مقالات

عن الحاكِم “المَجنون والمُبجّل” في بِلادنا.. حين يأمر الزعيم الكوري كيم جونغ أون بإزالة صُوره من بُيوت المُواطنين!

 
خالد الجيوسي
يَصِفْ العرب في غالبيّتهم، البُسطاء منهم، وحتى المُثقّفين، زعيم كوريا الشماليّة “بالمجنون”، وحينما تسأل أحدهم عن أسباب تلك التوصيفات، يُجيب بأن الزعيم الكوري ديكتاتور، ويحرم شعبه من أدنى مُقوّمات الحياة، ومُمارسة الحُريّة، المُتمثّلة في “الجُلوس″ على منصّات التواصل الاجتماعي “الافتراضيّة”، والتي تُعتبر من المُحرّمات في بِلاد الزعيم الكوري.
بالنّظر إلى وَضع الحُريّات في بِلاد واصِفي الرئيس الكوري، بالجُنون، فهي لا تتعّدى أمور التصفّح العامّة على شبكة الإنترنت، وحين الدخول في أعمق التفاصيل، تجد أن قوانين بلاد هؤلاء، تُلاحق أصحاب الرأي، وتزجهم في السجون، وأكثر من تداول طُرفة، أو مقطع فيديو ساخِر، يُعتبر خُروجاً على “ولي الأمر”، ونحن هُنا لا نعرف ما هو الفرق بين جُنون الزعيم الذي يمنع تلك المواقع، وهستيريا القوانين التي تُلاحق “الثائرين” على منصّات التواصل.
باحِث مُختص في الشؤون الكوريّة، يقول في تقاريره عن كوريا الشماليّة، أن “الانعزال” الذي يَفرضه الزعيم كيم، لا يأتي في سِياق فرض التحكّم، وهو بكُل الأحوال برأيه نوع من أنواع الديكتاتوريّة، لكنّه في نفس الوقت يُعطي للبِلاد الاستقلاليّة في هَويّتها الخاصّة البعيدة عن العولمة، فكُل البلاد العربيّة يقول الباحث نُسخة مُعرّبة عن “الانفتاح الأمريكي”.
نعتقد أن هُناك خلل، في تعريف مفهوم الحُريّة، بالنسبة للمُواطن العربي، فهو وبالرغم من قمعه، واستغلاله، لا يزال يعتقد أنه في حال أفضل من نظيره المُواطن الكوري، لمُجرّد أنه يحق له حلاقة شعر رأسه كيفما يشاء، على عكس الكوري الذي تُفرض عليه قصّات بعينها، ولكن هذا مفهوم قاصر للحُريّة.
الأنظمة العربيّة، في غالبيتها أنظمة قمعيّة، وهي تُوهم الشعوب أنّها تُعطيهم حُريّتهم بحدود مصالحها، والفارق الوحيد بينها، وبين “ديكتاتوريّة” الزعيم كيم جونغ أون، أنها تُمارس التضليل، ونحن هُنا نتحدّث عن مسرحيات الديمقراطيّة التي تُتقنها تلك الأنظمة.
في السياسة الخارجيّة، يمتاز نظام كيم جونغ أون، بأنّه نظام مُستقل، له قراراته السياديّة، ولا يخضع ولا يُفاوض على حُقوقه المشروعة، في امتلاك الصواريخ العابِرة للقارات، والسلاح النووي، وهو بكل تأكيد أجبر أمريكا على احترامه، وتعبير رئيس أعظم دولة (أمريكا)، عن رغبته في التفاوض معه، لهو أكبر دليل على هيبة هذا النظام، والذي يصف العرب رئيسه بالجُنون، بكُل بلاهة.
كان لافِتاً، ما ذكرته صحيفة “ديلي ستار” البريطانيّة، حول ما وصفته سعي الرئيس كيم أون، إلى تخفيف التملّق، والتبجيل الذي يُحيط بزعامته، في إطار ما وصف “بتحديث النظام” وتزامناً مع عيد ميلاده ال 34، حيث أمر بإزالة جميع صوره من بيوت المُواطنين، قد يبدو هذا التحديث عاديّاً، لكن هل يُحدثني أحدكم عن تَرفّع حاكِم بلاده عن “التبجيل”، وهو الذي يُحدثه عن الديمقراطيّة في كُل خِطاباته، فمُنذ متى قدّم كيم جونغ أون نفسه على أنه “زعيم ديمقراطي”!