانية تصل بحدود ثمان وثلاثون مليون نسمة .. كيف تكون سياسته الخارجية ؟ وهل ساسة العراق اليوم قادرون على رسم ملامح صحيحة لها ؟ يمكن ذلك من خلال المحاكاة اولا لدول الجوار في بناء الاقتدار الاقتصادي القوي والمتطور في البلد بتنويع مصادر الاقتصاد وعدم الاعتماد على النفط فقط ؟!
للأسف اغلب السياسيين العراقيين قد غرق في بحر خنادق سياسة المحاور .. والاخر تاه في متاهات مافيات الفساد وهمه التسقيط السياسي غير اهب ومكترث بوضع رؤية مستقبلية للدولة ؟!
لكن عندما يصدح زعيم عراقي وقائد تيار الحكمة الوطني بقوله (( العراق قلب المثلث الذهبي بين ايران والسعودية وتركيا )) يعطي امل وتفاؤل بالمستقبل الى النخب الوطنية والمثقفة واهل الاختصاص بالسياسة والاقتصاد في عراقنا الحبيب ان سياسة المحاور التي تتمركز عليها اغلب الدول لا يمكن تطبيقها في العراق ؟ لأنه بلد يكتنف مرجعية دينية رشيده ابوية لكل العراقيين لا تميز بين احد عن اخر وخطابها الوسطية وحب الوطن .. وشعب متطلع للسلام ولا يقبل الضيم والتبعية لأحد .. وثروات بلاد النهرين المختلفة التي هي هبة الله اليه التي تنتظر التخطيط الاستراتيجي والمبرمج بأيدي امينه نزهيه ووطنية ..
كلمة قبل التتمة ..
هل يتوقف اهل الافق الضيق في التسقيط السياسي الذي يأكل بعضهم بعضا والتوجه الى وحدة الكلمة والرؤيا المستقبلية الموحدة ؟
هنا تأتي الهمة .