مقالات

جنيف: لايوجد أساساً ذهباً وفضة حتى يحصدان.. خيبة ديمستورا وهيجان الأميركان

الدكتور محمد بكر
كان يجب على ديميستورا أن لا يعول كثيراً على الطلب من موسكو لجهة الضغط على دمشق لكي تدفع بمسار العملية السياسية في جنيف، وكان على المبعوث الأممي أن يكون أكثر فطنةً، ويدرك أنه لافرص ذهبية ولافضية ولا حتى برونزية، من الممكن ان يستولدها جنيف، ولاسيما في ميزان الروس الذين أعلنوا أن المهمة انتهت في سورية، وبدؤوا رسم معالم المرحلة السياسية، واستقطاب لاعبين مهمين في المنطقة ( المصري والتركي) لتثقيل الحراك السياسي الذي تتصدره موسكو ، نعية جنيف عُلّقت مسبقاً وتحديداً منذ الإعلان الروسي عن التحضير لحوار سوري سوري في سوتشي، من هنا نقرأ ونفهم رفض الوفد الحكومي، التفاوض مباشرة مع وفد المعارضة قبل إلغاء بيان الرياض، بالرغم من تراجع خطاب وفد المعارضة ونسف الحديث عن أية شروط مسبقة، نعم يُراد ربما روسياً لجنيف أن يفشل، أو في الحد الأدنى أن لا يكون الإطار الوحيد الجامع للعملية السياسية في سورية، من هذه الجزئية يمكن تفسير جملة وسلوكيات الهيجان الأميركي سواء باعتراض طائرتين روسيتين من طراز سوخوي 25 قالت القيادة المركزية للقوة الجوية الأميركية، أنهما اخترقتا المجال الجوي لعمل التحالف قرب البوكمال، وكذلك إعلان المتحدثة باسم البيت الأبيض أن قوات بلادها لن تترك الأراضي السورية، وإن كان الروس قد أنجزوا المهمة في سورية، فبلادها لن تغادر حتى استكمال ماسمته القضاء التام على داعش، قبلها أيضاً أعلن المتحدث باسم البنتاغون اريك باهون بأنهم سيحتفظون بتواجدهم العسكري في سورية كلما كان ذلك ضرورياً، كل ذلك يشي بأن الولايات المتحدة لم تسلم نهائياً بمفرزات الميدان، الذي مالت كفته لصالح دمشق ومحورها، وهي بالتأكيد أي واشنطن لم يسرها مطلقاً أخبار الميدان ولا أخبار السياسة التي تمضي موسكو في تفصيلها منفردة عبر منصة سوتشي.مانقلته الواشنطن بوست عن مصدر أميركي رفيع، بأن دمشق لا تملك الموارد للحفاظ على السلام في البلاد، وأن الحكومة السورية لن تكون قادرة على الإشراف لاعلى قوات المعارضة ولا الوحدات الكردية حتى وإن سيطرت على مزيد من الجغرافيا، وأن الاستياء هو الآن أكثر من بداية النزاع، وكذلك حديث باهون نفسه لجهة أن موسكو قامت بجزء من مكافحة الإرهاب، ولانية لديها بإنهاء الحرب السورية بحسب تعبيره، وأنها أي موسكو لا تسعى لإقناع الإيرانين للخروج من سورية، كل ذلك رسائل لموسكو بأن الولايات المتحدة مستمرة في اللعبة ولن تسلم ” بغربال” روسيا وماتفصله في المشهد السوري، والأهم تأييد ومباركة الخطوات الإسرائيلية في قصفها الأخير على الكسوة وجمرايا بريف دمشق، وما يصفه بعض كتاب الصحف الإسرائيلية بتخريب الفرحة في سورية.لا نعرف مالذي تسعى له الولايات المتحدة بدقة في سورية خلال الفترة القادمة، وهل تبقى تلك الرسائل في إطارها الإعلامي، أم تتجاوزه إلى الميدان الذي تعود فيه حلقات مسلسل التفجيرات ولاسيما في المناطق التي باتت أكثر أمناً سواء في دمشق أو التفجير الإرهابي مؤخراً في مدينة حمص.بوتين كان قد عد بقاء القوات الأميركية بمثابة احتلال، معززاً بذلك رؤية دمشق التي أعلنت غير مرة أنها ستتعامل مع هذا التواجد على انه احتلال، ولمحت أن المواجهة ليست مستبعدة إن اقتضى الأمرذلك، كان ذلك على لسان المستشارة بثينة شعبان، ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد عبر قناة الميادين الذي نصح الأميركيين بالمغادرة، فهل هو شبح التصادم الذي سيفرض ملامحه على المشهد.لا نعتقد أن التصادم هو التوصيف الأقرب للمرحلة القادمة، فمن يسمع تعليل وشرح داميان بيكارت المتحدث باسم القوة الجوية الأميركية حين راح يقدم التوصيفات، لجهة ماحدث اثناء اعتراض الطائرين الروسيين، وأن العملية استمرت 40 دقيقة جرت خلالها اتصالات مع الجيش الروسي، وكذلك حديثه عن أن أكثر مايقلق التحالف هو حصول تصادم أو إسقاط طائرة روسية، وأنهم يدربون عناصرهم على الهدوء فيما لو حدث أي توتر، كل ذلك يشي بأن “الضجيج” الأميركي حول مسارات الروسي لا يغادر إطار رسائل الامتعاض، لكن ماذا لو استمر بوتين في إدارة الظهر للهيجان الأميركي، وملأ آذانه “قطناً وطين” حيال خطوط واشنطن الحمراء وغير الحمراء، هذا هو السؤال