مقالات

قانون الانتخابات واحتكار السلطة

 
 
تم التصويت على تعديل قانون الانتخابات لعام 2013، المتضمنة تعديل “سانت لوكو” من 1.6 الى 1.7، وهذه فيها فائدة اضافية نسبية للقوائم الكبيرة.. واشتراط الفرز الالكتروني، وبعض الشروط الاضافية للمرشحين والتصويت الخاص، وامور اخرى لا تخلو من بعض الايجابيات، لكنها لا تخلو ايضاً من بعض المفخخات والسلبيات. المسألة الاساسية انه لم تدرج التعديلات التي طالبت بها قطاعات واسعة.. ونقصد بذلك منح فرص حقيقية لقوى جديدة لتحتل مكانها على المسرح السياسي. وهو ما تضمنته عدة مقترحات سواء لانتخابات مباشرة للمرشحين حسب دوائر صغيرة.. او لفوز المرشحين الاعلى صوتاً بغض النظر عن قوائمهم، او على الاقل اعطاء نسبة من المقاعد لهم.. وهو ما تضمنته مقترحات عديدة منها مشروع قانون مقدم من رئاسة الجمهورية، ومقترحات النائب الدكتور السيد عبد الهادي الحكيم، وكثير من القوى الاخرى.. وكنا قد تقدمنا بمقترحات تضمنتها افتتاحية 31/7/2012 بعنوان “ضياع الاصوات الانتخابية؟”، تدعو لتخصيص نسبة من المقاعد حسب نظام القوائم، واخرى يكون فيها “الفائز من يحصل على اعلى الاصوات بغض النظر عن قائمته”، مع كامل تفاصيل المقترح.
لسنا من اولئك الذين يتجاوزون فهم الظروف.. وتسليم البلاد للاستبداد او لقوى مبعثرة او صغيرة، او للارهاب والاجنبي، باستغلال شعارات الديمقراطية والحرية، او باستغلال الصعوبات والتناقضات. فالديمقراطية ليست خدعة للانقضاض على الانظمة تحت اي ظرف وباي ثمن.. او لاحتكار الحكم عبر اوراق تلقى في صناديق تعزز هيمنة الاستبداد، فرداً او حزباً او طائفة او قومية او طبقة. فرغم ان الديمقراطية ليست نظاماً مثالياً، لكنها رغم كل عيوبها وسلبياتها افضل ما انتجته التجارب السياسية لانجاز مهمتين في آن واحد: 1- فوقية من الاعلى الى ادنى، لتأسيس حكم يسعى للتقدم بالبلاد نحو مستويات اكثر امناً واستقراراً وتحقيق المنجزات الحقيقية للشعب، وبناء مؤسسات وتقاليد عمل تستطيع التعامل بمدنية ووفق القانون فيما بينها من جهة، وفيما بينها والشعب من جهة اخرى.. 2- قاعدية من الادنى للاعلى، ليمارس الشعب دوراً حقيقياً، وليس واجهياً او شكلياً او قسرياً لايصال صوته وممثليه وارادته لادارة شؤون البلاد.
بات واضحاً ان القوى التي صعدت الى السلطة بعد 2003 قد ادت الكثير من المهام والواجبات وقدمت الكثير من التضحيات في الاتجاه الصحيح.. وتمتعت، في السنوات الاولى خصوصاً، بتاييد شعبي منقطع النظير.. لكنها بعد استلامها السلطة انغمست في الكثير من الاتجاهات السلبية والخاطئة، وفشلت عموماً في التأسيس للمهمتين الفوقية والقاعدية. فلا هي تقدمت في بناء مؤسسات الحكم والدولة والمجتمع بشكل مقبول ليتسنى لها اخراج البلاد من اوضاعه الصعبة الموروثة والحالية، وتوفير الامن والخدمات والاستقرار بالطرق الاصولية، ولا هي اعادت بناء نفسها كقوى واحزاب مؤسساتية تحمل عقل الدولة والمجتمع ولها علاقات متجذرة مع الشعب وقواه المتحركة لتكون احدى قنوات التقننين والتعبئة من اعلى الى ادنى ومن ادنى الى اعلى، بفاعلية متبادلة تزيد من عوامل الفهم والرضا، وتقلل من عوامل العزلة والسخط… لذلك تفجرت الازمات، ووصلنا الى طريق مسدود، على صعيد سلامة ادارة الدولة، والعلاقات الداخلية المتبادلة، او على صعيد علاقة المسؤولين والاحزاب بقوى الشعب. مما عجز عن انجاز المهمتين كضرورتين اساسيتين لتجديد دورة النظام، وفهم الاوضاع وتقديم الحلول المناسبة، درءاً للازمات ومراكمة الاخطاء.
كان المؤمل ان يحل قانون الاحزاب بعض اشكالات المهمة الاولى، لكنه انشغل بالشكليات وأهمل البناءات الاساسية.. كما كان المؤمل ان ينجز قانون تعديل الانتخابات المهمة الثانية.. خصوصاً وان الاحزاب لم تطور بعد من مناهجها واساليبها القديمة، دون ان ننكر ان حراكاً واسعاً يدور في صفوف الكثير من هذه الاحزاب، وان مراجعات غير قليلة تجري فيها، تسعى لتصحيح مسارات عملها في الدولة او علاقتها بجماهير الشعب. وسيحكم المستقبل عن صحة وعمق هذه التوجهات او سطحيتها وبطلانها.
عادل عبد المهدي