مقالات

ماذا تَبقَّى للأُردني حتى لا “يَثور” في دَولةٍ رأس مالها “الأمن والأمان”؟!

 
خالد الجيوسي
“الأمن والأمان” هو رأس مال المملكة الأردنيّة الهاشميّة، وعليه يتحمّل الجميع، وتحديداً الطبقة الوسطى، والفقيرة جميع التراكمات الاقتصاديّة، لأجل خير البِلاد، ومنعتها، والحِفاظ على جبهتها الداخليّة، ونحن نقول الطبقة الوسطى والفقيرة، لأن هؤلاء وحدهم، من تدفع جُيوبهم، ثمن بقاء الأردن اقتصاديّاً، فالحُكومة كُلّما “حُشرت”، بدأت باستنزاف المُواطن، بحُجّة “الاعتماد على الذات”، ورحيل أيّام المُساعدات، وهي في المُقابل ستظل تُمارس رفاهيّتها.
على وقع التراكمات الاقتصاديّة، أعلن الأردنيون، تعاطفهم مع لُصوص البنوك، في حادثتين “مُتناقضتين”، واحدة في مِنطقة راقية عبدون، والأخرى المُعدمة في الوحدات، هؤلاء تعاطفوا ليسوا لأنّهم “لُصوص”، بل لأنّهم يُشاهِدون لُصوص “الخَمس نُجوم”، والذين تَعجز الحُكومة عن القبض عليهم، فليس أفضل من أن تُباهي قوّات الأمن بالقبض على هؤلاء لُصوص النجمة الواحدة، ولكن على حُكومة تلك القوّات، جَلبْ من فَرّوا هاربين إلى الخارج بأموال الشعب، على الأقل حتى يُصبح تحذير الأمن من التّعاطُف مع اللّصوص المَحلّيين أمراً مُقنعاً، ويَشعر الأردني بحالة “تساوي اللصوص” في ميزان عدل الدولة.
من المُؤسِف، أن يَتحوّل الأُردنيون إلى آكلي لُحوم البشر، وهذا ما يتم رَصده في بعض حالات التعامل اليومي، فكُل صاحب صنعة، أو بائع، أو حتى مُوظّف، لا يُمكن ونحن لا نُعمّم، أن يُقدّم خدماته دون “التطلّع″ إلى زيادة، قد يَأخدها من طالِب الحاجة بالطُّرق المَشروعة، وغير المَشروعة، وهذا قد يلحظه من يسكن على الأراضي الأردنيّة، بحُكم التعامل اليومي مع الناس. في تِلك البلاد.
كُنّا في كتاب “التربية الوطنيّة” في المدرسة، نُعدّد أسباب انتشار الجريمة في الدولة، وكانت من أبرز تلك الأسباب، الغلاء وارتفاع الأسعار، وعدم قُدرة المسؤول على إحداث توازن بين الرواتب، وسعر السلع في الأسواق، هذا بالإضافة إلى عدم تحقيق العدالة الاجتماعيّة، وانحسار هيبة الدولة.
كل هذه الأسباب مُجتمعة، ومُتواجِدة في بُنيان الدَّولة الأردنيّة، وبكُل تأكيد ستنتشر الجريمة، وليس أكبر دليل على هذا، إلا سرقة البُنوك، وكأننا في أحد الأفلام الهوليوديّة، وتنقّل فارضي “الأتاوات” على أصحاب المَحال التجاريّة، وكأن لا دولة، ولا قانون في بلاد، المفروض أن رأس مالها الوحيد، “الأمن والأمان”!
لا عَجبْ، إن ثارَ المُواطِن الأُردني هذه المرّة على حُكومته، ونحن نتحدّث عن “ثورة” طويلة الأمد في الشوارع، وليست لحظيّة تمتد لساعتين، وتنفض، المُواطن الأُردني كرامته عالية، وجَبينه مَرفوع، ووحده “الأمن والأمان” من يَردعه عن ثورة مُدويّة تحفظ له حُقوقه التي تضربها حُكومته عرض الحائط لأنها اعتادت صمته، وربّما تظاهراته المُؤقّتة، وإن غاب الأخير أي “الأمان”، ماذا تَبقّى للأُردني حتى يَخشى عليه؟