مقالات

عماد الدين حسين

سلاح الفيديو لمواجهة الإرهاب!
 
 
من كان يعتقد أننا يمكننا أن نشهد عمليات إرهابية على الهواء مباشرة، وكأننا نشاهد مباراة الكلاسيكو الإسبانى بين برشلونة وريال مدريد؟!
 
تذكرت هذا السؤال، وأنا أتابع الفيديوهات التى بثها مواطنون عاديون على وسائل التواصل الاجتماعى، عقب الحادث الإرهابى الذى استهدف كنيسة مارمينا فى حلوان صباح يوم الجمعة الماضية.
 
الموبايل صار يلعب دورا فى غاية الأهمية، فى متابعة وتغطية الكثير من الأنشطة الحياتية، من أول التقاط صورة سيلفى عابرة على أحد الجسور أو الشوارع أو الأفراح، أو داخل أحد المتنزهات نهاية بتصوير وتسجيل وتوثيق العمليات الإرهابية.
 
فى الحادث الإجرامى يوم الجمعة الماضية، تمكن أكثر من مواطن من بث العديد من الفيديوهات، وتنزيلها على الفيسبوك. مدة هذه الفيديوهات تراوحت بين الدقيقة والعشر دقائق، وقدمت للرأى العام العديد من التفاصيل التى تجعله يشاهد الحادث وكأنه فى مسرح الجريمة بالضبط!.
 
صار بإمكان أى مواطن يملك جهاز موبايل به كاميرا مهما كانت كفاءتها، أن يلتقط صورا فوتوغرافية وفيديوهات، بل يمكن لهذه الكاميرا أن تتحول إلى جهاز بث مباشر لكل العالم، وكأنها جهاز تلفاز!!.
 
لقطة واحدة من كاميرا عابرة يمكنها أن تهز دولة بكاملها، ويمكنها أن تكشف تفاصيل ما استعصى من تعقيدات، ويمكنها أن توجه الرأى العام فى اتجاه مختلف تماما، لما تريد أى حكومة أو مؤسسة أو شركة أن تخصص له!.
 
هل تذكرون المواطن الذى غرقت غرفته فى أمطار الإسكندرية قبل عامين، وكيف كان مقطع فيديو لا يتجاوز دقيقتين سببا فى إقالة محافظ الإقليم؟.
 
نفس الأمر حدث مع نائبة محافظ الإسكندرية السابقة حينما كانت تمر على مدرسة فى البحيرة، وتصرفت بطريقة كارثية مع التلاميذ، قبل أن يتم القبض عليها لاحقا فى قضية فساد شهيرة.
 
وهل تذكرون المواطن المصرى الذى قام بتصوير بعض الأشخاص يهتكون عرض إحدى السيدات فى ميدان التحرير؟!. هذه اللقطة كانت سببا فى قيام رئيس الجمهورية بزيارة الفتاة فى المستشفى ومساندتها فى 11 يونية 2014.
 
يومها اتهم البعض المواطن الذى صور الفيديو بأنه كان سلبيا وكان المفترض أن يتدخل لمساعدة الفتاة!.
 
هذا الكلام كان غريبا ومستفزا، لأن الميدان كان يعج بالمئات الذين يمكنهم المساعدة، ثم إنه لو لم يقم بالتصوير ما كنا قد عرفنا بالأمر، وكان سيمر فى الخفاء مثلما يمر غيره؟!
 
لقطات الفيديو فى الأحداث السياسية والإجرامية والإرهابية قدمت للمجتمع خدمات لا تقدر بثمن. على سبيل المثال لم يعد بإمكان أى هيئة أو جهة أو وزارة أو مؤسسة أو شخص إدعاء بطولات وهمية، لأنها لو فعلت ذلك، فسوف تتفاجأ بأن مقطع فيديو قد لا تتجاوز مدته بضع ثوان قد يكشف أنها كاذبة ومدعية!.
 
لولا الفيديو مثلا ما عرفنا بالتقصير الأمنى فى حادث استهداف الإرهابيين لسيارة شرطة فى إحدى قرى العياط قبل أسابيع. يومها كانت كاميرا محطة وقود بجوار مسرح الحادث هى البطلة. ولولا كاميرا بعض المواطنين ما عرفنا ببطولة بعض أهالى حلوان الذين انقض أحدهم وهو السائق الشهم صلاح الموجى، على الإرهابى المسلح.
 
بسبب الدور المهم لكاميرات الشوارع، قام الإرهابيون فى سيناء بتكسير العديد منها، خوفا من كشف حقيقتهم.
 
الكاميرات صارت تلعب دور الصحفى والإعلامى، وهى لا تكذب ولا تتجمل ولا تغير الواقع، كما يفعل بعض الإعلاميين، بل تنقله كما هو من دون تعديلات أو تشويهات، ولذلك يحاربها الإرهابيون والمستبدون معا لأنها تكشف ألاعيبهم!!.
 
لو كنت مكان الحكومة لزرعت الكاميرات فى كل الشوارع، خصوصا أنها لم تعد غالية، بل هناك كاميرات أسعارها تقل عن 300 جنيه.
 
أما المواطنون فعليهم أن يقوموا بتصوير أى شىء مريب يواجههم فربما يكون كلمة السر فى فك شفرة العديد من الأحداث والقضايا الصعبة.
 
شكرا لمن طوروا هذه التقنيات، ووفروا لنا الكثير من الجهد والمال والأهم الحيرة والقلق!!!.

admin