مقالات

القروض الاجنبية وغياب الشفافية

خليل ابراهيم العبيدي

بين الحين والاخر تخرج علينا الوزارات كل حسب هواها بقيامها بالحصول على قرض من هذه الدولة او تلك وذلك لبناء البنى التحتية او لتنفيذ هذا المشروع او لاكمال تنفيذ مشروع اخر . والمواطن بامانة لم يرى اي تغيير على الارض ، ولو حتى اقامة رصيف لشارع ولاي محافظة ، وقد بلغ اجمالي القروض لغاية نهاية ايلول من هذا العام 122،9 مليار دولار بضمنها القرض البريطاني البالغ 12 مليار دولار دون الاشارة من قبل السلطات الى اجمالي خدمات هذه القروض .

ان للموضوع جانبين ، الاول يتعلق برهن مستقبل العراق وترك الاجيال القادمة بلا ضمان مالي يؤمن حياتها وحياة الاجيال من بعدها ، في حين ان الدول الرشيدة تضمن لاجيالها صناديق خاصة بهذا الشأن ، في حين لا الحكومة الحالية ولا الحكومات العراقية السابقة اخذت بها النظام الضامن بشكل عرضي درجة ائتمانية مريحة للدولة . اما الجانب الثاني فيتعلق برهن درجة من سيادة البلد للجهات المقرضة ،فانها مثلمة مهما كانت المبالغ المقترضة ، ودليلنا على ذلك مطالب البنك الدولي او صندوق النقد الدولي من حكومات العراق المتعاقبة ، والتي قد تتعارض حتى مع ابسط مستلزمات الاستقلال السياسي او الاقتصادي للبلد، وفي مقابل كل ذلك لم يجر اي تغيير ملموس لاي قرض من هذه القروض على حياة المواطن اليومية ، وان وجد هذا التغيير فانه غير معرف والسبب يعود الى غياب الشفافية ، وهذا الغياب هو ذاته الذي يغطي على فوضى الصرف والتعريف بمنجزات الوزارات بموجب هذه القروض ، لنأخذ مثلا القرض البريطاني الاخير والبالغة قيمته 12 مليار دولار ، فبسبب غياب الشفافية (ولا نعلم لماذا) تبرز التساؤلات التالية ، منذ الاعلان عنه من قبل وزارة التخطيط ، اختفت معالمه امام الناس، هل تم التوقيع عليه ، ؟ ما هي مدة القرض .؟ ما هي مشاريع البنى التحتية التى سيغطيها القرض.؟ من هي الوزارات او الجهات اامستفيدة منه.؟ ما هي الجدوى الاجتماعية والاقتصادية من هذه المشاريع ،؟ ما هي المبالغ المخصصة لكل مشروع .؟ من هي الجهة المنفذة للمشروع.؟ وهل هي جهة اختصاص في العمل الموكول اليها ..؟ ما هي المشاريع المنفذة من قبل هذه الشركة في دولة الاصل.؟ (المشاريع المماثلة). كل هذه الاستفسارات التي يتبناها المواطن ، على وزارة التخطيط الاجابة عليها يوميا . -خاصة والفساد يضرب اطنابه في كل مرفق-

ان من اولى وسائل النظام الديمقراطي ، هي الشفافية في كل خطوة تخطوها الدولة واجهزتها التنفيذية ، وخاصة وهي ملحة في العراق ، عليه نقترح على وزارة التخطيط ما يلي .

1…الانفتاح منذ اللحظة على وسائل الاعلام وذلك بتزويدها بكشف بكل المشاريع الداخلة في تبويب القرض البريطاني . والمبالغ المخصصة لكل مشروع بما يغطي اجمالي القرض.

2.. تزويد دائرة الرقابة المالية وهيئة النزاهة بكل تفاصيل القرض حسبما ورد اعلاه.

3.. اطلاع اللجنة المالية والقانونية في البرلمان بكل التفاصيل المتعلقة بالقرض، وعلى اللجان البرلمانية التدقيق في العقود ومراقبة التنفيذ .

ان السييد رئيس الوزراء معني بتوجيه الامانة العامة لمجلسه لمتابعة التقييد بالمبالغ دون زيادة او نقصان والعمل على اعلام الناس بفوائد هذا القرض، ومدد تسديده ، وبرأينا ان اغلب مبالغ القرض يجب ان توجه حاليا للجانب الانتاجي ، او جزء منه لغرض المساعدة في عمليات التسديد..