منوعات

انتشار عدوى “القمل” يؤرق أولياء تونس

مكافحة القمل في تونس.


يشعر تونسيون بالقلق من عودة ظهور حشرة القمل في أنحاء البلاد، مع تزايد مخاوف أن يتوسع انتشارها داخل المدارس.
وأعاد نداء وجّهه عدد من الأولياء في محافظة نابل شمال تونس الحديث في البلد عن انتشار القمل في المدارس الابتدائية والمحاضن والمؤسسات الدراسية عامةً.
وتحدث الأولياء عمّا سموه “غزو القمل” لعدد من المدارس ومحاضن الأطفال في المحافظة، مطالبين السلطات بالتدخل للحد من انتشار هذه الحشرة.
وقالت السلطات التربوية المحلية في محافظة نابل إنها أوفدت فريقاً صحياً للوقوف على حقيقة الوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة انتشار العدوى إن استدعى الأمر ذلك.
انتشار لافتوهذه ليست المرة الأولى التي يطلق فيها أولياء صرخة فزع بسبب انتشار عدوى القمل في المدارس والمحاضن في تونس، فقد سُجل انتشار لافت للعدوى في وقت كانت البلاد قد وضعت سياسات شاملة لمكافحة كل الأمراض المعدية منذ بداية الاستقلال، بما في ذلك “القمل والصيبان”.
ومسّ انتشار الإصابة بالقمل في المؤسسات الدراسية كل الشرائح الاجتماعية والثقافية، وفي مناسبات مختلفة كُشف عن تسجيل بؤر عدوى في مدارس مختلفة.
وفي مسح سابق بشأن ظروف حفظ الصحة والمحيط في المدارس، قامت به وزارة الصحة التونسية، تم تسجيل ظاهرة “القمل” في 14 بالمئة من المدارس الابتدائية التونسية. “مزعج ومحرج”وقالت السيدة نادية لـ”النهار العربي” إنها اكتشفت قبل أشهر وجود حشرة القمل في شعر ابنتها البالغة من العمر 7 سنوات، لتُفاجَأ لاحقاً خلال حديثها مع عدد من الأمهات بأن أطفالهنّ يعانون المشكلة ذاتها.
وأوضحت الأم التي تقول إنها شعرت بانزعاج وحرج كبيرين بسبب ما اكتشفته في البداية، أنها حريصة على نظافة أبنائها دائماً ولم تكن تتخيّل يوماً أن يحدث هذا معها، وتضيف أنها أصيبت أيضاً بالعدوى في مرحلة لاحقة.
وتؤكد أنّها ترددت كثيراً قبل الحديث في هذا الموضوع مع بعض القريبات إليها، لكنها سارعت بعد ذلك إلى الاتصال بإدارة المدرسة الخاصة حيث تدرس ابنتها للتنبيه لخطورة الوضع، مضيفة أنّها تخشى أن تنتقل العدوى إلى جميع أفراد الأسرة.
يؤرق القمل الكثير من العائلات التونسية، وفق يسرى البكوش، صاحبة أول مركز لمعالجة القمل والصيبان في تونس، والتي تحدثت لـ”النهار العربي” عن تجربتها، مؤكدة أنها اكتشفت وجودها في فروة شعر ابنتها، فارتبكت وانزعجت وبدأت تبحث عن حلول، ليكون ذلك منطلق فكرة لمشروعها الذي حقق نجاحاً كبيراً منذ انطلاقته.
وتعرض البكوش خدماتها على الأسر التي يصيب القمل فروة شعر أبنائها، مؤكدة أن هذا النوع من العدوى بدأ ينتشر انتشاراً لافتاً في السنوات الأخيرة في تونس في المدارس والمحاضن.
وتشرح أن الكثير من زبائنها هم من الطبقة الميسورة، نافية أن يكون القمل سببه الفقر والجهل.
وتقول إن تغيّر نمط حياة الأسر التونسية، إضافة إلى اختلاط الأطفال، ساهما في انتشار عدوى القمل في المدارس والمحاضن في جميع المناطق دون استثناء.”الأولياء يعملون طوال النهار ولم يعد بالإمكان التفطن للإصابة الفورية”، تقول المتخصصة في مداواة الحشرة، مضيفة أن القمل ليست حشرة طارئة ولا يمكن القضاء عليها نهائياً، كما أنها اكتسبت مع مرور السنوات قدرة على المقاومة ربما تكون هي السبب في عودتها بقوّة في السنوات الأخيرة.
“تسييس القمل”والحديث عن مكافحة القمل في تونس ليس مسألة مرتبطة بعدوى تسببها هذه الحشرة، وقد تحدث في أي مكان وأي دولة، بل في حالات عديدة كثيراً ما كان الأمر محور جدال سياسي.
وبدأت تونس مباشرة عقب الاستقلال مكافحة انتشار الأمراض المعدية ومنها “القمل والصيبان”، وارتبطت الحملات التي نفذت في تلك الفترة في المخيال الجماعي التونسي بفترة حكم الرئيس السابق الحبيب بورقيبة الذي قاد “حرباً ضد الأمراض التي ارتبطت بالاستعمار والجهل والفقر”، وفق شهادات كثير من التونسيين ممن عايشوا تلك الفترة.
لكن استحضار هذه الحملات التي يذكرها أنصار بورقيبة بكثير من الفخر والاعتزاز، تحوّل إلى محور جدال بين من يدافعون عنه باعتباره “الزعيم الذي نحّى القمل” (ساهم في تخلص التونسيين من هذ الحشرة بعد الاستقلال) والمهاجمين له الذين يستهزئون ويقللون من قيمة هذا “الإنجاز”، وشقٌّ منهم من الإسلاميين، وقد برز هذا الجدل خصوصاً في السنوات التي تلت أحداث 11 كانون الثاني (يناير) 2011.