مقالات

مطالبة عراقية بالتحري عن مؤسسي الإرهاب ومموليه 

د. محمد رياض حمزة

نوه رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي بالسعي الى تجريم كل من مول وساند داعش دولياً»، كاشفاً عن «اعداد مسودة مشروع قرار في مجلس الامن ستعرض خلال اجتماعاتنا في نيويورك لفضح داعش وكل الجهات التي مولت الجماعات الارهابية وساندتها”. جاء ذلك من خلال مؤتمره الصحافي الاسبوعي، الذي بثته الفضائية العراقية يوم 12 /9 / 2017 ونقلته الصحف العراقية الصادرة في اليوم التالي.
منذ عام 2003 نشط تنظيم القاعدة في العراق فنفذ انفاره الآلاف من العمليات الإرهابية التي تمثلت بالمركبات المفخخة وتفجيرات الانتحاريين والاغتيالات بالكواتم…. وبكل أساليب الغدر التي استهدفت العراقيين العزل الأبرياء في الشوارع والأسواق والمقاهي والمساجد وفي أي تجمع. ليقعوا أكبر عدد من القتلى. وراح ضحية تلك العمليات الإرهابية عشرات الآلاف القتلى من العراقيين الأبرياء. وخلفت تلك العمليات الإجرامية أيتاما وثكالى وأرامل. ذلك قبل اجتياح بهائم داعش محافظة نينوى وتمدد قطعانها إلى معظم مدن وأقضية ونواحي محافظات الأنبار وصلاح الدين وأجزاء من ديالى وكركوك.
وبدأ فصل جديد من تمويل وتسليح جيش إرهابي يَعُدُ بعشرات الآلاف لمسك الأرض التي نجسوها في ثلث العراق. وقتها كان عدد من وسائل اعلام عربية وخليجية مهللة وداعمة لداعش توثق جرائمهم على إنها “مقاومة مسلحين” فتُبارك قتل العراقيين بنفس طائفي بغيض مفضوح. وكان خطباء الجوامع في غرب العراق وفي دول الجوار، في كل جمعة وعلى مرأى ومسمع الحكومات الخليجية والعربية يتضرعون لنصرة ” المجاهدين” في العراق. ويعتبرون هدر الدم العراقي صك ثواب للفوز بالجنة. وكان مصدر التحريض الدعاة التكفيريين.
” داعش ” و ” القاعدة” المسميان الأكبر في الإرهاب. هذان التنظيمان ما كان يمكن أن يؤسسا جيشا يتوسع ويحتل محفظات في سورية أولا ثم العراق إلا بدعم وتعبئة وفتح حدود وتدريب بعلم وموافقة حكومات. وقبل ذلك كان هناك تنسيق بين حكومات دول بدأ منذ 2011. وتم تقسيم الأدوار على التمويل الذي تجاوز عشرات المليارات من الدولارات ومن أكثر من مصدر، تمثل بحكومات ومسؤولين ومثرين ومؤسسات، لتغطية نفقات التسليح والتموين والإيواء ثم التدريب على تأسيس كيان دولة. كما عمل مسؤولون في دول الجوار على وضع القوانين المنظمة للقيادة والإدارة وتطبيقها على الناس في الأرض التي نجسها قطعان القاعدة وحلفائها ثم داعش وتابعيها.
فالتمويل بالحجم الذي يؤسس جيشا تعداده عشرات الآلاف وبأحدث الأسلحة ليس مصدره فقط، انفار مثرون أو مؤسسات خاصة. إنها حكومات دول ذات فوائض مالية. وأن من السذاجة أن يتصور من يحاول التنصل عن تمويل الإرهاب أنه سيُوهم أو يُنسيْ العراق أن المليارات من المال التي انفقت وتواصل إنفاقها على القاعدة وداعش وعشرات العصابات الإرهابية الأخرى مصدرها واحد.
إن الممولين حكومات نسقت وعملت على تقسيم الأدوار ليتمكن الإرهابيون بفصائلهم وبمختلف مسمياتهم من الاجتياح والسيطرة ومواصلة القتال. فدولة فتحت حدودها وآوت على ارضها بهائم وقطعان داعش لسنتين قبل اجتياح سورية ثم العراق.
وأخرى مولت التسليح وثالثة تبرعت بالدعم اللوجستي ورابعة يسرت على المثرين من شراذم مواطنيها بمصادر تمويل مضافة باسم الجهاد بالمال. وعدد من القنوات الفضائية تطوع مرتزقتها الاعلاميون بنشر انتصارات الدواعش وإخفاء جرائمهم قبل تفجر الازمة الخليجية.
ساذج وأبله من يتصور أن مخابرات الدول الكبرى لا تعرف من أسس ومول ويمول الإرهاب. وبالرغم من أن إرهاب داعش طال مواطني دول أوروبية فإن حكومات بريطانيا وفرنسا واسبانيا وألمانيا واسبانيا التي نفذ شراذم داعش عمليات إرهابية في مدنها وقتل العشرات من مواطنيها الأبرياء لم تتقدم بخطوة واحدة لمجلس الأمن الدولي لتشكيل لجنة محايدة مستقلة تحقق وتتحرى عن كل من ساهم في تأسيس التنظيمات الإرهابية بكل مسمياتها ليدان الضالعون بتمويل الإرهاب باسم الإسلام. فتمويل الإرهاب ليس مصدره دولة واحدة.فإنها التفاتة سيادية مباركة من لدن حكومة العراق الاتحادية بالتوجه لمجلس الأمن الدولي والطلب بتشكيل لجنة أممية تحقق في تمويل وإيواء وتسليح وتدريب ودعم الإرهاب بكل فصائله ومسمياته سواء أكانوا أفرادا أو مؤسسات أو حكومات.
ومن يعارض هذا المسعى لهو ضالع في الإرهاب. ومن حق العراق المطالبة بالتعويض المالي عن قتلى مدنيين أبرياء تجاوز عددهم مائة ألف شهيد وتركوا أيتاما وثكالى وأرامل ومعاقين وتدميراً شاملاً للبنى التحتية لآلاف المدن والأقضية والنواحي والقرى في محافظات الأنبار ونينوى وطلاح الدين وكركوك وديالى.
مثال لقرينة جنائية: فقضية لوكربي التي صنفت بأنها قضية جنائية ضد من دبر إسقاط طائرة ركاب أميركية تابع لشركة طيران “بان أمريكان” أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي في اسكتلندا سنة 1988 وقتل 270 راكبا. وبعد تحقيق مشترك إمده ثلاث سنوات من قبل المخابرات البريطانية والأمريكية تم توجيه التهمة لليبيا في عام 2001. وفي عام 2003 قبل القذافي دفع مبلغ 2.7 مليار دولار تعويضات لأسر الضحايا.ومنذ 2003 وحتى ا ليوم … حيث يتواصل تطهير ما تبقى من أرض عراقية من نجس الدواعش. تمكنت القوات المسلحة العراقية من ألقاء القبض على أعداد كبيرة من قطعان القاعدة وداعش، بينهم قياديون، فإن اللجة الأممية سيتيسر عليها التحقيق والتحري باستجوابهم وتحديد مسؤولية تأسيس وتمويل وتسليح وإيواء وتموين وتدريب وإسناد الإرهاب. ليأخذ كل ذي حق حقه.