اقتصادي

لماذا تتفاءل الشركات الخليجية بالمستقبل أكثر من غيرها؟

مشهد جوي لمدينة دبي

وسط أوضاع اقتصادية وأزمات عالمية مربكة، تبدو الشركات الخليجية أكثر تفاؤلاً في ما يخصّ أعمالها في عام 2024، بخاصة في ظلّ مساعيها لمضاعفة حجم أعمالها وتجارتها، مستمدةً جانباً كبيراً من تفاؤلها من التقنيات التي تعمل على تحسين كفاءة سلسلة التوريد ومرونتها.

تناولت دراسة سنوية لـ”التجارة في مرحلة انتقالية”، أعدّتها “موانئ دبي العالمية” وأشرفت عليها مجلة “إيكونوميست إمباكت”، وجهات نظر خبراء التجارة وكبار المسؤولين التنفيذيين على مستوى العالم.

وتوصلت الدراسة إلى أنّه في ظلّ التحوّل الذي تشهده دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، تركّز الشركات على تنويع شبكاتها بعيداً من الوقود الأحفوري، وعلى زيادة الصادرات إلى أسواق جديدة في عام 2024.

وتسعى هذه الشركات إلى جعل شبكاتها أكثر تنوعاً، وإلى بيع المزيد من المنتجات في أسواق جديدة، بما يساعدها في معالجة المشكلات، وتقليل المخاطر وتسريع بدء البيع في الأسواق الجديدة، اذ يُعتقد أنّ نحو 57% من الشركات ستزيد مبيعاتها بنسبة 10% أو أكثر في عام 2024. كما تعتقد نسبة 40% من الشركات أن ّعمليات الشراء ستزيد بنسبة 10% أو أكثر.

ووجد الاستطلاع العالمي أنّ التقنيات التي تعمل على تحسين كفاءة سلسلة التوريد ومرونتها، هي مصدر التفاؤل الرئيسي لدى ثلث قادة الأعمال عند تقييمهم لمستقبل التجارة العالمية.

وأفادت الدراسة بأنّ الشركات تستفيد من الذكاء الاصطناعي لتقليل تكاليف التجارة، وتمكين موارد أفضل، وتخطيط سلسلة التوريد، والحدّ من الاضطرابات. ويستخدم نحو ثلث الشركات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطلب، في حين تستخدمه نسبة 33% منها في تحسين مستويات المخزون، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الإماراتية.

كما أظهرت الدراسة أنّ الشركات تخطّط لدمج الأتمتة المتقدّمة بنسبة تصل إلى 35%، فيما تعوّل على الواقع المعزّز أو الافتراضي بنسبة 31%، والطباعة الثلاثية الأبعاد وتكنولوجيا “البلوك تشين” بنسبة 26% و20% على التوالي، وذلك من أجل تعزيز الكفاءة وإمكان التتبع وأمن حماية البيانات، كما استخدمت نسبة 36% من الشركات تقنية البلوك تشين للمرّة الأولى.

وتتعامل الشركات بشكل استراتيجي مع المخاطر الجيوسياسية المتزايدة من خلال الاعتماد على التحالفات والموارد الثنائية بنسبة 44%، مقارنة بنسبة عالمية تبلغ 36% فقط، وكذلك الاعتماد على إنشاء سلاسل توريد موازية بنسبة 35%، والتوسّع في أسواق محايدة بنسبة 28%، وهذه التوجّهات مدفوعة بالرغبة في خفض تكاليف النقل والحدّ من اضطرابات سلسلة التوريد.

وبحسب التقرير، اختارت ربع الشركات الاعتماد على عدد أقلّ من الموردين، ويظلّ التنويع هو النهج الأكثر رواجاً لإعادة رسم التوزيع الجغرافي، اذ تستخدمه نسبة 43% من الشركات لبناء سلاسل توريد مرنة.

وذكر 34% من المديرين التنفيذيين أنّ إنشاء سلاسل توريد “ثنائية/متوازية” لتعزيز المرونة والتوافق، مدعومة بنهج أكثر إقليمية لسلاسل التوريد، هو الإستراتيجية الأكثر فعالية لتقليل التكاليف الإجمالية في التجارة وسلسلة التوريد.

وتواجه الشركات تحدّيات كبيرة في التصدير والاستيراد بسبب الشكوك المحيطة بالتعريفات الجمركية، اذ أعربت نسبة 26% منها (مقارنة بنسبة 20% عالميًا) عن مخاوفها بشأن مستقبل الصادرات مقابل نسبة 18% في ما يتعلق بالواردات. وتشمل التحدّيات الأخرى زيادة التضخم وعدم اليقين الاقتصادي، ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المدخلات بنسبة 25%، وعدم الاستقرار في أسواق المصدر الرئيسي بنسبة 22%.

وعلى الرغم من زيادة التكاليف، تحافظ الشركات على مخزون إضافي كبير في مواجهة الاضطرابات الجيوسياسية الحالية، اذ تقوم نسبة 45% من المديرين التنفيذيين بدمج أوقات احتياطية إضافية تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر ضمن سلاسل التوريد الخاصة بهم، وهي أعلى نسبة بين جميع المناطق التي شملها الاستطلاع.

وقال عبدالله بن دميثان، المدير التنفيذي والمدير العام لـ “دي بي ورلد” في دول مجلس التعاون الخليجي: “مع دخولنا إلى ساحة المشهد الجيوسياسي والاقتصادي المتطوّر لعام 2024، تعمل الشركات على مواءمة إستراتيجياتها مع المبادرات القائمة؛ مثل أجندة دبي الاقتصادية D33 ورؤية المملكة 2030، للاستفادة من الأسواق الجديدة وتعزيز فرص التجارة”.

وأضاف أنّ الدراسة تؤكّد الدور الحاسم للتكنولوجيا في تعزيز سلاسل التوريد، والتنبؤ بالاضطرابات؛ اذ أنّ اعتماد التكنولوجيا الناشئة لا يقتصر على مواجهة التحدّيات فحسب؛ بل يتعلق بالمرونة والقدرة على التكيّف والالتزام الراسخ بالابتكار، لرسم مسار النجاح في المستقبل.