مقالات

حواتمٌ عراقيون

بقلم / قاسم جداح

الكرم أحد المزايا التي أشتهر بها العرب منذ القدم ،فقد تغنى بكرمهم من عاصرهم وإختلط بهم، فقد ذاع صيت كرمهم مشارق الأرض ومغاربها ،هل كرمهم كان فطريا أم موروث نهلته ألاجيال تباعا ،أم كان فسلجياً من خلال خلايا وجدت في الإنسان ميزته عن باقي الخَلق.

تكثرالأسئلة وتتعدد الإجابات ،وتبقى إجابة واحدة يستشهد بها الإنسان العربي، وأصبحت شعاراً عربياً يفتخر به العرب، بالرغم من الفترة الزمنية البعيدة .

حاتم الطائي العربي الكريم ،تغنى العرب بكرمه بسبب حادثة معينة ،مضى عليها سنوات كثيرة حالت بينها وبين النسيان، أصالة الموقف وشرف الذكر .

توارث العرب هذا الإرث وأصبح شرفاً، يميز الأمة العربية بشكل خاص عن سائر الأمم ،لكن لماذا لم نرتقي الى التجديد في هذا الموروث ،ولم نشهد ذكر لشخصيةٍ أو فئةٍ عربيةٍ ،جعلت من كرم الطائي مناراً حديثاً لها ،ينير عتمت الأنا المتفشية في الوقت الحاضر.

الفخر ببطولات الأقران حق مشروع ،ومن حق الأمم أن تتغنى بكرم وجود أبنائها ،كما تغنى العرب بحاتمها منذ القدم لوقتنا الحاضر .

كرمٌ عراقي زلزل الأرض وضرب قوانين الحياة، كرم يقدمه العراقيين لأيام متوالية ،ليلاً ونهاراً لملايين من الناس ،كرم خدمة الزائرين لقبلة الأحرار في كربلاء ،سُطرت به أروع ملاحم الكرم والجود ،هذا الكرم الذي تجاوز المسميات، لم يفرق بين طائفةٍ عن أخرى ،أو ميز بين دين وآخر ،أو قوميةٍ عن أخرى ،كرم إنساني لم تطل خيمته العراقيين فقط ،بل نلاحظ ضيافة العربي والآسيوي والأوربي والأمريكي والإفريقي،شهد كرم خدمة الحسين به المنصفين منهم ،من أعلنه جهراً في أوطانهم ،ومنهم من لم يتمالكه الموقف وأذرف الدموع متمنياً لو إن القدر تجاوز القانون قليلاً، ليكون بين هؤلاء الكرام .

عصف الكرم العراقي مساحات كبيرة من أرجاء المعمورة، لنلاحظ التقليد من دول أخرى لتمارس مايمارسه العراقيين في أرضهم ،مواكب عربية وأجنبية نصبت في العراق ،لتسجل إسمها في موسوعة الكرم العراقي.
هاهم حواتم العراق ،إن كان حاتم فرد واحد أضع بين أيديكم ملايين من الحواتم ،إن كان حاتم عاش قبل عقود من الزمن، أنا أفخر بأني عاصرتهم وشهدت بصولاتهم في الكرم ،هذا ما سأنقله لأولادي لتكون القصص التي تشعرهم بالطمأنينة والإنشراح ،وتكون عماداً في أحلامهم التي سيحقوقونها في رافدين الكرم.

ليَدرس كل ذي علمٍ هذه الظاهرة ،وليسجل في كتبه تأريخ أبناء قومي ،وليفخر العرب بعراقٍ تدفق كرمه من الأرض ليصعد إلى السماء.