مقالات

(مات ولم يرحل)

حسن فليح / محلل سياسي

تلقينا جميعا نباء وفاة شاعرنا الكبير مظفر النواب ببالغ الأسى والحزن العميقين ، انه شاعر ألشعب ولسان حاله وشاعر الغربة والترحال سكت نبض مظفر النواب ولم تسكت كلماته واثرها في نفوس وضمائر العراقيين ، تاركا أرثا أدبيا وثقافيا زاخرا سيضل عائشا بيننا أمد الدهر ولن يتوقف الريل بحمد ولازال بالمرصاد وليالي البنفسج ستبقى تحكي حبا صادقا وابديا ولن يذهب سدى ومنجل صويحب لن يتوقف عن مداعاته بتحقيق الأهداف وسيضل عنوان مسيرة نضال تعفرت بدماء الشهداء لقضية وطنية خالدة ، مات شاعرنا الكبير ولم يرحل عن ذاكرتنا مخلفا تاريخا نضاليا طويلا ومشهودا من سجن نگرة السلمان حتى منفاه ومحطات رحلته الطويلة والشاقة خارج الوطن ، عاد من غربته جثة في تابوت وبالرغم من ذلك لم يمنعه الموت إن يذكي ويحفز نضال العراقيين لحظتها من جديد بمشهد بطولي جسد صورة الرفض الشعبي للمهزلة السياسية وماتمخض عنها عبر الأعوام العجاف التي عاشها شعبنا مع تجربة مريرة أودت بحياة الكثير من العراقيين وسرقة أموالهم و بددت ثرواتهم ومزقت وحدتهم وهددت مستقبلهم منذُ السقوط والى يومنا هذا ، تجلى ذلك عبر الهتافات وضرب مواكب المسؤولين الحكوميين و السياسيين بالأحذية و الحجارة معبرين عن رفضهم وسخطهم من الحكومة والاحزاب بهتافهم المدوي ( مظفر للشعب مو للحرامية) عاش شعبنا وعاش مظفر شاعرا ومناضلا وطنيا شريفا حمل هموم شعبه حتى أخر لحظات مسيرته لم يساوم ولم يمدح رئيسا أو مسؤولا حكوميا طيلة حياته على العكس تماما كان لكلمات قصائده كالرصاصات على الرؤساء والزعماء العرب ومتحديا لهم ، ولن يتنازل يوما ما عن مبادئه ورحل رمزاً وطنياً شامخاً ولم يمت وسيبقى عالقاً في عقول العراقيين جميعاً .