مقالات

ما الذي ينتظر فلسطين بعد جون بلتون؟

 
صابر عارف
عين الاسبوع الماضي الرئيس الامريكي دونالد ترامب المتغطرس، رمزا وعنوانا بارزا من عناوين الغطرسة العنصرية الامريكية الأشهر والأبرز في التاريخ الامريكي المعاصر الا وهو جون بلتون الذي أصبح مسؤولا عن الأمن القومي الامريكي.الموقع الأخطر، الذي وصفه أحد المواقع البريطانية بأنه يميني متشدد ومستفز ووقح ومنفلت، ومتهم بأنه كان من المتلاعبين في أكذوبة أسلحة الدمار الشامل المزعومة في العراق.
بولتون هذا ليس رجلا سياسيا عنصريا عاديا وليس مواطنا امريكيا عنصريا عاديا كبقية الامريكيين البيض العنصريين الاخرين الذي غالبا ما يعبرون عن عقدهم وعنصريتهم تجاه فرد او امة ما لسبب ما، يكون قد أساء لهم وترك أثره في نفسيتهم أو في النفسية الامريكية عامة، اما ان تجد بولتون معاديا لأمم العالم بعد ان قال كما نشر موقع ميدل إيست عام 1994، “لا توجد أمم متحدة. هناك مجتمع دولي يمكن قيادته من وقت لآخر بالقوة الوحيدة الحقيقية المتبقية في العالم، وهي الولايات المتحدة الامريكية. رجل يجاهر ليلا ونهارا بعدائه لامم الارض، ككوريا وايران والعرب اجمعين وخاصة الفلسطينيين، ويدعوللتعامل مع روسيا بقوة فانه حتما ليس طبيعيا وليس عاديا ابدا، انه الصقر المحافظ الذي احتل مكانا بارزا في إدارة الرئيس السابق جورج بوش، المدافع القوي عن النفوذ الأمريكي والمؤيد لإرساء هذا النفوذ في الخارج بقوة، ورائد الضربات الاستباقية كما كان في العراق. يبرر اليوم ضرب كوريا الشمالية قائلا “إنه أمر مشروع للولايات المتحدة أن تبادر بالهجوم ردا على تهديد السلاح النووي من قبل كوريا الشمالية”. كما يبرر قصف ايران ويعتبره الحل الوحيد، فقد انتقد بولتون إدارة الرئيس السابق باراك أوباما لموافقتها على الاتفاق النووي مع إيران في عام 2015. “. وفي مارس/ آذار 2015، قبل الموافقة على الاتفاق، كتب في صحيفة “نيويورك تايمز″، قائلا إن “الحل العسكري هو الوحيد لهذه المشكلة، والوقت المتاح محدود ولكن مازالت هناك فرصة لنجاح هجوم، ومثل هذا الإجراء يجب أن يواكبه دعم أمريكي قوي للمعارضة الإيرانية بهدف تغيير النظام في طهران”. وهذا ما اكده مؤخرا وزير الحرب الصهيوني موفاز في مؤتمر نظمته صحيفة “يديعوت أحرونوت” في القدس″ حيث قال “أنا أعرف جون بولتون من الفترة التي كان فيها سفيراً للولايات المتحدة في الأمم المتحدة. لقد حاول إقناعي بأن إسرائيل بحاجة إلى مهاجمة إيران”!! .
.
كان العام 1991م عاما فاصلا في تاريخ البشرية الحديث، عندما أسقطت الإمبراطورية السوفياتية بفعل الفاعل الامبريالي الامريكي الذي استند على الغورباتشوفيين الروس ، كما كان يوم 16 ديسمبر من نفس العام. يوما فاصلا عندما حمل بولتون بنفسه القرار الامريكي بالغاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3379، الذي اعتمد في 10 نوفمبر 1975 م بتصويت 72 دولة بنعم مقابل 35 بلا، الذي حدد ” أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري. وطالب القرار جميع دول العالم بمقاومة الأيديولجية الصهيونية التي تشكل خطرًا على الأمن والسلم العالميين.حسب نص القرار،
ذلك القرار الذي صاغه نائب وزير الخارجية الأميركي لورانس ايغلبرغر بسطر واحد، والخالي من اي مقدمات او مبررات لتاكيد الاستخفاف والهيمنة الامريكية على هيئة الامم المتحدة التي قررت نبذ الحكم الوارد في قرارها رقم 3379 “.
كان بولتون المفرط باعجابه بالصهيونية العالمية وقاعدتها اسرائيل الاحتلال والاغتصاب بطل هذا الالغاء الذي اعتبره العدو الصهيوني الى جانب الولايات المتحدة نصراً تاريخيا وهو كذلك ، وكانت محطة تاريخية فاصلة قولا وفعلا، واصبحت اسرائيل بذلك دولة فوق القانون الدولي وخارج اي رقيب او حسيب .
تعيين جون بولتون مستشارا للأمن القومي الأمريكي بعد نجاح ترامب رئيسا، اعتقد بانه تاكيدا لمرحلة تاريخية جديدة في الحياة والتطور الامريكي ، أظنها ما بعد وما فوق مرحلة التطور الراسمالي الامبريالي التي ستهدد بافكار ومعتقدات بولتون ومن قبله ترامب مصير ومستقبل العالم كله وستؤدي إلى خلق “واقع مدمر” عالميا.
هذا ما سيكون عالميا، أما على المستويين الاسرائيلي والفلسطيني فسيكون الامر مختلفا جدا، فبولتون يزايد على ترامب بعشقه لاسرائيل، وبقناعته بموت ورفض حل الدولتين، وهو الحل الوحيد الذي كان مطروحا عالميا وامريكيا قبل ترامب، فهذا الرجل لديه تاريخ عريق في معاداة فلسطين، منذ أن كان في الأمم المتحدة وسيؤدي في منصبه الجديد إلى زيادة التشدد في الموقفين الأمريكي والإسرائيلي تجاه القضية الفلسطينية.
كان الترحيب الإسرائيلي بتعيين بولتون واضحا، فقد طغت الفرحة والبهجة على الاوساط كافة، فقالت أيليت شاكيد، اليمينية المتشددة من حزب “البيت اليهودي” في بيان لها “يواصل الرئيس الأمريكي ترامب تعيين أصدقاء حقيقيين لإسرائيل في مناصب عليا، جون بولتون أحد البارزين منهم، ويتمتع بخبرة واسعة ولديه تفكير أصيل استثنائي”.
و”هذا تعيين ممتاز.. لقد اتضح أن إدارة ترامب هي الأكثر ودية لإسرائيل على الإطلاق”.
هذا هو بولتون المعروف بأنه مدافع قوي عن النفوذ الأمريكي ومؤيد لإرساء هذا النفوذ الهيمنة في الخارج وبقوة وعبر الضربات الاستباقية ، وهو الذي لم يتراجع قط يوماعن مواقفه!!. فما الذي ينتظر فلسطين والعرب في قادم الايام؟؟!!