أ. د. علي الهيلفي
اتصاله مع الرئيس الروسي تحدث الرئيس الأمريكي عن ما وصفه “بالوضع الخطير” في كوريا الشمالية. لا يبدو هذا الحديث متٌسقا مع حديث وزير الخارجية الأمريكي مع نظيره الصيني عن أنٌ أمريكا مستعدة للدخول في مفاوضات مباشرة مع كوريا الشمالية من غير شروط مسبقة. بَيْدَ أنه لكي تحفظ أمريكا ماء وجهها طلبت من الصين أن تطلب من كوريا الشمالية “تحسين سلوكها.”على الأرجح أن البيت الأبيض وصلته معلومات أن بيونغ يانغ لن تقبل المقترح الأمريكي رغم التنازل الذي أبدته أمريكا الخاص بالشروط منها تخلي بيونغ يانغ عن أنشطتها النووية و الصاروخية أو إيقاف إستفزازها لأمريكا و حلفائها. ما من في أن المقترح الأمريكي يعد تغيرا نوعياٌ في الموقف الأمريكي المتعنت المعلن على الأقل إزاء أي مفاوضات مع بيونغ يانغ.قطعاٌ؛ لولا تواصل الأنشطة النووية و الصاروخية لبيونغ يانغ بثقة عالية و بإصرار قوي و لولا تأكٌد واشنطن من أن كوريا الشمالية على الأرجح قد غدت دولة نووية و لولا الصاروخ الباليستي الأخير العابر للقارات الذي واضح أنه أصاب أمريكا و حلفائها في مقتل مرير لأن كاليفورنيا و قبلها جزيرة جوام معكم عن اليابان و كوريا الشمالية قد باتت في مرمى صواريخ بيونغ يانغ-لولا ذلك كله لَما تغير الموقف الأمريكي. إضافة إلى ذلك يبدو أن أن أمريكا ستتدرج في تعاملاتها فهذا التنازل هو جس نبض لبيونغ يانغ و أمريكا تدرك جيداً أن كوريا سترفضه فارضةً شروطها هي منها رفع الحصار كلياً و الإحتفاظ بسلاحها النووي و الصاروخي. لا أستبعد أن ترضخ أمريكا لشروط بيونغ يانغ و تطلب من الصين أن تطلب من بيونغ يانغ أن “تحسن سلوكها.” فقط لحفظ ماء الوجه فهي الدولة العظمى.يذكرني التنازل الأمريكي الأخير بحكاية كانت تحكيها لي أمي في صغري أن أسداً كان يخيف كل حيوانات الغابة فجاءته بعوضة و حلت على عينه و ظلت تقرصه و تلدغه و الأسد يحاول النيل منها فهو ملك الغابة. بيد أنه لم يستطِع ظل يدور حول نفسه و البعوضة تزيده لدغاً إلى أن داخ و سلم للأمر إلواقع و حيوانات الغابة يتشمتون عليه و يحيٌون البعوضة التي فعلت بالأسد ما لم يجرؤوا على فعلت هم. هكذا تبدو أو ستبدو أمريكا.بدورها بيونغ يانغ تدرك أن أمريكا قد أُسقط في يدها فهي لا تجرؤ على شن عمل عسكري ضدها رغم التظاهر بالقوة من خلال مناوراتها العسكرية و جعجعة خطابها السياسي المتحفظ الذي سئم منه حلفاؤها. اليوم الرئيس الروسي حذر أمريكا من أي عمل عسكري ضد بيونغ يانغ و قال إن صاروخا واحدا إذا ما أطلقته بيونغ يانغ على أمريكا فسيؤدي إلى نتائج كارثية.يبدو أن إيران هي الصداع الآخر من الجهة الشرقية من القارة الآسيوية الذي بات يؤرق أمريكا. ثمة تشابهات بين الصداعين الإيراني و الكوري الشمالي. قطعاَ؛ التعاون بين كوريا الشمالية و إيران يكاد لا يخفى.كما أوجع الصاروخ الباليستي لبيونغ يانغ العابر للقارات أمريكا و حلفائها الصاروخ الباليستي الإيراني إفتراضاً (من المتشابهات بين إيران و كوريا الشمالية) الذي أُطلق من اليمن على الرياض و نزل دون مطار الملك خالد الدولي (الباليستي الكوري الشمالي تم إسقاطه في بحر اليابان) في رسالة مدوية واضحة “أن الحوثيين قادرون على الوصول لعاصمتكم” أوجع أمريكا و حلفائها. إيران تعلمت من درس العراق في عهد الرئيس الراحل صدام حسين و الآن تتعلم إيران من صبر بيونغ يانغ و صمودها في وجه أمريكا.صدقوني كما نجحت بيونغ يانغ ستنجح إيران و كما ستنتصر بيونغ يانغ على أمريكا بدون حرب عسكرية ستنتصر إيران بالمثل. المؤشرات واضحة و التوقعات كذلك. في السياق ذاته؛ تصريح السيدة هيلي مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة عن أن بلادها أثبتت أن الصاروخ الباليستي الذي أطلقه الحوثيون كما يُرجح على الرياض و اعتبرت إيران ما عرضته المندوبة الأمريكية مزيفاً-يُرجح أن يكون محاولة لصرف الرأي العام عن مصدر القلق الأمريكي الحقيقي و هو بيونغ يانغ
ما هو “الوضع الخطير” في كوريا الشمالية؟
التعليقات معطلة.