اقتصادي

كيف يتغير النمط الاستهلاكي للعرب في رمضان؟

شهر رمضان

يشهد المجتمع العربي استعدادات من نوع خاص مع حلول شهر رمضان من كل عام، فترتفع مستويات الإنفاق ويتبدل النمط الاستهلاكي بشكل واضح لاستقبال الشهر الكريم.

وتمثل الأزمات المالية المتاليية في أغلب الاقتصادات العربية ضغطا كبيراً على قدرة المواطن العربي على انتهاج العادات السابقة في ضوء تدهور القوة الشرائية للمواطنين.

ويمثل ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية في ضوء تفاقم معدلات التضخم في العديد من الدول العربية، أكبر التحديات أمام استقبال شهر رمضان والقدرة على تلبية متطلباته.

فلسطين

  تتصدر  فلسطين مشهد الأزمات في العالم العربي، حيث يستقبل حرب مواطنوها شهر رمضان وسط  الحرب المستمرة على غزة مع مرور خمسة أشهر وتعريض حياة نحو 2.2 مليون فلسطيني لمعاناة واسعة غير مسبوقة. ولذلك، لن تكون الضغوط مقصورة على ارتفاع الاسعار، وإنما تتقدمها تداعيات الصراع.

السودان

 وفقًا لدراسة لـ “المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية”، شهد السودان تضاعف أسعار بعض السلع الغذائية الرئيسية أكثر من ثلاث مرات بسبب توقف سلاسل الإمداد وانخفاض قيمة الجنيه السوداني.

هذه التداعيات التي تسببت بها الحرب المستمرة منذ نيسان (إبريل) الماضي، مثلت ضغوطاً غير مسبوقة على المواطن السوداني، بخاصة مع استمرار النقص في السلع الأساسية، وتدمير الكثير من المصانع وتوقف الإنتاج في العديد من القطاعات.

سوريا

 سوريا تنضم أيضًاً الى القائمة، فوفقًا لبيانات الأمم المتحدة بات أكثر من 90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، في ضوء تداعيات الحرب التي تسببت في مقتل أكثر من 500 ألف وتشريد الملايين منذ اندلاعها في 2011، وهو ما انعكس على المؤشرات الاقتصادية، في مقدمتها تراجع حاد في قيمة الليرة السورية.

إعادة تقييم أولويات الاستهلاك

 وفي هذا السياق، يستعرض الباحث في الشؤون الاقتصادية مازن أرشيد   لـ”النهار العربي” تأثيرات الأزمات المالية الحالية، مؤكدًا أن الدول العربية شهدت عدداً من الأزمات الاقتصادية التي نجمت عن عوامل متعددة، بما في ذلك ارتفاع أسعار النفط للدول المستوردة له، والاضطرابات السياسية، تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي والتأثيرات الاقتصادية لجائحة كوفيد-19.

ويقول إن “هذه الأزمات أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة، انخفاض القوة الشرائية، وتآكل الادخار، ما أجبر المواطنين على إعادة تقييم أولوياتهم الاستهلاكية خلال شهر رمضان بطرق عدة”.

ويشير إلى أن هناك توجهاً متزايداً نحو البحث عن القيمة مقابل المال، اذ يفضل العديد من المستهلكين شراء المنتجات ذات الأسعار المعقولة والعروض الترويجية بدلاً من السلع الفاخرة أو غير الضرورية.

علاوة على ذلك، لوحظ اتجاه متزايد نحو الاستثمار في الاقتصاد التشاركي ومبادرات التوفير المجتمعي، ففي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، شهدت بعض المجتمعات تنظيم فعاليات مشتركة للإفطار الجماعي تهدف إلى تقليل التكاليف وتعزيز روح التعاون والتكافل بين الأفراد.

ويوضح أرشيد أن الوضع الاقتصادي أدى أيضًا إلى تغيرات في السلوكيات الاستهلاكية المتعلقة بالتبرعات والزكاة. فعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، يظل العطاء جزءًا لا يتجزأ من شهر رمضان، ومع ذلك، بات المستهلكون أكثر تركيزًا على كيفية توجيه تبرعاتهم ومكانها، اذ يفضل الكثيرون دعم المبادرات المحلية التي توفر المساعدة المباشرة للمحتاجين في مجتمعاتهم.